تعرفت على فتاتين، فأيهما أختار؟!
خالد عبد المنعم الرفاعي
- التصنيفات: فقه الزواج والطلاق - استشارات تربوية وأسرية -
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أولًا شكرًا لكم على مجهودكم، وجعله الله في ميزان حسناتكم.
دخلتُ أحد المواقع التي تُساعد على الزواج، رغم أني كنتُ غير مقتنعٍ بها؛ تعرَّفتُ على فتاة، ولم يَطُلِ الأمرُ حتى تقدَّمتُ إليها، وأرسلتُ أهلي إلى أهلها، وأجريتُ مقابلةً شرعية، والتي كانتْ أوَّل مرة أراها فيها، واتفقتُ معها على ما أُرِيده منها مِن شروطٍ.
حقيقةً أنا الآن أعمل وأدرس، وكنتُ أريد إنهاءَ العُرْس بعد تخرُّجي؛ يعني بعد سنتين، ووافق أهلُ البنت على ذلك، وطلبوا مني تأخيرَ الخِطبة حتى أجهز فعلًا.
بعد تعرفي عليها تركتُ الموقع، ولكن وصلتْني رسالةٌ من بنت أخرى تريد التعرُّف عليَّ، فتعرَّفتُ عليها، ولقد أعجبتْها المعلومات التي كتبتُها عن نفسي، فكان ما كنتُ أريده؛ وهو الدين والأخلاق، وكان ذلك متوفرًا فيها من خلال حديثي معها، ولم يتخلَّلْ كلامي معها أيُّ خروج عن الأدب والأخلاق، بل كان كلامي معها لأتعرف عليها، رغم أني أعرف الحكم الشرعي في مثل هذا التواصل، فأخبرتُ البنت الأولى بما جرى، وأني قد احترتُ بينكما، ولا أدري ما أفعل؟ فطلبتْ مني ألَّا أتركَها، وأنها تريدني، وطلبت مني ألا أتخلَّى عنها، فكلمتُ أمي، وأخبرتُها بما جرى، فقالت لي: أنت تقدَّمتَ لها، وأعطيتَ كلمة لأهلها، وعيب عليك أن تتركها؛ فأرشدوني، بارك الله فيكم.
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبِه ومَن والاه، أما بعدُ:
فبداية أدعو الله لك أخي الكريم أن يهديَك إلى العمل بما تعلم؛ لتكون المعرفة حجةً لك لا عليك، وما تذكرُه في رسالتِك أنت وغيرك سلَّمك الله هو ما يدفعنا دائمًا للمنع من تلك الوسيلة للزواجِ؛ كمواقع "هواة التعارف"، أو "البحث عن شريك الحياة"، ونقول: إنها محفوفةٌ بالمخاطر، وإن شأنَ أهلِ الدين الابتعادُ عن التعارف، والمحادثات بين الرجال والنساء، وعجيبٌ منك أن حكمتَ على الفتاة الثانية بأنها صاحبة دين وخُلُق، وأنه متوفِّر فيها من خلال حديثك معها، وهذه سطحية ظاهرة؛ ألم تقرأْ قول ابن حطان:
أو قول حبيب:
وقول الآخر:
نعم أنت صادقٌ في رغبتك في الزواج كما يظهر من كلامك لكن مَن جعلك متأكدًا من أنها لا تكذب وتدَّعِي التدين؛ لا سيما وقرائن الحال تؤيِّد هذا، وذلك هو الغالب على تلك المواقع، بل هي أوكارٌ لكثير من المفسِدين والمفسدات، الذين كل همهم هو الاصطياد في الماء العكر، وتضليل المغفَّلين والمغفلات، واللعب على العقول، والغش والتدليس، فجزمُك بصحَّة معلومات الفتاة، أو حكمك بأنها صادقة ولا تكذب يحتاج منك لتأمل.
والحاصل: أنه يجبُ عليك الابتعادُ عن تلك المواقع، وتغيير بريدِك الإلكتروني، والابتعاد عن الفتاة الثانية، فإن كانتِ الفتاة الأولى ظاهرها التدين والقبول، وأهلك قد رأوها، واقتنعوا بها؛ لأنهم أصحاب رأي وحكمة فأتمَّ الزواج منها.
فإن لم تكنْ قد استخرتَ الله تعالى في الأمر، فاستخِرْه، واسأله سبحانه وهو عالم الغيب والشهادةِ والخير، وأكثِرْ من الدعاء في صلواتك وخلواتك، وفي آخر الليل، وأوقات الإجابة، أن ييسِّر لك الزوجةَ الصالحة التي تسعِدك، وتسعد معها، واقنع بما قسمه الله لك تكنْ أغنى الناس.