النسيء.. وإلف المحدثات
فايز بن سعيد الزهراني
النسيء هو ما كان أهل الجاهلية يستعملونه في الأشهر الحرم، وكان من جملة بدعهم الباطلة، أنهم لما رأوا احتياجهم للقتال في بعض أوقات الأشهر الحرم
- التصنيفات: النهي عن البدع والمنكرات -
قال تعالى: {إنما النسيء زيادة في الكفر يضل به الذين كفروا يحلونه عاما ويحرمونه عاما ليواطئوا عدة ما حرم الله فيحلوا ما حرم الله زين لهم سوء أعمالهم والله لا يهدي القوم الكافرين} [التوبة: ٣٧].
قال السعدي رحمه الله ورضي عنه:
النسيء هو ما كان أهل الجاهلية يستعملونه في الأشهر الحرم، وكان من جملة بدعهم الباطلة، أنهم لما رأوا احتياجهم للقتال في بعض أوقات الأشهر الحرم، رأوا -بآرائهم الفاسدة- أن يحافظوا على عدة الأشهر الحرم، التي حرم الله القتال فيها، وأن يؤخروا بعض الأشهر الحرم، أو يقدموه، ويجعلوا مكانه من أشهر الحل ما أرادوا، فإذا جعلوه مكانه أحلوا القتال فيه، وجعلوا الشهر الحلال حراما، فهذا -كما أخبر الله عنهم- أنه زيادة في كفرهم وضلالهم، لما فيه من المحاذير.
- منها أنهم ابتدعوه من تلقاء أنفسهم، وجعلوه بمنزلة شرع الله ودينه، والله ورسوله بريئان منه.
- ومنها أنهم قلبوا الدين، فجعلوا الحلال حراما، والحرام حلالا.
- ومنها أنهم موّهوا على الله بزعمهم وعلى عباده، ولبّسوا عليهم دينهم، واستعملوا الخداع والحيلة في دين الله.
- ومنها أن العوائد المخالفة للشرع مع الاستمرار عليها، يزول قبحها عن النفوس، وربما ظن أنها عوائد حسنة، فحصل من الغلط والضلال ما حصل، ولهذا قال {يضل به الذين كفروا يحلونه عاما ويحرمونه عاما ليواطئوا عدة ما حرم الله}. (انتهى).
ويحسن الرجوع إلى التفسير موسعاً لمعرفة حقيقة إنساء الحج والتلاعب بالتقويم.
لكن تأمل كلام السعدي في تحول البدع والمحدثات من أمور قبيحة إلى مستحسنات ألفها المجتمع، ولها تبريرها.
فهي ملاحظة ثابتة تاريخياً، والقرآن تحدث عن بعضها، وفيها تنبيه على ما يُستحدث في المجتمعات ثم يصبح مألوفاً ثم يتحول إلى دين! قال تعالى: {وإذا فعلوا فاحشة قالوا وجدنا عليها آباءنا والله أمرنا بها قل إن الله لا يأمر بالفحشاء أتقولون على الله ما لا تعلمون} [الأعراف: ٢٨].
وهنا يأتي واجب طلب العلم والاهتمام العلمي وتقييم المحدثات والمستجدات والتعامل معها بعلم وعدل، وحراسة الدين من الأفكار المضللة.
