حرب بين عقلي وقلبي، فبماذا تنصحون؟

خالد عبد المنعم الرفاعي

  • التصنيفات: العلاقة بين الجنسين -
السؤال:

أنا فتاةٌ متديِّنة ومحافظة، والحمدُ لله على معرفة بعالم الإنترنت منذ بداياته، والحمدُ لله لم أنزلقْ يومًا في علاقات تعارُف، سطحيَّة كانت أو عميقة!

الأمرُ الجديد هو أنَّ لديَّ حسابًا في إحدى شبكات التواصُلِ الاجتماعي، وتُوُفِّيَتْ لي قريبةٌ، فكتبتُ خاطرةً أنعيها، وتلقَّيْتُ الكثير مِن الردود المواسية، وشكرتُ الجميع بلا استثناء.

إلا أنَّ أحدَهم شدَّني تعليقُه، واستمررتُ في مُتابعتِهِ، ثم غاب مدَّة، فأرسلتُ له رسالة للاطمئنان عليه، والسؤال عن سبب تأخُّره!

فعلِمْتُ أنَّ لَدَيْه ظروفًا مع والدتِه، فكنتُ أدخل بين الفينة والأخرى لأطمئن عليها!لم يتجاوز الحديث بيننا حدود الأدب، وكله يدور حول والدته وأمور عامَّة!

هذه أولُ مرةٍ أُخاطب فيها رجلًا ليس بمحرمٍ، وأكره أن أكونَ خائنةً لأهلي، وبالرغم مِن أنني لم أتجاوز الحدود، فإنني أريد قطْعَ العلاقة! أنا في حرْبٍ بين عقلي وقلبي، وأخاف أن يتعلَّقَ قلبي.
 

فبمَ تنصحون؟

الإجابة:

الحمدُ لله، والصلاةُ والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبِه ومَن والاه، أما بعدُ:

فلا تتردَّدي -أيتها الأخت الكريمة- واقطعي علاقتك فورًا، وخُذي ما يلزم مِن احتياطات ذلك مِن تغيير أو غلْق حسابك الخاص، والابتعاد فترة عن الإنترنت؛ حتى تنفطمي مِن ذلك الأمر.
 

وأُحِبُّ أن أُصارحك -أيتها الأخت الكريمة- فالمستشارُ مُؤتَمنٌ، فأنا على يقينٍ بأنك - الآن- تستغربين نفسك؛ كيف أنك تتكلَّمين مع رجلٍ أجنبي، وإن كان الكلامُ ليس فيه تجاوُزٌ، فأُحَذِّرك أنك إن استمرَّت العلاقة فستتعجبين بعد وقتٍ ليس بالطويل، وتقولين -أيضًا-: كيف وصلتْ بيننا العلاقةُ لهذا الحدِّ؟ وكيف سمحتُ لنفسي بتلك التجاوُزات... وهكذا؟ فكلُّ مَن تعرَّض لفتنةٍ، أهلكتْه!
 

ولذلك ترين أنَّ الله -سبحانه- قطَع طريق الغواية على عبادِه؛ كي لا يندموا بعد فوات الأوان، فقال: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ وَمَنْ يَتَّبِعْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ فَإِنَّهُ يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ مَا زَكَى مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ أَبَدًا وَلَكِنَّ اللَّهَ يُزَكِّي مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ} [النور: 21].
 

فاللهُ-سبحانه- الخالقُ العليم بخلْقِه، وطبيعة تكوينهم هو الذي ينهى عن هذا، الذي خلق الرِّجال والنساء، يعلم أن المرأة تُثير الطمَع، وتهيج الفتنة في القلوب، فكيف بالمجتمع الذي نعيش اليوم فيه في عصرنا المريض الدنِس الهابط، الذي تهيج فيه الفِتَن، وتثور فيه الشهوات، وترف فيه الأطماع؟ كيف بنا في هذا الجوِّ الذي كل شيءٍ فيه يُثير الفتنة، ويهيج الشهوة، وينبِّه الغريزة، ويوقظ السعار الجنسي المحموم؟! كيف بنا في هذا المجتمع؟! في هذا العصر؟!
 

تأمَّلي-أيتها الأخت الكريمة- هذا الحديث، عن النوَّاس بن سمعان، عن رسول الله-صلى الله عليه وسلم- قال: «ضرب الله مثلًا صراطًا مستقيمًا، على كتفي الصراط سوران فيهما أبوابٌ مفتحةٌ، وعلى الأبواب ستورٌ مرخاةٌ، وعلى الصراط داعٍ يدعو يقول: يا أيها الناس، اسلكوا الصراط جميعًا، ولا تعوجوا، وداعٍ يدعو على الصراط، فإذا أراد أحدكم فتح شيءٍ من تلك الأبواب، قال: ويلك لا تفتحه؛ فإنك إن تفتحه تلجه، فالصراط: الإسلام، والستور: حدود الله، والأبواب المفتحة: محارم الله، والداعي الذي على رأس الصراط: كتاب الله، والداعي من فوق: واعظ الله في قلب كل مسلمٍ» (صحيح الجامع).
 

وتأمَّلي هذا الحديث -أيضًا- عن عمران بن حصينٍ، عن النبيِّ -صلى الله عليه وسلم-قال: «مَن سمع بالدجال فلْيَنْءَ منه، مَن سمع بالدجال فلْيَنْءَ منه، مَن سمع بالدجال فلْيَنْءَ منه؛ فإن الرجل يأتيه وهو يحسب أنه مؤمنٌ، فلا يزال به لما معه مِن الشبه حتى يتبعه»؛ (رواه أحمدُ وأبو داود).
 

فنَهَى رسولُ الله عن أدنى ميلٍ أو ركونٍ، وبيَّن أنَّ مِن الناس مَن يأتيه، فيطيع الدَّجَّال مِن أجل ما يُثيره ويُباشره من الشبهات، والمشكلات؛ كالسحر وإحياء الموتى وغير ذلك، فيصير تابعه كافرًا، وهو لا يدْري!
 

فانجي بنفسك، وعُودي لسابق عهْدِك، ولا تُعَرِّضي نفسك للفِتَن -لا سيما- تلك الفِتَن التي لا يثبت أمامها أحدٌ، ولا ينفع فيها إلا غلْق الباب؛ كما أمرَنا الشارعُ الحكيمُ.
 

وقانا الله وإياك سائر الفِتَن.