كيفية حلق شعر العانة

خالد عبد المنعم الرفاعي

  • التصنيفات: فتاوى وأحكام -
السؤال:

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. ما المقصود بحَلْق العانة؟ هل هو الحلق بالشفرة؟ وإذا كان كذلك، فهل يجوز قصُّ شعر العانة بدلًا مِنَ الحَلْق؟ أي: جعل الشعر قصيرًا؛ لأن الحلْقَ يُؤذِي جدًّا، ويُسبِّب كشْط الجلد، وظهور الحبوب المؤلمة فيها.

أعلم أنَّ ديننا دين يُسْر، وفي شرعنا العظيم يجب الحَلْق كل أربعين يومًا، فهل المقصود بالحَلْق ما ذكرتُه ، أو أنه حَلْق آخر؟

الإجابة:

الحمدُ لله، والصلاةُ والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومَن والاه، أما بعدُ:
فأَولَى الشعور بالإزالة هو شعر العَانَة؛ لكثافتِه، ولتلبُّد الوَسَخ فيه، وقد أمر الشرعُ بعدمِ ترْكِ حلقها أكثر مِن أربعين يومًا؛ لما ورد عن أنسٍ أنه قال: ''وُقِّت لنا في قصِّ الشارب، وتقليم الأظفار، ونَتْفِ الإبط، وحَلْق العانة، ألَّا نترك أكثر مِن أربعين ليلة''(صحيح مسلم)

قال النوويُّ: ''ثم معنى هذا الحديث: أنهم لا يُؤَخِّرون فِعْل هذه الأشياء عن وقتِها، فإن أخَّروها فلا يؤخِّرونها أكثر مِن أربعين يومًا، وليس معناه: الإذْن في التأخير أربعين مُطلقًا''.

وحلقُ العانة هو الوارد في الأحاديث الصحيحة؛ كحديث أبي هريرة، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "الفطرةُ خمسٌ - أو خمسٌ مِن الفطرة -: الختانُ، والاسْتِحْدادُ، وتقليم الأظفار، ونَتْف الإِبِط، وقصُّ الشارب"(متفق عليه)، وقوله -صلى الله عليه وسلم-: "أَمْهِلوا حتى ندخلَ ليلًا – أي: عشاءً - كي تمتشطَ الشَّعِثَةُ، وتستحدَّ المُغِيبَة"(صحيح مسلم).

الاستحداد: استعمال الحديدةِ في حَلْق شعر العانة، وهو إزالتُه بالمُوسَى؛ قال أبو عبيدٍ: ''الاستحدادُ: استحلاق بالحديد، وكانوا لا يعرفون النُّورة''.

والذي يظهر أنَّ مقصودَ الشارع حصول المعنى؛ يعني: إزالة الشعر بكلِّ مُزيلٍ، لكن مع مُراعاة ألَّا يُترك، وألَّا يتأذَّى صاحبه، ويحصل المقصود، وهو: إزالة شعر العانة.

قال الإمامُ النوويُّ في شرحه على صحيح مسلم (3/ 148): ''أما الاستحدادُ فهو: حلق العانة، سُمِّي استحدادًا لاستعمال الحديدة - وهي: المُوسَى - وهو سُنَّة، والمرادُ به: نظافة ذلك الموضع، والأفضلُ فيه الحَلْق، ويجوز بالقصِّ، والنَّتْف، والنُّورة''.

وقال العراقيُّ في ''طَرْح التَّثْريب في شرح التقريب'' (2/ 76): ''والأحسنُ في هذه السُّنَّة الحَلْقُ بالمُوسَى؛ لأنه أنظفُ، ويَحْصُلُ بِالقَصِّ بِالمِقَصَّيْنِ، وكذلك يحصل أصلُ السُّنَّة بالنَّتْف، واستعمال النُّورة[1]، ونحوها؛ إذ المقصودُ حصولُ النظافة''.

وقال ابنُ قُدامة في ''المغني'' (1/ 64): ''فصل: والاستحدادُ: حَلْقُ العانة، وهو مُستَحَبٌّ؛ لأنه مِنَ الفِطرةِ، ويَفْحُشُ بِتَرْكِهِ، فاسْتُحِبَّتْ إزَالَتُهُ، وبأيِّ شيءٍ أزاله صاحبُه فلا بأس؛ لأنَّ المقصودَ إزالته، قيل لأبي عبدالله: ترى أن يأخذَ الرجلُ سِفْلَتَهُ بِالمِقْرَاضِ، وإن لم يَسْتَقْصِ؟ قال: أرجو أن يُجزئ - إن شاء الله، قيل: يا أبا عبدالله، ما تقول في الرجل إذا نتف عانتَه؟ قال: وهل يقوى على هذا أحدٌ، وإنِ اطَّلَى بنُورةٍ فلا بأس...، والحلقُ أفضل؛ لمُوافقتِه الخبر، وقد قال ابنُ عمر: هو مما أحدثوا مِن النعيم، يعني: النُّورة''.


[1] النُّورة: حَجَر الكِلْس يُطْحَن ويُخلَط بالماء، ويُطْلَى به الشعر، فيسقط.