هل أكذب لأنهم يطلبون مني ذلك؟

خالد عبد المنعم الرفاعي

  • التصنيفات: مساوئ الأخلاق - أخلاق إسلامية -
السؤال:

مشكلتي أنني لا أُحِبُّ الكذِب، ولكنهم يجبرونني، وخاصة أمي، فمثلًا بدأتْ أمي في صُنع منتج لبيعِه، وكلَّفتْني بذلك، لكنها طلبتْ مني أن أقولَ للناس: إن جدتي هي التي صنعته؛ كي يشتريه الناس، ويقولوا: إن فيه البركة!

قلتُ في نفسي: ربما يكون المالُ حرامًا؛ لأنني حصلتُ عليه بالكذب!

أريد أن أرفض، وأخاف أن أكونَ بذلك عاقة، حاولتُ أن أقنعها، فَرَفَضَتْ.

وفي إحدى المرات كسر جيراننا شيئًا استعاروه منا، فأخبرتنا أمي أن نقولَ لكل مَن يطلب منا شيئًا: إنه غير موجود لدينا!

أخاف على أمي لأنها تكذب كثيرًا؛ حتى أصبح ذلك عادةً عندها، وأصبحتُ لا أثق فيها، فهي تكذب على الجميع، فما الذي يمنعها من الكذب عليَّ أنا أيضًا؟

فماذا أفعل؟ وكيف أواجه أمي؟ وكيف أواجه مَن يطلب مني الكذب؟

الإجابة:

الحمدُ لله، والصلاةُ والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومَن والاه، أما بعدُ:

فهَوِّني عليك -أيتها الابنةُ الكريمةُ- وحاولي أن تكوني أكثرَ هدوءًا وواقعيةً، حتى تتمكَّني مِن حل المشكلة؛ فما أنزل الله داءً إلا أنزل له شفاءً؛ كما صحَّ عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.

أما بالنسبة للكذِب، فوَطِّني نفسك على ألا تكذبي أبدًا، لا مِن أجْلِ أحد الوالدين، أو غيرهما، وليس هذا مِن العقوق؛ لما صحَّ عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «إنما الطاعة في المعروف» (متفقٌ عليه)، وفي رواية مسلمٍ: «لا طاعة في معصية الله، إنما الطاعة في المعروف».

وطاعةُ الوالدين في الكذب ليستْ معروفًا، وإنما هي منكرٌ مِن القول وزورٌ؛ ففي الصحيحين وغيرهما عن عبدالله بن مسعودٍ، قال: قال رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم-: وإيا «كم والكذِب؛ فإنَّ الكذبَ يهدي إلى الفُجور، وإنَّ الفُجورَ يهدي إلى النار، وما يزال الرجلُ يكذب ويتحرَّى الكذِبَ، حتى يُكْتَبَ عند الله كذَّابًا».

فإن دعتْكِ حاجةٌ أو أُلْجِئْتِ إلى الكذب، ففي  المعاريض مَنْدُوحةٌ عن الكذب، وهو أن تقولي كلامًا يحتمل معنيين، يظهر منهما معنًى يَتَوَهَّمه السامعُ، ولكن أنت تريدين معنًى آخرَ.

أما الواجبُ فِعْلُه مع والدتك فهو النُّصْح وبيان قُبح الكذب، ولْتَحْرِصي على أن يكونَ ذلك برفقٍ ولينٍ، ورغبةٍ صادقةٍ في صلاح أمك.

وفقك الله لكل خيرٍ.