الزوج المتدين وعلاقات آثمة (1/2)
سارة بنت محمد حسن
إذا ظننتِ في زوجك هذا الشيء ولمستِ تغييرًا فلا تسارعي في التفتيش.. هذا التتبع والتفتيش يدخل في إطار التجسس، ولن تستفيدي منه إلا نار في صدرك مع عدم قدرة على التصرف الحكيم، فتأتي أفعالك عبارة عن ردود أفعال عشوائية وعنيفة لا تمت بصلة لعلاج المشكلة، وسينتهي الأمر بتفاقمها وزيادتها، وربما تخسري كل شيء بلا رجعة!
- التصنيفات: قضايا الزواج والعلاقات الأسرية - استشارات تربوية وأسرية -
زوجها متدين ولكن يتواصل مع امرأة!
بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد..
قبل البدء لا بد أن نعلم أن هذه المشاكل دركات، ولكل مقام مقال، فهي شذرات عامة تستفيد منها كل امرأة بما قد يلائم وضعها..
إذا ظننتِ في زوجك هذا الشيء ولمستِ تغييرًا فلا تسارعي في التفتيش..
هذا التتبع والتفتيش يدخل في إطار التجسس، ولن تستفيدي منه إلا نار في صدرك مع عدم قدرة على التصرف الحكيم، فتأتي أفعالك عبارة عن ردود أفعال عشوائية وعنيفة لا تمت بصلة لعلاج المشكلة، وسينتهي الأمر بتفاقمها وزيادتها، وربما تخسري كل شيء بلا رجعة!
فضلاً غاليتي: الستر الستر -سترك الله في الدنيا والآخرة- لا داع أن تعرف أمه وأخته وأمك، والخالات والعمات والأقارب الأقربون والبعيدون، ولا تتعللي بطلب النصح!
غالبًا كل هؤلاء لن تجدي عندهم نصيحة إلا انفعالاً، وكل سيدلي بدلوه من وجهة نظره وغضب قلبه،
ومنهم من سيكون له ردود استفزازية لك، ومنهم من سيحمل في قلبه غلاً وحقدًا على زوجك وحسب! أنت لن تستفيدي من هذا الأمر سوى (سعادتك) بسماع كلمات تشفي غليل قلبك، ونعت له بالخيانة وخلافه! فماذا استفدت؟ كان معك حقًا فبددتيه بغير عقل..
نعم أنت بحاجة لاستشارة، ولكن اقرأي هذا الكلام بتمعن لتعرفي أي نوع من الاستشارات، وأي نوع من الأشخاص ستحتاجين إليه!
1- مشكلة الزوج المتدين الذي ينحرف هذا الانجراف ومثله، من الممارسات الآثمة المرفوضة شرعًا وعرفًا، تتفاقم نظرتك لهذه المشكلة وعدم قدرتك على حلها بسبب مرض عام في المجتمع في زماننا الحالي، وهو النظرة المثالية للمتدين!
فلدينا ميل للتقدير المثالي كأن هذا الزوج أو الملتزم بشكل عام ملاك معصوم من الخطأ..
نعم لا شك أن الزوج لو كان طالب علم شرعي وسقط في هذا المستنقع فهو أشد جرمًا من عوام الناس الذين لم يدرسوا العلوم الشرعية، ولا شك أن الجرم كبير وليس يسيرًا، ولا سهلاً حتى لو لم يبلغ حد الزنا! لكن شيء من الواقعية في التعامل مع طبائع البشر ليس لنعذرهم، ونتسامح مع هذه الأخطاء بدناءة ولكن لكي نتمكن من مد يد العون لهم، وانتشالهم من المستنقع الذي سقطوا فيه..
وفي صحيح البخاري: "أُتيَ النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم بسَكرانَ، « »، فمِنَّا مَن يَضرِبُهُ بيَدِهِ ومِنَّا مَن يَضرِبُهُ بنَعلِهِ، ومِنَّا مَن يَضرِبُهُ بثَوبِهِ، فلما انصرف قال رجلٌ: ما لَه أخْزاهُ اللهُ، فقال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم : « »" هنا جمع بين التصرف الصحيح وبين بيان حد التصرف الخطأ.
فضرب الرجل وإقامة الحد عليه ليس كالدعاء عليه بلعن أو خزي، ولا هو كاحتقاره ونبذه وإنفاذ الغيظ وحسب، فالغرض العلاج، وهذا في صالحك أختي المسلمة، وليس الغرض إنفاذ غيظ نفسك وحسب.
فلا تقفي كثيرًا مع صدمة تسببت فيها نظرتك المثالية، التي دفعت من أعلى جبل المحبة والتقدير إلى سفح واد الاحتقار والبغض والازدراء!
للجميع أقول نصحًا عامًا: راجعوا نظراتكم فيمن حولكم!
أحبي من حولك واحترميهم واتركي هامشًا دائمًا، حتى لا تصطدمي بصخرة الواقع المؤلمة على أي صعيد، كلنا بشر لا يوجد بيننا ملائكة لا أقول نقع في سوء الظن لكن أطالب بشيء من الحلم وفهم طبيعة البشر، فهذا يقلل من وقع أي صدمة، ويجعل ردود فعلك أقرب للمسارعة إلى حمد الله أنك لست أنت من أصيب بمحنة الذنب أو الفتنة، وينصب فكرك في المساعدة لا الانتقام فتمدي يد العون بما يرضي الله ولو كان ذلك زجرًا بلا هوادة! وهذا أمر لا سهل ولا يسير، ولكن يحتاج منا جهدًا كبيرًا ولا يلقاها إلا الذين صبروا
2- طبعًا لا شك أن الصدمة في الزوج أشد من أي صدمة في غيره، لما يتعلق في هذه الصدمة من شعور بالمهانة والقهر، فدعيني غاليتي أنبهك لشيء مهم جدًا..
شعورك بالنقص والإهانة خطأ!
لأن من وقع في الفتنة هو، ووقوعه لا يتعلق بكونك قليلة الشأن أو كونك متميزة!
فكم من زوج له زوجة بارعة الجمال وتضيء حياته بشتى الطرق، وهو ساقط في وحل الخيانة غير ملتفت!
فهذا مرض فيه وعيب فيه هو، وإلا فإنه لم يدرك أن قوامته فرضت عليه أن يقومك لو أنك مقصرة بشكل يؤدي به للفتنة!
ولم يدرك أن قوامته ورجولته تفرضان عليه أن يبحث عن سبل الحلال، وأنه إن عجز عنه فلم يرخص النبي للشاب، ولم يأذن له بالزنا حين أتاه يستأذنه! ولم يقل النبي للشباب فمن لم يستطع الزواج فعليه بالحرام! بل قال فعليه بالصوم فإنه له وجاء!
فهو المخطئ وهو الأولى بالشعور بالنقص والهوان والمهانة أيضًا لا أنت.
كذلك غاليتي إياك والشعور بالقهر، جبلت معاشر النساء على واسع الحيلة فحتى لو توقف عقلك وعجزت عن اتخاذ القرار المناسب فاستعانتك بالله وحسن اللجوء له عز وجل، سيفتح لك أبوابًا ما ظننت أنك قادرة عليها..
فتفكيرك بهذه الطريقة الجديدة سيكون هكذا: هذا عاص مذنب بحاجة إلى يد تساعده، فتنتقلي من مرحلة أريد الانتقام لنفسي إلى مرحلة أريد مساعدة هذا الشخص حفاظًا على سعادتي وبيتي، وحفظًا للعهد والوعد والود والعشرة، بالتأكيد لدى كل امرأة لديها أسبابًا لاستمرار الحياة، وإلا فالكلام ليس موجهًا لمن قررت الطلاق جزمًا بلا رجعة.
3- عن المواجهة!
إن أكبر خطأ ترتكبه المرأة مواجهة زوجها من بداية المشكلة!
المواجهة يفترض أنها الخطوة الأخيرة التي بعدها ينهار الحصن ويتم تسليمه! ليس لها معنى إلا لو كان في يدك موقف قوي يمكنك أخذه بحزم..
بالمواجهة سيبدأ الزوج بالإنكار والكذب، ويشعرها أنها مجنونة ويزيد النكد والتفتيش والحصار، ويشتعل قلب الزوجة نارًا ويزيد حقدها وغلها والحصار، ثم يعترف، وبعد الاعتراف إما أن يشعر بالخجل وقتًا يسيرًا، ثم تغلبه نفسه ويعود للخيانة بحذر أشد وتبدأ لعبة القط والفأر!
أو يتبجح ويقول لزوجته: "هو كدة وإن كان عاجب وإلا روحي على بيت الوالد!".
ووقتها لن يكون أمام الزوجة إلا قبول الأمر الواقع المهين حقًا، فتستسلم أو تعود لنقطة البداية ومحاولة الإصلاح بعد أن خسرت أوراقًا رابحة في هذه الحرب، أو الطلاق! وهو غالبًا ما لن يحدث إلا بعد معاناة طويلة جدًا وفضائح..
إذًا غاليتي لا تلقي أوراقك دفعة واحدة ولا تكسري حاجز الحياء منك، هو يفعل ذلك في الخفاء بعيدًا عن عينك، وهذا يعني أن لديك عنده شيء يمنعه من التبجح أمامك فلا تحاولي خسران هذه الورقة الرابحة، المواجهة خط هجوم أخير بعده طلاق وستر -تنبهي! طلاق وستر-، وأنت لا زلت في مرحلة الدفاع عن بيتك..
ولن تفلح طريقة نابليون في إستراتيجيات العلاقة الزوجية بالطرق المباشرة، بل تحتاجين إلى الهجوم والحصار الناعم، لأنه من ناحية أنسب لطبيعتك، فإذا كنت وصلت لمرحلة المواجهة وكذبك أو تعديتم هذا الخط أيضًا، فأقول لك إذا كان ربك قد كتب لك بقاء مع هذا الرجل وهداية له، فيمكننا أيضًا أن نعود إلى خط البداية من أي مرحلة: ثقي بالله وعلقي قلبك به!
نعود لنقطة البداية..
ماذا تفعل امرأة في هذه المشكلة؟
يتبع بإذن الله.