مشكلة في بداية حياتي الزوجية
خالد عبد المنعم الرفاعي
- التصنيفات: قضايا الزواج والعلاقات الأسرية -
أنا أخت متزوِّجة حديثًا، وأنا في انتِظار الفيزا لألْتَحِق بزوْجِي لأنَّه يعمل بالخارج، المهمُّ أنَّه قبل أسبوع أخبرني أنَّه كان على علاقةٍ مع فتاة هُناك قبْل زواجِنا، ولمَّا رجع لم تتركْه حتَّى وقعت المصيبة: أنَّها حامل منه.
وقع عليَّ الخبر كأنَّه زلزال، المهم أني بكيت وبكيت ولَم أُخْبِر أهلي بذلك، وصبرت ورضيت بقدري، ولقد توسَّلني كيْ أُسامحه، وأنَّه يُحبُّني وأنَّه نادم، وأنَّه كان في حالة ضعف وأنا بعيدة عنْه.
المهم أني سامحتُه من كلِّ قلبي لأني أحبُّه، المشكلة أنَّ تلك الفتاة تريد الاحتِفاظ بالجنين، وزوْجي أخبرني أنَّه إذا وُلِد الجنين فإنَّه لا يستطيع أن يتخلَّى عنْه، وأنه سوف يعطيه اسمَه وينفق عليْه، فما حكم الشَّرع في هذا؟
وهل كوْني قد سامحته أني نقصت من كرامتي؟
وسؤالي الأخير: أنَّه عندما أدعو ربِّي أسألُه ألاَّ يكمل الجنين في بطْن تلك العاهِرة، وأن يسقط، فهل أنا آثمة بهذا الدعاء؟
جزاكم الله عني ألف خير.
الحمدُ لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصَحْبِه ومَن والاه، أمَّا بعدُ:
فلا ريْبَ أنَّ ما قام به زوجُك من ممارسته الزِّنا مع تلك المرأة من أفحَش الكبائر، التي نهى الله ورسولُه عن ارتكابها، وتوعَّد مقترفَها بالعذاب الشَّديد؛ قال تعالى: {وَلاَ تَقْرَبُوا الزِّنَى إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلاً} [الإسراء: 32].
وقد أخبر النَّبيُّ –صلى الله عليه وسلم- عن شيءٍ من عذاب مقترفِه في البرزخ -نسأل الله العافية- فقال: « » إلى أن قال: « »؛ (رواه البخاري).
وراجعي على موقعِنا تلك الفتاوى: "التوبة من الزنا"، "أريد أن أتوب!"، "التوبة التي يرضاها الله".
وعلى الرَّغم من شدَّة عقوبة الزَّاني، إلاَّ أنَّ عقد الزوجيَّة لا ينفسِخ بوقوع الزَّوج في الزِّنا؛ قال البُهُوتي في "كشَّاف القِناع": "وإن زَنَتِ امرأةٌ قبْل الدُّخول أو بعْدَه، لَم ينفسِخ النِّكاح، أو زَنَى رجلٌ قبل الدُّخول بزوْجته أو بعْده، لم ينفسِخ النِّكاح بالزِّنا؛ لأنَّه معصية، لا تُخْرِج عن الإسْلام، أشْبه السرقة؛ لكن لا يطَؤُها حتَّى تعتدَّ إذا كانت هي الزَّانية". اهـ.
قال ابن قدامة -رحمه الله-:
"وإن زنَتِ امرأةُ رجُل، أو زنى زوجُها، لَم ينفسِخ النِّكاح، سواءٌ كان قبل الدُّخول أو بعْده، في قول عامَّة أهل العِلْم، وبذلك قال مُجاهد وعطاء، والنخعي والثَّوري، والشَّافعي وإسْحاق، وأصْحاب الرَّأي".
ولذلك فقد أحْسنتِ صُنعًا عندما صبرْتِ على زوْجِك وسامحتِه، خاصَّة أنَّه قد تاب من هذا الذَّنب العظيم، فالله -عزَّ وجلَّ- يقْبل التَّوبة عن عبادِه؛ قال تعالى: {وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَعْفُو عَنِ السَّيِّئَاتِ} [الشورى: 25].
وليس في صبرِك على زوْجِك إهْدارٌ لِكرامتِك؛ بل إنَّ ذلك من حُسْن عِشْرتك له، وعسى الله أن يأجُرَك خيرًا على ذلك.
أمَّا ولد الزِّنا، فلا يَجوز لزوْجِك أن يُعْطِيَه اسمه، ولا ميراثَ له منه، ولا تجب عليْه نفقته، وقد سبق أن أصدرنا فتاوى مفصَّلة، فراجعيها على موقعنا
أمَّا دعاؤك بألاَّ يكمل الحمْل وأن يسْقط، فالظَّاهر أنَّه لا شيْءَ فيه؛ لأنَّه لا شكّ أنَّ وجود وليدٍ كهذا ممَّا يجلب الخِزْي والعارَ، فضلاً عن ضياعِه بعد أن يولد. والله أعلم.