أن يكون القرآن حيّا في جوانبنا
كنا في مجلس وجرى الحديث عن القرآن وعزّته، وعن الكتاب الكريم وأجوبته عن الأسئلة اللا نهاية، فهذا يسأل وذاك يجيب، وكل يدلو بما عنده من فتوحات وإلهامات.
- التصنيفات: القرآن وعلومه -
كنا في مجلس وجرى الحديث عن القرآن وعزّته، وعن الكتاب الكريم وأجوبته عن الأسئلة اللا نهاية، فهذا يسأل وذاك يجيب، وكل يدلو بما عنده من فتوحات وإلهامات.
حتى سكت المجلس، وعلته هيبةٌ، وأنصتت الأنفس، وتناظر القوم بعضهم ببعض، سأل أحدهم فقال: كلنا يعرف القرآن وتفسيره، لكن متى نعيشه ويعيشنا؟
فتكلم العقلاء، فأجابوا بما لا أجد في نفسي أنه محل إجابة راسخة تفتّت الغيظ الذي نجده من جرّاء خوفنا من جعل القرآن وراء ظهورنا.
فنطق الأول فتكلم عن أهمية المعايشة، وتحدث الثاني عن فضل المرحلة الثالثة ما بعد القراءة والتفسير!
حتى نطق الأخير وكان الأصغر بين يدي القوم، ولم يسبق له نطق ولا كلام، فقال: عندي طريقة تنتشل منا ضبابية الكلام، وتردّنا إلى شهود القرآن، فجرى من بين فيه درر لو أنها كُتبت بماء الذهب لكان ذلك قليل!
أطلق عنان لسانه وأبصره القوم وهم ذهول من دقيق لفظه، ودقة استنباطه، فسدّده حديثه إلى فكرتين:
الأولى: الاستشهاد بالقرآن في المواقف والأحوال، وجعل ذلك مفتاح معايشته، والاستهداء بمعانيه، والتلطّف بذكر مفاهيمه، حتى تزرع في النفس لساناً ناطقًا بالقرآن في ماجريات أحواله.
الثانية: نمذجة مفاهيم القرآن، والمعراج بها في آفاق الأزمنة، وتعميمها بحيث تجود على جميع الوقائع وتنزّل على الأفكار والأحداث!
وتلك واللهِ منزلةٌ رفيعةٌ قلّ الواصلُ إليها، وبذّ السابق فيها، والواجب على المحصّلين الاشتغال بها والتهمّم في دركِ طرائقها، لينالوا بها معايشة القرآن للنفوس والأحداث.
______________________________________
الكاتب: ماجد أبي عبدِ الله
