عبوس الطفل

على المربين أن يدركوا أنّ الطالب الذي تظهر عليه علامات تقطيب الوجه، له في الغالبِ مطالبٌ يودِّ الجهر بها، أو على الأقل في نفسه مضايقات يود أن يبوح بها.

  • التصنيفات: التربية والأسرة المسلمة - استشارات تربوية وأسرية -
السؤال:

عبوس الطفل؛ لماذا؟ وكيف؟

الإجابة:

تقطيب الوجه محاولة من جانب الطفل لمضايقة من حوله ومن يعيشون معه، بقصد التأثير فيهم، وجذب اهتمامهم، ولفت نظرهم إلى ما يشعر به من ظلمٍ مسَّه، أو ضررٍ ناله، من سُوء استخدام السُلطة، فعبوس الوجه ليس سوى تعبير عن حالة غضب، أو كراهية لم تتمكن من الظهور، وهو لون من ألوان الاحتجاج المباح ضد التعسف، أو الظلم، أو الإهانة التي يظن الطفل أنها لحقت به.

كثيرًا ما يُسلم الآباء بمطالب (عابس الوجه)، وينزلون لرغبته طلبًا لراحة الضميرِ تجاه ولدهم، ولذا يلجأ كثيرٌ من الأطفال إلى عبوسِ الوجه كوسيلةٍ ناجحةٍ من وسائلِ الضغطِ.

وهنا يأتي دور المربي سواء كان أبًا أو معلمًا، إذ على المربين أن يدركوا أنّ الطالب الذي تظهر عليه علامات تقطيب الوجه، له في الغالبِ مطالبٌ يودِّ الجهر بها، أو على الأقل في نفسه مضايقات يود أن يبوح بها.

وفي هذه الحال، يتحتم على المربي أن يبحث عن مصدر الألم، ويعمل على إزالة أسبابه بشيء من الذكاء وحسن التصرف، وليس ضرب الطفل، أو إجباره على الإقلاع عن موقفه، فهذه هي الوسيلة السليمة لمحاربة عبوس وجهه، لأن القسوة والشدة من شأنهما أن يقويا فيه الكراهية، وروح التذمر والانتقام، فواجب المربي أن يقف مع مطالب الطفل موقف الفهم موضحًا له أنه يعرف أسباب شكواه، وسيجعله هذا التوضيح يقلع شيئًا فشيئًا عن هذه الطريقة الصبيانية.

وعلى المربين أيضًا أن يهيئوا للأطفال الفرص التي تمكنهم من إسماع رغباتهم ومطالبهم، وأن يفتحوا لهم صدورهم ليناقشوا، وكذلك عليهم أن يكفوا عن تأنيب الطفل في مناسبة وغير مناسبة، وألا يثوروا في وجهه لسبب تافه أو دون سبب، وألا يكثروا من لفت نظره والتعليق على كل ما يأتيه من أعمال، لأنّ أكثرَ حالاتِ العبوسِ قد يكون سببها لهجةٌ هجوميةٌ، أو عبارةٌ ساخرةٌ، أو كلمةُ تحدٍّ قُصِدَ بها الاستهزاء، إذ على المربي أن لا يُغَيِّبَ عن باله قولَ الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَسْخَرْ قَوْمٌ مِّن قَوْمٍ عَسَىٰ أَن يَكُونُوا خَيْرًا مِّنْهُمْ} [الحجرات:11]، وكذلك قوله صلى الله عليه وسلم: «الكلمة الطيبة صدقة» (صحيح البُخاري؛ برقم 2989)، وعلى المربي أيضًا ألا ينسى وهو يعالج هذه الحالة الاستعانة بالله عز وجل، والدعاء الخالص لهذا الطفل، وخاصة في جوف الليل، وأوقات الدعاء المستجابة.

 

علي السيد