همسة لمجيزي آلات المعازف والموسيقى
محمد بن علي بن جميل المطري
فالله الله في الحرص على عبادة الله والخوف منه ورجائه، والاستقامة على طاعته، والاستغفار من التقصير الحاصل منا جميعا.
- التصنيفات: قضايا إسلامية معاصرة -
المتأمل في كتاب الله يجد اﻹكثار من ذكر الآخرة وأهوالها، والتحذير من الدنيا وملذاتها، ووصف المؤمنين باﻹكثار من ذكر الله قياما وقعودا وعلى جنب، وشدة خوفهم من الله، وإكثارهم من دعائه، ومشيهم على اﻷرض هونا، وفتح الباب للناس بالتوسع في سماع الموسيقى وربما زاد بعضهم عليه الرقص كله من الغفلة عن ما خلقنا له.
والمتأمل في السنة النبوية يجد ما يوافق القرآن من ذكر أهوال القيامة للاستعداد لها باﻷعمال الصالحة، وفي الحديث الصحيح: (أكثروا ذكر هاذم اللذات) وهو الموت، وفي الحديث اﻵخر: (لا تكثروا الضحك فإن كثرة الضحك تميت القلب)، وفي الحديث: (لو تعلمون ما أعلم لضحكتم قليلا، ولبكيتم كثيرا)، وأحاديث وآثار كثيرة جدا يذكرها العلماء في كتب الرقائق والزهد.
فأمامنا أهوال تشيب منها الولدان، والموت يأتي بغتة، فينبغي التنبه لهذا، والموسيقى لا شك أنها من الملاهي واللغو الذي وصف الله عباده باﻹعراض عنه، حتى على القول بإباحتها فهي مضيعة للأوقات واﻷعمار والفضائل.
فالله الله في الحرص على عبادة الله والخوف منه ورجائه، والاستقامة على طاعته، والاستغفار من التقصير الحاصل منا جميعا.
ولا يعني هذا أنه لا يوجد فسحة في ديننا بالمباحات، فمعلوم أنه لا رهبانية في اﻹسلام، وفي صحيح مسلم من حديث حنظلة الأسيدي رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (ولكن ساعة وساعة) يعني الترفيه عن النفس أحيانا بالمباحات لا المحرمات، وفي مسند أحمد وسنن أبي داود وصححه الأرناؤوط عن عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يبدو إلى التِّلاع، أي: يخرج إلى البادية، والتِّلاع: مسايل الماء من علو إلى سفل، وهذا من الترفيه المباح، واﻷدلة كثيرة جدا في الترفيه عن النفس والزوجة والأهل بالمباحات، لكن هذا الترفيه غير مقصود لذاته، بل هو وسيلة لتقوية النفس على الخير.
ومشكلة الحضارة المادية اليوم أنها تجعل الترفيه مقصدا أساسيا للحياة، وهدفا يسعى إليه، فألهوا الناس عما خلقوا له من عبادة الله، وكأنهم خلقوا للضحك واللعب والرقص وسماع الأغاني والموسيقى، واغتر بهم كثير من المسلمين حتى صاروا يرفهون عن أنفسهم بالمحرمات، فيظلمون أنفسهم بتعريضها لعقوبة الله وسخطه، وبعضهم قد لا يستغفر الله من ذنبه وتقصيره، بسبب فتاوى ومقالات تسهل له سوء عمله!
نسأل الله أن يصلح أحوال المسلمين، وأن يغفر لنا أجمعين، وأن يهدينا إلى الصراط المستقيم، بلا إفراط ولا تفريط.
