من هو الإمام البخاري؟

محمد بن علي بن جميل المطري

هو الحافظ النقَّاد شيخ الإسلام جبل الحفظ إمام الدنيا أبو عبد الله محمد بن إسماعيل بن إبراهيم بن المغيرة بن بردزبة البخاري.

  • التصنيفات: تراجم العلماء -

 

 

هو الحافظ النقَّاد شيخ الإسلام جبل الحفظ إمام الدنيا أبو عبد الله محمد بن إسماعيل بن إبراهيم بن المغيرة بن بردزبة البخاري.

ولد رحمه الله في بخارى مدينة في أوزبكستان حالياً سنة 194 هجرية في يوم الجمعة بعد الصلاة لثلاث عشرة ليلة خلت من شهر شوال سنة أربع وتسعين ومائة.

نشأ يتيما في حجر أمه، وأقبل على طلب العلم والحديث من صغره، روى الفِرَبْري عن محمد بن أبي حاتم ورَّاق البخاري قال: سمعت البخاري يقول: أُلهمتُ حفظ الحديث وأنا في الكُتَّاب، قلت: وكم أتى عليك إذ ذاك؟ قال: عشر سنين أو أقلَّ، فلما طعنت في ست عشرة سنة حفظت كتب ابن المبارك ووكيع، وعرفت كلام هؤلاء، يعني: أصحاب الرأي، ثم خرجت مع أمي وأخي إلى الحج, فلما طعنت في ثمان عشرة سنة صَنَّفْتُ كتاب قضايا الصحابة والتابعين، ثم صَنَّفْتُ التاريخ بالمدينة عند قبر النبي ، وكنتُ أكتبه في الليالي المقمرة، وقلَّ اسمٌ في التاريخ، إلا وله عندي قصة، إلا أني كرهتُ أنْ يطول الكتاب.

سمع الحديث أولا مِنْ أهل بلده، ثم حج مع أمه وأخيه وعمره ستة عشر، وبقي في الحجاز لطلب علم الحديث، فسمع بمكة والمدينة، ثم رحل إلى أكثر مُحَدِّثي الأمصار في خراسان، والشام، ومصر، ومدن العراق، وكان عدد شيوخه الذين سمع منهم الحديث ألف وثمانين شيخا، وكان آية في الحفظ والذكاء، وشهد له مشايخه بسعة العلم والإتقان. [1]

قال أبو الأزهر: كان بسمرقند أربعمائة محدثٍ، فتجمَّعوا وأحبوا أنْ يُغالطوا محمد بن إسماعيل؛ فأدخلوا إسنادَ الشام في إسنادِ العراق، وإسنادَ اليمن في إسنادِ الحرم، فما تعلقوا منه بسقطة، لا في الإسناد، ولا في المتن! [2]

وقال محمد بن أبي حاتم -ورَّاق البخاري-: قلت لأبي عبد الله محمد بن إسماعيل: تحفظ جميع ما أدخلت في المصنف، قال: لا يخفى عليَّ جميع ما فيه. [3]

وقال محمد بن حمدويه: سمعت البخاري يقول: أحفظ مائةَ ألفِ حديثٍ صحيحٍ, ومائتي ألفِ حديثٍ غيرِ صحيحٍ. [4]

وقال أبو سهل محمود بن النضر الشافعي: دخلت البصرة والشام والحجاز والكوفة ورأيت علماءها، فكلما جرى ذِكْرُ محمد بن إسماعيل فَضَّلُوه على أنفسهم. [5]

وقال الحافظ موسى بن هارون الحمال: لو أن أهل الإسلام اجتمعوا على أن ينصبوا مثل محمد بن إسماعيل آخر ما قدروا عليه. [6]

وقال صالح بن محمد جزرة الأسدي: كان أحفظهم للحديث. وكنت أستملي له ببغداد فبلغ من حضر المجلس عشرين ألفاً. [7]

وقال الحافظ أبو العباس الفضل بن العباس: جَهَدْتُ كل الجَهْدِ على أنْ آتي بحديثٍ لا يعرف البخاري فما أمكنني! [8]

وقال أبو بكر الكلذواني: ما رأيت مثل محمد بن إسماعيل، كان يأخذ الكتاب من العلم فيطلع عليه اطلاعة، فيحفظ عامة أطراف الحديث من مرة واحدة!! [9]

وقال الإمام الترمذي: لم أر بالعراق ولا بخراسان في معنى العلل والتاريخ ومعرفة الأسانيد أعلم من محمد بن إسماعيل. [10]

وقال إمام الأئمة محمد بن إسحاق بن خزيمة: ما رأيت تحت أديم السماء أعلم بحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم وأحفظ له من محمد بن إسماعيل. [11]

ولم يكن البخاري محدثا فقط، بل كان حافظا لكتاب الله عارفا بتفسيره فقيها مجتهدا، ومن يطلع على أبواب صحيحه يعلم قدر فقهه ودقة استنباطه.

قال يعقوب بن إبراهيم الدورقي: محمد بن إسماعيل فقيه هذه الأمة. [12]

وقال مثله نعيم بن حماد: محمد بن إسماعيل فقيه هذه الأمة. [13]

وقال صالح بن محمد جزرة الأسدي: ما رأيت خراسانياً أفهم من محمد بن إسماعيل. [14]

وكان البخاري صابرا زاهدا شاكرا كريما، وكان يتجنب السلاطين ولا يدخل عليهم. [15]

 وكان البخاري عابدا يختم في شهر رمضان في النهار كل يوم ختمة، ويقوم بعد التروايح كل ثلاث ليال بختمة. [16]

قال محمد بن أبي حاتم الوراق: كان البخاري يصلي في وقت السحر ثلاث عشرة ركعة. [17]

وقال سليم بن مجاهد: ما رأيت بعيني منذ ستين سنة أفقه، ولا أورع، ولا أزهد في الدنيا، من محمد بن إسماعيل البخاري . [18]

وقال محمد بن أبي حاتم: دُعي البخاري إلى بستان بعض أصحابه، فلما صلى بالقوم الظهر قام يتطوع، فلما فرغ من صلاته رفع ذيل قميصه، فقال لبعض من معه: انظر هل ترى تحت قميصي شيئا؟ فإذا زنبور قد أبره في ستة عشر أو سبعة عشر موضعا، وقد تورم من ذلك جسده. فقال له بعض القوم: كيف لم تخرج من الصلاة أول ما أَبَرَكَ؟ قال: كنت في سورة، فأحببت أن أتمها. [19]

وقال بكر بن منير: سمعت البخاري يقول: أرجو أن ألقى الله ولا يحاسبني أني اغتبت أحدا. [20]

وكان البخاري مع علمه مجاهدا في سبيل الله، وكان ماهرا بالرمي، مرابطا في الثغور. [21]

توفي البخاري رحمه الله ليلة عيد الفطر سنة 256 هجرية، وقد بلغ اثنتين وستين سنة. [22]

الهوامش:

  1. انظر: الإمام البخاري، وكتابه صحيح البخاري لـعبد المحسن العباد.
  2. تغليق التعليق 5/415.
  3. تاريخ بغداد 2/322.
  4. المصدر السابق 2/340.
  5. تاريخ بغداد 2/340.
  6. تهذيب الكمال للمزي 24/ 457.
  7. فتح الباري 1/485.
  8. فتح الباري 1/485.
  9. تغليق التعليق 5/415.
  10.  سير أعلام النبلاء للذهبي 12/ 432.
  11.  سير أعلام النبلاء للذهبي 12/ 431.
  12.  تهذيب الكمال للمزي 24/ 457.
  13.  تهذيب الكمال للمزي 24/ 459.
  14.  تاريخ بغداد 2/340.
  15.  سير أعلام النبلاء للذهبي 12/ 447، 449، 465.
  16.  سير أعلام النبلاء للذهبي 12/ 439.
  17.  سير أعلام النبلاء للذهبي 12/ 441.
  18.  سير أعلام النبلاء للذهبي 12/ 449.
  19.  سير أعلام النبلاء للذهبي 12/ 442.
  20.  سير أعلام النبلاء للذهبي 12/ 439.
  21.  سير أعلام النبلاء للذهبي 12/ 444.
  22.  سير أعلام النبلاء للذهبي 12/ 468.