كيف أتجاوز حاجز العزلة، وأتخلص من خجلي من الآخرين؟
- التصنيفات: استشارات تربوية وأسرية -
لدي مشكلة؛ وهي أنّي كتومة، ولا أستطيع التعبير عن مشاعري؛ فإذا أردت أن أُعبِّر لأحدهم عنها، بدأ قلبي يخفق، وفي أحيانٍ ترتعش بعض أعضائي. وأندم كثيرًا على فوات الفرص، حتى عتبَ عليَّ البعض.
حين أرى من أُحبهم وأُكنّ لهم الاحترام؛ تأتيني نفس هذه الأعراض. هذه الحالة معي منذ قُرابة الأربع سنوات؛ حتى أني أعود من الاجتماعات العائلية وأبكي حُرقةً على صمتي المُطبق، وصعوبة إخراج مشاعري والتحدّث مع الناس.
أُحب الكثير من الناس، وأتمنى أن أكون شخصية مُنطلِقة، واثقة من نفسها، ومحبوبة. أتمنى أن أجد لديكم الحلّ الشافي.
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد؛
بالتأكيد هناك حلّ؛ بل حلول متعددة لما عرضتِ من صعوبة، أعانكِ الله وخفف عنكِ.
أولاً: يُفيد أن تحددي وتُسمّي هذه الصعوبة -وهي بكل بساطة- الخجل أو الرُّهاب الاجتماعي؛ حيث يرتبك الإنسان من لقاء الناس والنظر في وجوههم، أو الكلام أمامهم، والاجتماع بهم في بعض الظروف الاجتماعية والأسرية. وكما تجدين صعوبة في الحديث مع الأقرباء والناس -وربما خاصة الغرباء- مع ما يرافق هذا الخوف من الارتباك والأعراض الجسدية: كالقلق، والتنميل، والتعرق، والارتعاش، وضعف التركيز؛ ربما في فهم ما يُقال لكِ، وبالتالي فقد تشعر بعدم الرغبة في الخروج من البيت أو الاختلاط بالناس، وقد يسبب هذا شيئا من الحزن والانطواء، وبالتالي يزيد من صعوبة مواجهة الناس، مما يقلل عندكِ من طبيعة الحياة الاجتماعية، ويدخل الإنسان في الدائرة المعيبة.
وربما بسبب كل هذا فأنتِ قد لا تشعرين بالثقة الكبيرة في نفسك؛ مما يجعلكِ لا ترتاحين للاجتماع والتعامل مع الآخرين، وربما تهربين من مواجهتهم ببعض الحجج التي تقدمينها للآخرين.
فما العمل الآن؟
إن تجنب لقاء الأقرباء والناس لا يحل المشكلة؛ وإنما يجعلها تتفاقم وتشتد، وتزيد في ضعف الثقة بالنفس، وزيادة رهبة لقاء الآخرين. ولذلك عليكِ الاستمرار بلقاء الناس، والاختلاط بهم، وعدم تجنبهم بالرغم من الصعوبات، وستجدين -من خلال الزمن- أن ثقتك في نفسك أفضل وأفضل، وستجدين أن مقابلة الناس والحديث معهم أسهل بكثير مما كانت عليه في السابق.
وهكذا... فالعلاج الفعَّال لهذا الحال هو العلاج السلوكي؛ والذي هو ببساطة اقتحام اللقاءات بالناس، وتحمُّل ما تشعرين به من الإنزعاج، وعدم الانسحاب من هذه المواجهة؛ حتى تعتادي على هذا، وتزداد ثقتكِ في نفسك، وبحيث يمكن أن تصلي إلى حالة تستطيعين معها الحديث أمام الناس وبكل ثقة وارتياح. إن الكثير من المتحدثين العِظَام كانوا قد عانوا مما تعانين منه الآن، وهي مرحلة وستتجاوزينها مع الزمن.
وبالإضافة للعلاج النفسي المعرفي؛ هناك حالات نَصِف فيها أحد الأدوية التي تساعد في هذا، وخاصة إن وجد مع الرُّهاب شيء من الاكتئاب، والذي يحدث بسبب الانسحاب من المجتمع وضعف الحياة الاجتماعية.
أنصحكِ أولاً أن تحاولي علاج الأمر بنفسك؛ بالخروج، ولقاء الناس، ومحاولة الحديث ولو القليل، والإقدام على مقابلة الناس...؛ ولكن إن وجدتِ صعوبة كبيرة في هذا، ولم تنجح محاولاتِك؛ فلا تترددي بزيارة طبيب نفسي أو أخصائي نفسي، فهذا قد يختصر لكِ الزمن. وعندي شعور بأنكِ ستستطيعين القيام بكل هذا من نفسك.
حماكِ الله من كل سوء، ويسّر لكِ أموركِ.
د. مأمون مبيض.