لا تحاول تطويع الشرع لهواك

أبو الهيثم محمد درويش

لا تحاول تطويع الشرع لهواك فإن وافق الشرع هواك فعلت وإن لم يوافق هواك عصيت.

  • التصنيفات: الطريق إلى الله -

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله

لا تحاول تطويع الشرع لهواك فإن وافق الشرع هواك فعلت وإن لم يوافق هواك عصيت.

قال تعالى:

{أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَٰهَهُ هَوَاهُ وَأَضَلَّهُ اللَّهُ عَلَىٰ عِلْمٍ وَخَتَمَ عَلَىٰ سَمْعِهِ وَقَلْبِهِ وَجَعَلَ عَلَىٰ بَصَرِهِ غِشَاوَةً فَمَن يَهْدِيهِ مِن بَعْدِ اللَّهِ ۚ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ (23)} [الجاثية]

قال الإمام السعدي في تفسيره: 

يقول تعالى:  {{ أَفَرَأَيْتَ }}  الرجل الضال الذي  {{ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ }}  فما هويه سلكه سواء كان يرضي الله أو يسخطه.  {{ وَأَضَلَّهُ اللَّهُ عَلَى عِلْمٍ }}  من الله تعالى أنه لا تليق به الهداية ولا يزكو عليها.  {{ وَخَتَمَ عَلَى سَمْعِهِ }}  فلا يسمع ما ينفعه،  {{ وَقَلْبِهِ }}  فلا يعي الخير  {{ وَجَعَلَ عَلَى بَصَرِهِ غِشَاوَةً }}  تمنعه من نظر الحق، { {فَمَنْ يَهْدِيهِ مِنْ بَعْدِ اللَّهِ} } أي: لا أحد يهديه وقد سد الله عليه أبواب الهداية وفتح له أبواب الغواية، وما ظلمه الله ولكن هو الذي ظلم نفسه وتسبب لمنع رحمة الله عليه  {{ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ }}  ما ينفعكم فتسلكونه وما يضركم فتجتنبونه.

قال الإمام ابن الجوزي في صيد الخاطر:

تفكرت، فرأيت كثيراً من الناس في وجودهم كالعدم، لا يتصفحون أدلة الوحدانية، ولا ينظرون في أوامر الله تعالى ونواهيه، بل يجرون - على عاداتهم - كالبهائم.
فإن وافق الشرع مرادهم، وإلا فمعولهم على أغراضهم.
وبعد حصول الدينار لا يبالون، أمن حلال كان أم من حرام.
وإن سهلت عليهم الصلاة فعلوها، وإن لم تسهل تركوها.
وفيهم من يبارز بالذنوب العظيمة، مع نوع معرفة المناهي.
وربما قويت معرفة عالم منهم، وتفاقمت ذنوبه.
فعلمت أن العقوبات، وإن عظمت دون إجرامهم.
فإذا وقعت عقوبة لتمحص ذنباً، صاح مستغيثهم: ترى هذا بأي ذنب ؟.
وينسى ما قد كان، مما تتزلزل الأرض لبعضه.
وقد يهان الشيخ في كبره حتى ترحمه القلوب، ولا يدري أن ذلك لإهماله حق الله تعالى في شبابه.
فمتى رأيت معاقباً، فاعلم أنه لذنوب.