زوجتي لا تهتم بي لانشغالها بأهلها
خالد عبد المنعم الرفاعي
- التصنيفات: قضايا الزواج والعلاقات الأسرية -
أنا شاب متزوج منذ ثلاث سنوات ونصف، ورزقني الله بطفل عمره سنة ونصف، والسؤال هو: هل يجوز أن تذهب الزوجة إلى أهلها كل يوم؟ وهل يجوز أن تأتي أمها إليها إن لم تذهب هي؟
فأنا لا أشعر بالراحة في البيت بسبب كثرة ذهاب زوجتي إلى أمها، أو إلى أقاربها بصحبة أمها؛ هذا الأمر اضطرني إلى الكلام مع امرأة أخرى - كنت على معرفة بها قبل زواجي – أجد الراحة في الحديث معها وأشكو لها زوجتي وأفعالها، ويجعلها الشيطان في نظري أجمل من زوجتي، وعلى الرغم من أن زوجتي على قدر كبير من الجمال إلا إنها لا تحسن معاملة الزوج.
وأنا لا أقصر معها في توفير مستلزمات البيت، وتوفير كل ما تطلبه، لكن أحيانًا يتأخر ذلك لتأخر تسلم الأجر في الشركة التي أعمل بها.
فماذا أفعل مع تلك الزوجة؟!
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصَحْبِه ومن والاه، أمَّا بعدُ:
فالحياة الزوجية تقوم -في أكمل صورها- على الود والتحابِّ والتفاهم بين الزوجين، واحترام كل منهما للآخر، وإنزاله المكان الذي أنزله فيه الشَّرع، واستقرار الحياة الزَّوجيَّة واستمرارها غَاية من الغايات التي يَحرِص عليها الإسلام ويحثُّ عليها.
لذا؛ فعلى كلٍّ من الزوجين أن يحافظ على ما يَضمَن استمرار الحياة الزوجية، ويُقوِّي أواصرها، وأن يفي لصاحبه بجميع الحقوق الواجبة له، وأن يتغاضَى عما يمكن التغاضِي عنه من حقوقه الخاصة، هذا هو ما يحث عليه الشرع ويُرَغِّب فيه.
فالمرأة يجب أن تعلم حق زوجها عليها وتعلم أن الرجل قوَّام عليها؛ كما قال الله تعالى: {الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ} [النساء:34]، فتقوم بموجبات هذه القَوامة من الطاعة له في المعروف وعدم الخروج من بيته إلا بإذنه، وحفظه إذا غاب في ماله وفي نفسها، وأن لا تُدخِل بيته من لا يَرغب هو في دخوله له … الخ.
وكثيرٌ من المشاكل تحدث بسبب جهل بعض الزوجات بما أوجبه الله عليهن تجاه أزواجهن، فطاعة الزوج واجبة على الزوجة ما لم تكن في معصية الله تعالى، بل إن طاعته مُقَدَّمَة على طاعة كل أحد، حتى الوالدين؛ فعن عائشة رضي الله عنها قالت: قلت: « »؛ (رواه البَزَّار والحاكم بإسناد حسن).
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: "المرأة إذا تزوجت، كان زوجُها أمْلَك بها من أبويها، وطاعة زوجها عليها أوجب".
وقد جعل الله سبحانه طاعتها لزوجها والقِيام بحقوقه تعدِل الجهاد في سبيل الله والشهادة في سبيله؛ فعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: جاءت امرأة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت: يا رسول الله، أنا وافدة النساء إليك، هذا الجهاد كتبه الله على الرجال، فإن يصيبوا أجروا، وإن قتلوا، كانوا أحياء عند ربهم يرزقون، ونحن معشر النساء نقوم عليهم، فما لنا من ذلك؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: « » (رواه البَزَّار والطبراني).
وجعل سبحانه رضا الزوج عن زوجته سببًا لدخولها الجنة؛ فقد روى الترمذي وابن ماجه والحاكم عن أم سَلَمَة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: « »، وقال لأحد النساء: « » (رواه وأحمد والطبراني وصححه الألباني).
وقال صلى الله عليه وسلم: « » (رواه أحمد عن عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه).
وعلى الزوج أيضًا أن يُحسِن إلى زوجته ويعاشرها بالمعروف، فإذا رأى منها منكرًا دعاها ونصحها بالرفق واللين والترغيب والترهيب، وأن يستعمل معها كل الوسائل التي يمكن أن تُؤَثِّر عليها، فإذا أحست أنه رجل، وصاحب مبدأ ودين، فلا بد أن تستجيب له ولو بعد حين وهذه هي طبيعة المرأة إذا رأت من زوجها صلابة في أمره فإنها تكون تابعة بطبيعتها، وإذا أحست فيه بالتهاون فإنها لا تبالي به.
فعليك -أخي الكريم- أن تنصَحَ زوجَتَك بِلُطفٍ، وتُبَيِّن لها واجبها نحوك، أو أطلِعْها على تلك الفتوى؛ فربما كانت تجهل تلك الحقوق.
وعليك ألا تتهاون معها في الأمور التي لا ترغبها من خروج ونحوه؛ إذ ليس للزوجة أن تخرج من بيت زوجها إلا بإذنه، سواء أمَرَها أبوها أو أمُها أو غيرهما -باتفاق العلماء- مع استعمال الحكمة، والرفق في ذلك، وعليها أن تطيعَك في المعروف، ومتى تركت طاعتك كانت ناشزاً، وفي هذه الحالة -إن لم ينفع الوعظ- جاز لك أن تهجرها في المضْجَع؛ فإن لم ينفع الهجر، جاز أن تضربها ضربًا غير مُبَرِّح حتى تطيعك - كما قال الله تعالى: {وَاللاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلاً إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيّاً كَبِيرًا} [النساء:34].
ومتى استمرت المرأة على نشوزها ولم ينفع معها الوعظ ولا الهجر ولا الضرب، ونحو ذلك مما تستصلح به المرأة الناشز: فَوَسِّط أهل الخير؛ عسى الله أن يُصلِحَها، فإن استمرت في غَيِّهَا فأنت مخير أن تصبر أو أن تُفارِق، ولأن تصبر فهو أعظم في الأجر.
ونُنَبِّه الأخ السائل إلى أنه وقع في خطأ جسيم، عندما لجأ إلى إقامة عَلاقة مع امرأة أجنبية عنه؛ لأن ذلك من أعظم الوسائل التي قد تجرُّ إلى الوقوع في الحرام، وإن زيَّن الشيطان ذلك في أول الأمر، وأظهره على أنه عَلاقة بَرِيئة من كل ما يدعو إلى لحرام؛ قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ وَمَنْ يَتَّبِعْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ فَإِنَّهُ يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ مَا زَكَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ أَبَدًا وَلَكِنَّ اللَّهَ يُزَكِّي مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ} [النور: 21].
فعليك أن تقطع هذه العَلاقة على الفَور، وأن تتوب إلى الله توبةً نصوحًا، وأن لا تعود إليها أبدًا،، والله أعلم.