هل يجوز الكذب على العملاء في هذه الحالة؟!
خالد عبد المنعم الرفاعي
- التصنيفات: فقه المعاملات - آداب عامة - استشارات تربوية وأسرية -
السؤال: أنا فتاةٌ أعمل في مركزٍ فرنسي للمُكالمات، وهو مركزٌ يتعامَل مع شركات أجنبيَّةٍ فرنسيةٍ، وعملي يقتصر على "الرد على الهاتف"، فأتصل بالعملاء وأقدم لهم خدمات.
وقد تعاقَد المركزُ مع شركةٍ أجنبيةٍ، على أساس أن نتصل بالأطباء ونطلب منهم البريد الإلكتروني الخاص بهم؛ فالشركةُ تقوم بجمع البريد الإلكتروني الخاص بالأطباء، فأتصل بالطبيب، وأطلب منه البريد الخاص به، لأبعث له دعوة لحضور ندوة!
وقد علمتُ فيما بعدُ أنه لا توجد ندوات، وهذا الكلام ليس صحيحًا، ولكنهم يجمعون البريد الإلكتروني لأغراضٍ غير ظاهِرة!
فما موقفي من عملي الذي أضطرُّ فيه للكذب؟ وهل يجوز أن أستمرَّ فيه؟ مع العلم أني لم أجدْ وظيفةً أُخرى؛ لأني أرتدي الحجاب الشرعي!
كذلك المركز يفرض عليَّ أن أقدِّم نفسي باسم أجنبيٍّ؛ لأنَّ العملاء أجانب، فهل يجوز هذا؟
وجزاكم الله خيرًا.
وقد تعاقَد المركزُ مع شركةٍ أجنبيةٍ، على أساس أن نتصل بالأطباء ونطلب منهم البريد الإلكتروني الخاص بهم؛ فالشركةُ تقوم بجمع البريد الإلكتروني الخاص بالأطباء، فأتصل بالطبيب، وأطلب منه البريد الخاص به، لأبعث له دعوة لحضور ندوة!
وقد علمتُ فيما بعدُ أنه لا توجد ندوات، وهذا الكلام ليس صحيحًا، ولكنهم يجمعون البريد الإلكتروني لأغراضٍ غير ظاهِرة!
فما موقفي من عملي الذي أضطرُّ فيه للكذب؟ وهل يجوز أن أستمرَّ فيه؟ مع العلم أني لم أجدْ وظيفةً أُخرى؛ لأني أرتدي الحجاب الشرعي!
كذلك المركز يفرض عليَّ أن أقدِّم نفسي باسم أجنبيٍّ؛ لأنَّ العملاء أجانب، فهل يجوز هذا؟
وجزاكم الله خيرًا.
الإجابة: الحمدُ للهِ، والصلاةُ والسلامُ على رسولِ اللهِ، وعلى آلِهِ وصحبِهِ ومن والاهُ، أمَّا بعدُ:
فما ذكرتِه مِن قيامِكِ بالكذبِ عَلَى الأطباء الفرنسيين، والمشاركة في خديعتهم، وإعطائهم معلومات وهميةً، وأنتِ تعلمين، فكلُّ هذا لا يجوز لكِ أن تفعليه، ولا يُبيحُ لكِ حاجتكِ للعمل، ولا عدم وجود عملٍ غيرِه، لا يُبيحُ لكِ الكذب، ولا خديعة العُملاء، وهذا هو سرُّ تحرُّجِكِ من هذا العمل؛ لأنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "الإثمُ ما حاكَ في صدركَ، وكَرِهتَ أن يَطَّلِع عليه الناس"، وقال أيضًا: "ما حَكَّ"، أو: "ما حاك في صَدْركَ، فَدَعْهُ"، وقال ابن عمر: "لا يبلغُ العبد حقيقة التقوى حتى يَدَع ما حاك في الصدر".
ولْتعلمي أنَّ مَن يتَّقِ الله يجعل له مخرجًا، ويرزقْه من حيثُ لا يحتسب، وأن مَنْ ترك شيئًا لله عوَّضه الله خيرًا منه؛ كما قال الله عزَّ وجلَّ: {وَمَنْ يَتَّقِ اللهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا . وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا} [الطلاق: 2، 3]، وقال تعالى: {مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} [النحل: 97].
وصحَّ عنْ رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن رُوحَ القُدُس نَفَثَ في رُوعِي: أنَّ نفسًا لن تموتَ حتى تستكملَ أجَلَها، وتستوعِبَ رزقها؛ فاتقوا الله، وأَجْمِلوا في الطَّلَب، ولا يحملنَّ أحدَكم استبطاءُ الرزقِ أن يطلُبه بمعصية الله؛ فإن الله تعالى لا يُنال ما عنده إلا بطاعته" [رواه أبو نُعَيْم في "الحلية"، من حديث أبي أمامة، وصحَّحه الألباني].
والله تعالى لم يُبِحْ إلا الكَسْبَ الطيِّب، ونهى عنْ أكل كلِّ خبيث؛ كما جاء في الحديث الذي رواه الإمامُ أحمد وغيره، عن أبي بكر رضي الله عنه: أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم قال: "كلُّ جَسَدٍ نَبَتَ منْ سُحْتٍ؛ فالنَّار أوْلَى به".
كما أنه لا شكَّ في أن مريد الآخرة لا بُدَّ أن يَصبِر عن متاع الحياة الدنيا، ويَحرِص على ألَّا يَبِيعَ دينه بدنياه.
فما قُدِّر للإنسان في هذه الحياة سيأتيه لا محالة، والواجبُ عليه أن يتَّقيَ الله سبحانه ويُحِسنَ الطَّلب، نسأل الله لنا ولكم التوفيق والسداد، والرزق الحلال.
فما ذكرتِه مِن قيامِكِ بالكذبِ عَلَى الأطباء الفرنسيين، والمشاركة في خديعتهم، وإعطائهم معلومات وهميةً، وأنتِ تعلمين، فكلُّ هذا لا يجوز لكِ أن تفعليه، ولا يُبيحُ لكِ حاجتكِ للعمل، ولا عدم وجود عملٍ غيرِه، لا يُبيحُ لكِ الكذب، ولا خديعة العُملاء، وهذا هو سرُّ تحرُّجِكِ من هذا العمل؛ لأنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "الإثمُ ما حاكَ في صدركَ، وكَرِهتَ أن يَطَّلِع عليه الناس"، وقال أيضًا: "ما حَكَّ"، أو: "ما حاك في صَدْركَ، فَدَعْهُ"، وقال ابن عمر: "لا يبلغُ العبد حقيقة التقوى حتى يَدَع ما حاك في الصدر".
ولْتعلمي أنَّ مَن يتَّقِ الله يجعل له مخرجًا، ويرزقْه من حيثُ لا يحتسب، وأن مَنْ ترك شيئًا لله عوَّضه الله خيرًا منه؛ كما قال الله عزَّ وجلَّ: {وَمَنْ يَتَّقِ اللهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا . وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا} [الطلاق: 2، 3]، وقال تعالى: {مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} [النحل: 97].
وصحَّ عنْ رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن رُوحَ القُدُس نَفَثَ في رُوعِي: أنَّ نفسًا لن تموتَ حتى تستكملَ أجَلَها، وتستوعِبَ رزقها؛ فاتقوا الله، وأَجْمِلوا في الطَّلَب، ولا يحملنَّ أحدَكم استبطاءُ الرزقِ أن يطلُبه بمعصية الله؛ فإن الله تعالى لا يُنال ما عنده إلا بطاعته" [رواه أبو نُعَيْم في "الحلية"، من حديث أبي أمامة، وصحَّحه الألباني].
والله تعالى لم يُبِحْ إلا الكَسْبَ الطيِّب، ونهى عنْ أكل كلِّ خبيث؛ كما جاء في الحديث الذي رواه الإمامُ أحمد وغيره، عن أبي بكر رضي الله عنه: أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم قال: "كلُّ جَسَدٍ نَبَتَ منْ سُحْتٍ؛ فالنَّار أوْلَى به".
كما أنه لا شكَّ في أن مريد الآخرة لا بُدَّ أن يَصبِر عن متاع الحياة الدنيا، ويَحرِص على ألَّا يَبِيعَ دينه بدنياه.
فما قُدِّر للإنسان في هذه الحياة سيأتيه لا محالة، والواجبُ عليه أن يتَّقيَ الله سبحانه ويُحِسنَ الطَّلب، نسأل الله لنا ولكم التوفيق والسداد، والرزق الحلال.