أفضل الأعمال
فهد بن عبد العزيز الشويرخ
هذا وقد ورد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أحاديث جاء فيها ذكر أفضل الأعمال, فمن ذلك:....
- التصنيفات: الطريق إلى الله -
{ بسم الله الرحمن الرحيم}
الحمد لله رب العالمين, والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين, نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين...أما بعد: فالمسلم الموفق من يحرص على معرفة أفضل الأعمال, من أجل أن يعمل بها, اقتداءً بالصحابة رضي الله عنهم, يقول العلامة العثيمين رحمه الله: الصحابة رضي الله عنهم يسألون النبي صلى الله عليه وسلم عن أفضل الأعمال من أجل أن يقوموا بها، وليسوا كمن بعدهم، فإن من بعدهم ربما يسألون عن أفضل الأعمال، ولكن لا يعملون. أما الصحابة فإنهم يعملون.
هذا وقد ورد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أحاديث جاء فيها ذكر أفضل الأعمال, فمن ذلك:
الإيمان بالله ورسوله, والجهاد في سبيل الله, والحج المبرور:
عن أبي هريرة رضي الله عنه, قال «سئل الرسول عليه الصلاة والسلام: أي الأعمال أفضل؟ قال: (( الإيمان بالله )), قيل: ثم ماذا؟ قال: (( الجهاد في سبيل الله )), قيل: ثم ماذا؟ قال: (( حج مبرور ))» [متفق عليه]
وعن عبدالله بن حبشي الخثعمي رضي الله عنه, قال: «سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم: أي الأعمال أفضل؟ قال: (( إيمان لا شك فيه, وجهاد لا غلول فيه, وحجة مبرورة.))» [أخرجه أبو داود وصححه الألباني برقم(1286) في صحيح أبي داود]
& قال فضيلة الشيخ خالد بن عثمان السبت: «سئل النبي صلى الله عليه وسلم أي الأعمال أفضل، قال)) : إيمان بالله ورسوله)) ولا شك أن الإيمان هو أفضل الأعمال بإطلاق، وهو الأصل الذي يبنى عليه القبول؛ لأن الإنسان إذا كان عادمًا للإيمان لم يحقق الإيمان المطلوب؛ فإنه لا يقبل منه عمل صالح» .
& قال الحافظ ابن حجر العسقلاني رحمه الله تعالى: فإن قيل: لِم قدّم الجهاد وليس بركن, على الحج وهو ركن.؟ فالجواب: إن نفع الحج قاصرًا غالبًا, ونفع الجهاد متعد غالبًا, أو كان ذلك حيث كان الجهاد فرض عين.....فكان أهم منه فقدم, والله أعلم.
الصلاة على وقتها, وبر الوالدين:
عن عبدالله بن مسعود رضي الله عنه, قال: «سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم: أي العمل أفضل؟ قال: ((الصلاة على وقتها)) قلت: ثم أي؟ قال: (( بر الوالدين)) قلت: ثم أي؟ قال: (( الجهاد في سبيل الله ))» [متفق عليه]
& قال الإمام النووي رحمه الله: وأمّا بر الوالدين فهو الإحسان إليهما, وفعل الجميل معهما, وفعل ما يسرهما, ويدخل فيه الإحسان إلى صديقهما.
طول القيام في الصلاة:
عن عبدالله بن حُبْشِيِّ الخثعمي رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم سُئل: «أي الأعمال أفضل؟ قال: (( طول القيام ))» [أخرجه أبو داود, وصححه الألباني برقم(1176) في صحيح سنن أبي داود]
& قال الإمام السهارنفوري رحمه الله: قال العراقي: الظاهر أن أحاديث أفضلية طول القيام محمولة على صلاة النفل التي لا تشرع فيها الجماعة, وعلى صلاة المنفرد, فأما الإمام في الفرائض والنوافل, فهو مأمور بالتخفيف المشروع, إلا إذا علم من حال المأمومين المحصورين إيثار التطويل, ولم يحدث ما يقتضى التخفيف من بكاء صبي ونحوه فلا بأس بالتطويل, وعليه يحمل صلاته في المغرب بالأعراف.
الصوم:
عن أبي أمامة رضي الله عنه, أنه سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أي العمل أفضل؟ قال: (( عليك بالصوم فإنه لا عدل له )) » [أخرجه النسائي, وصححه الألباني برقم (2099) في صحيح النسائي]
& قال الإمام السندي رحمه الله: قوله: (( فإنه لا عدل له )), أي: لا مثل له.
ذكر الله عز وجل:
عن أبي الدرداء رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : «(( ألا أنبئكم بخير أعمالكم وأزكاها عند مليككم , وأرفعها في درجاتكم , وخير لكم من إعطاء الذهب والورق , ومن أن تلقوا عدوكم فتضربوا أعناقهم ويضربوا أعناقكم ؟)) قالوا: بلى يا رسول الله, قال: (( ذكر الله ))» [أخرجه الترمذي, وصححه الألباني برقم (2688) في صحيح سنن الترمذي]
& قال العز بن عبدالسلام رحمه الله: هذا الحديث مما يدل على أن الثواب لا يترتب على قدر النَّصَب في جميع العبادات بل قد يأجر الله تعالى على قليل الأعمال أكثرَ مما يأجر على كثيرها، فالثواب يترتب على تفاوت الرتب في الشرف
& قال العلامة ابن باز رحمه الله: في الحديث الصحيح -حديث أبي الدرداء- يقول عليه الصلاة والسلام : « ألا أُنبئكم بخير أعمالكم، وأزكاها عند مليككم، وأرفعها في درجاتكم، وخير لكم من إنفاق الذهب والفضة، ومن أن تلقوا عدوكم فتضربوا أعناقَهم ويضربوا أعناقكم؟(( قالوا: بلى يا رسول الله، قال)) : ذكر الله » فذكر الله بأداء فرائضه، وترك محارمه، وإشغال القلب واللسان والجوارح بما أوجب وشرع؛ هو اللُّباب، وهو المقصود من هذه الهيئة.
الصلاة, وصلاح ذات البين, وحسن الخلق:
عن أبي هريرة رضي الله عنه, قال: «قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (( ما عمل ابن آدم شيئًا أفضل من الصلاةٍ, وصلاح ذات البين, وخلق حسنٍ ))» [أخرجه البخاري في التاريخ, والبيهقي في شعب الإيمان, وصححه الألباني برقم(5645) في صحيح الجامع]
& قال السهارنفوري رحمه الله "إصلاح ذات البين" أي فيما بين المسلمين والإخوان
& قال الإمام المناوي رحمه الله: على العاقل بذل الجهد في تحسين الخلق, وبه يحصل للنفس العدالة والإحسان, ويظفر بجماع المكارم.
سلامة الناس من لسان المرء:
عن عبدالله بن مسعود رضي الله عنه, قال: «يا رسول الله أيُّ الأعمال أفضل؟ قال: (( الصلاة على وقتها )) قلتُ: ثم ما ذا يا رسول الله؟ قال: (( أن يسلم الناس من لسانك ))» [أخرجه الحافظ الدمياطي في المتجر الرابح في ثواب العمل الصالح, وقال: رواه الطبراني ورجاله ثقات, وصححه الألباني برقم (2852) في صحيح الترغيب]
وعن أبي موسى رضي الله عنه, قال: «قالوا: يا رسول الله, أيُّ الإسلام أفضل؟ قال: (( من سَلِمَ المسلمون من لسانه ويده ))» [أخرجه البخاري]
& قال العلامة محمد بن صالح العثيمين رحمه الله: (( سَلِم المسلمون من لسانه)) فلا يسُبُّهم، ولا يلعنهم، ولا يغتابهم، ولا ينمُّ بينهم، ولا يسعى بينهم بأيِّ نوع من أنواع الشر والفساد، فهو قد كَفَّ لسانَه، وكفُّ اللسانِ من أشد ما يكون على الإنسان، وهو من الأمور التي تصعُب على المرء، وربما يستسهل إطلاق لسانه.
إدخال السرور على المسلم, وقضاء دينه, وإطعامه:
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «(( أفضل الأعمال أن تدخل على أخيك المؤمن سرورًا, أو تقض عنه دينًا, أو تطعمه خبزًا )) » [أخرجه البيهقي في شعب الإيمان, وحسنه الألباني في صحيح الجامع برقم (1096)]
& قال الإمام المناوي رحمه الله: (( أفضل الأعمال )) أي: من أفضلها, أي بعد الفرائض...والمراد الأعمال التي يفعلها المؤمن مع إخوانه...
(( سرورًا )) أي سببًا لانشراح صدره من جهة الدين والدنيا.
(( أو تقضى )) تؤدي, (( عنه دينًا )) لزمه أداؤه لما فيه من تفريج الكرب, وإزالة الذل.
(( أو تطعمه )) ولو (( خبزًا )) فما فوقه من نحو اللحم أفضل, وإنما خصّ الخبز لعموم تيسر وجوده حتى لا يبقى للمرء عذر في ترك الإفضال على الاخوان, والأفضل إطعامه ما يشتهيه.
كتبه/ فهد بن عبدالعزيز بن عبدالله الشويرخ
