مرضاة الله هي الفيصل في معاملة الناس

أبو الهيثم محمد درويش

أمر المخالطة بين الناس وما قد تجره من أذى من جانب وما فيها من فوائد من جانب آخر وكيف تكون الموازنة بين العزلة والمخالطة؟ ؟

  • التصنيفات: مجتمع وإصلاح -

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله

أمر المخالطة بين الناس وما قد تجره من أذى من جانب وما فيها من فوائد من جانب آخر وكيف تكون الموازنة بين العزلة والمخالطة؟ ؟

أمر هام لكل من يسعى إلى مرضاة الله في تعاملاته مع الخلق.

والفيصل:

مرضاة الله هي الفيصل في معاملة الناس.

قال ابن القيم في مدارج السالكين: الصنف الرابع من أصناف الناس في المخالطة، قالوا: إن أفضل العبادة العمل على مرضاة الرب في كل وقت بما هو مقتضى ذلك الوقت، ووظيفته ...

والأفضل في وقت نزول النوازل، وأذاة الناس لك، أداء واجب الصبر، مع خلطتك بهم، دون الهرب منهم؛ فإن المؤمن الذي يخالط الناس ليصبر على أذاهم، أفضل من الذي لا يخالطهم، ولا يؤذونه.

والأفضل خلطتهم في الخير، فهي خير من اعتزالهم فيه.

واعتزالهم في الشر، فهو أفضل من خلطتهم فيه، فإن علم أنه إذا خالطهم أزاله، أو قلّله؛ فخلطتهم حينئذ أفضل من اعتزالهم.

فالأفضل في كل وقت وحال إيثار مرضاة الله في ذلك الوقت والحال، والاشتغال بواجب ذلك الوقت، ووظيفته، ومقتضاه.

وهؤلاء هم أهل التعّبد المطلق. أ هـ

جاء في سنن الترمذي- عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال:  «المسلم إذا كان يخالط الناس، ويصبر على أذاهم، خير من المسلم الذي لا يخالط الناس، ولا يصبر على أذاهم» . [ وحسن إسناده ابن حجر في فتح الباري] .

وفي حالة في زمن الفتن والحروب، أو هو فيمن لا يسلم الناس منه، ولا يصبر عليهم، أو نحو ذلك من الخصوص، جاء في شرح النووي على صحيح مسلم، في كلامه على حديث أبي سعيد الخدري قال:  «قال رجل: أي الناس أفضل -يا رسول الله-؟، قال: «مؤمن يجاهد بنفسه وماله في سبيل الله»، قال: ثم من؟ قال: «ثم رجل معتزل في شعب من الشعاب يعبد ربه، ويدع الناس من شره»»   [متفق عليه] .

قال: فيه دليل لمن قال بتفضيل العزلة على الاختلاط، وفي ذلك خلاف مشهور.

فمذهب الشافعي، وأكثر العلماء أن الاختلاط أفضل؛ بشرط رجاء السلامة من الفتن.

وفي فتاوى النووي: مسألة: هل الانقطاع إلى الله تعالى في برية معتزلة عن الناس أفضل، أم الإقامة في البلد بسبب الجماعة؟
الجواب: إن خاف ضرًّا في دِينه بالإقامة في البلد؛ فالأفضل له الانقطاع في البرية، أو في قرية لا ضرر عليه فيها في دِينه، وإن لم يلحقه ضرر في دينه؛ فالإقامة في البلد.

فالإقامة به لشهود جماعات المسلمين، وشعائرهم، وحلق ذكرهم، ونحو ذلك أفضل، وينبغي له حينئذ أن لا يجالس من يخاف منه ضررًا في دِينه لبدعة، أو دعائه له إلى الدنيا وشهواتها، أو حديثه له في غيبة، ونحوها، أو غير ذلك من المفاسد. اهـ.