لم أتأكد مِن خيانة زوجتي، فهل أُطلقها؟

خالد عبد المنعم الرفاعي

  • التصنيفات: قضايا الزواج والعلاقات الأسرية - استشارات تربوية وأسرية -
السؤال:

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. كنتُ أعيش في بيت أهلي ثم تركتُه، واستأجَرْتُ سكنًا آخر للعيش فيه، ولزيادة الأعباء المادية كانتْ زوجتي تعمل معي.

تركتُ عملي وبحثتُ عن عملٍ آخر، وبالفِعْل عملتُ سائقًا، وكنتُ أتدرَّب على القيادة على سيارة قريبٍ لي، وكان يأتي إلى بيتي بالسيارة وأتركه مع زوجتي وأولادي، وأخرج أنا لأتعلم على السيارة، وتكرَّر هذا الأمر (5) مرات!!

بعد سنواتٍ علمتُ مِن أحد الأقارب أنَّ قريبي هذا كان على علاقةٍ آثمةٍ بزوجتي! وقد اعترف هو بنفسه، وذلك في الفترة التي كان يأتي فيها إلى البيت وأتركه فيه وأنزل للسيارة!

علِم والدي والأهل بالموضوع، واعترفتْ زوجتي أنه لم تحدثْ علاقة كاملة، بل حدث فقط تَحَرُّش جسدي، لكن قريبي اعترف بقيامه بعلاقةٍ كاملة معها؛ فساءتْ حالتي النفسية جدًّا، وتعبتُ.

وحفاظًا على أولادي، وخوفًا مِن ضياع مستقبلهم؛ تراجعتُ عن طلاقها، ولكني كلما تذكرتُ هذا الموضوع أتعب نفسيًّا، ولم أعدْ أشعرُ تجاهها بأيِّ حبٍّ، والشيء الذي يتعبني جدًّا أنني لم أتأكدْ مِن حقيقة ما حدث بينهما، ومَن فيهما الكذاب ومَن الصادق؟ دلوني كيف أتصرَّف؟

الإجابة:

الحمدُ لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومَن والاه، أما بعدُ:
فشكر الله لك تواصُلك معنا واهتمامك وخوفك مِن ضياع أبنائك بعد تلك الجريمة النَّكْراء التي قامتْ بها زوجتك، حتى لو لم ترتكبْ جريمة زنا كاملةً؛ لأنَّ كلَّ ذلك مخالفةٌ شرعيةٌ، وخيانةٌ زوجيةٌ، وإثمٌ ومعصيةٌ، وتدنيسٌ لعِرْضِها، فيجب عليها - أولًا - التوبة النَّصوح، وأهم شروطها: الإقلاع، والندَم، وأن تتأكدَ أنت مِن توبتها، ولا بأس مِن الإبقاء عليها إن تيقَّنْتَ بهذا؛ فكلُّ ابن آدم خطاءٌ، وخيرُ الخطائين التوابون.

وذَكِّرْها بالله واليوم الآخر، والتوبة إلى الله مما فعلتْ، فإن تابتْ وأنابتْ فذلك، ويتأكد ذلك إن كنتَ تعلم عنها العفَّة والطهارة، وإنما وقع منها هذا الفعل هفوةً وزلةً وخطأً، ثم تابتْ منه، وندمتْ على فعْلِه.

ولتعلمْ أن هناك أسبابًا كثيرةً قد تدفع لتلك الخيانة؛ منها: بُعد الزوج الجسدي عن الزوجة، فلا يُعاشرها جنسيًّا، أو الفراغ الكبير في حياة المرأة، حين يوفِّر لها كل ما يخدمها ولا تشغل بخيرٍ، أو الفراغ العاطفي حين لا يُعَبِّر الزوج لزوجته عنْ حُبِّه لها، وكذلك تعرُّض الزوجة للفِتَن والمغريات؛ كالاختلاط بالرجال، ومُشاهدة الفضائيات الماجنة، أو الدخول غير الرشيد على مواقع الإنترنت، وغير ذلك.

أمَّا إنْ أَصَرَّتْ واستكبرتْ، أو شعرتَ فيها عدم الصدق أو اللا مُبالاة، ولم تفدْ فيها المعاملة الحسنة، أو كنتَ أنت لا تستطيع فِعْل شيءٍ معها، فننصحك بطلاقِها، ولو كنت تحبها؛ لأنَّ مثلها لا يُؤْمَن على العِرْض، ولأنَّ البقاء معها - وهي مُصِرَّةٌ على أن تكونَ لها علاقةٌ مع رجلٍ غيرك - فيه إقرارٌ لها على ذلك، وهو مِن الدياثة، ولا خير في البقاء معها إن كانتْ كذلك، وعليك أن تُفارقها، ولا ترضى بالعيش مع خائنةٍ؛ حتى لا تدنس عِرْضك، وتفسد فراشك، ولا يجوز للزوج أن يرضى الخبث في أهله، بل يجب عليه العمل على صيانة زوجته، وحَمْلها على ما يمنعها من الوقوع في مِثْل هذه الخيانة، وأن يلزمها بالستر ويمنعها مِن مُخالطة الرجال الأجانب، أو دخولهم عليها، أو دخولها عليهم، إلى غير ذلك، فإنَّ مَن لم يفعلْ كان ديوثًا، فإنَّ الديوث هو: مَن يرضى الخبث في أهله.

يَسَّر الله أمرك، وفرَّج همك، وأصلح زوجك