والداي يجبرانني على دراسة الفلسفة

خالد عبد المنعم الرفاعي

  • التصنيفات: طلب العلم - المناهج الدراسية - الإسلام والعلم -
السؤال:

أنا طالبٌ أُواجه مُشكلةً عَصيبةً؛ وهي أننا ندرس الفلسفة باللغة الفرنسية؛ حيث تتحدث عن أشياءَ خارجةٍ عن ديننا، وخِفْتُ أن أقولَ على الله ما لا أعلم، فما السبيل؟

والداي يفرضانِ عليَّ هذه المدرسة، ويفرضان عليَّ أنْ أقوم بساعاتٍ إضافيةٍ في هذه المادة، رغم أنني أرفض!

فما العمل؟

الإجابة:

الحمدُ للهِ، والصلاةُ والسلامُ على رسولِ الله، وعلى آلِهِ وصحبِهِ وَمَن والاهُ، أمَّا بعدُ:

فجزاك الله خيرًا -أيُّها الابنُ الكريمُ- على تلك الغَيرةِ الشرعيةِ، والرغبة في الخير؛ أما دراسةُ العُلُوم الباطلةِ كالفلسفة؛ فإن كنتَ على عِلْمٍ شَرْعِيٍّ تَدفَعُ به ما في تلك العُلُوم من أباطيلَ، فلا حَرَجَ عليك في إكمالِ دراسةِ الفلسفةِ؛ بنيةِ بيانِ الحقِّ، وَرَدِّ الشُّبُهَاتِ، وبيانِ ذلك لِمَن يَقْصِدُ دِرَاسَتَهَا، وتنبيه أقرانك وزملائك.

وإمَّا إذا كنتَ غيرَ راسخٍ في العلمِ الشرعيِّ، فلا يجوزُ لك دراسةُ هذه الفلسفة؛ لما في ذلك من الخَطَرِ على دينِك، ولا طاعةَ لِوَالدَيْك في ذلك؛ لأن الطاعة إنما تكونُ في المعروفِ، فإن كنت لا مَحَالَةَ ستضطرُّ للدراسة، فلا بأسَ، ولكن اسْعَ جاهدًا لتحصيلِ العلمِ الشرعيِّ النافِعِ، مع ملازَمَةِ سؤالِ أهلِ العلم فيما يَعْرِضُ لك من الأُمُور، حتى تُنهِيَ دِرَاسَتَك.

وقد جاء في فتاوى اللجنة الدائمة للإفتاء بالسعودية (1) (12/ 135):

"لا يجوزُ تعلُّمُ القوانين الوضعيةِ لتطبيقِهَا؛ ما دامتْ مُخالفةً لشرعِ الله، وتجوزُ دراستُها وتعلُّمُها لبيان ما فيها من دَخَلٍ وانحرافٍ عن الحقِّ، ولبيان ما في الإسلام من العدل، والاستقامة، والصلاح، وما فيه من غِنًى، وكفايةٍ لمصالح العباد.

ولا يجوزُ لمسلمٍ أن يدرس الفلسفةَ، والقوانينَ الوضعيةَ، ونحوهما، إذا كان لا يَقْوَى على تمييزِ حقِّها مِن باطلها؛ خشية الفتنةِ والانحرافِ عن الصراطِ المستقيمِ، ويجوزُ لمن يَهْضِمُهَا وَيَقْوَى على فَهْمِهَا بعد دراسَةِ الكتابِ والسنةِ؛ ليُمَيِّزَ خبيثَهَا من طَيِّبِهَا، ولِيُحِقَّ الحقَّ، ويُبْطِلَ الباطِلَ، ما لم يَشْغَلْهُ ذلك عمَّا هو أوجبُ منه شرعًا، وبهذا يُعْلَمُ أنه لا يجوزُ تعميمُ تعليمِ ذلك في دُورِ العلمِ ومَعَاهِدِهِ، بَلْ يكونُ لمن تَأَهَّلَ له من الخَوَاص؛ لِيَقُوموا بواجِبِهِم الإسلاميِّ؛ مِن نصرةِ الحقِّ، وَدَحْضِ البَاطِلِ. وبالله التوفيقُ، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلَّمَ". اه

فالحاصلُ أن حكم دراسةِ تلك العُلُومِ وأشباهِها -يا بُنَيَّ العزيز- يختلفُ باختلافِ حَالِ دَارِسِيهَا، مِنَ العِلْمِ بالعَقِيدَةِ الصحيحةِ، والثَّبَاتِ عليها، والتَّمَتُّع بالعقلِ الرَّاجِحِ المُمَيِّز بين الحقِّ والبَاطِلِ، والقُدْرَةِ على دَحْضِ الشُّبَهِ والزيغ بالأدلةِ الصحيحةِ، والنُّصْحِ للإسلامِ، فإن كنتَ ضعيفًا في أَحَدِ تلك الفُرُوعِ، فيمكنك التَّقَوِّي فيه بطلب العلم الشريف.

وفَّقك الله للخير، وثبَّت قلبك على الصِّدق.