هاتف زوجتي أفضل مني!

خالد عبد المنعم الرفاعي

  • التصنيفات: قضايا الزواج والعلاقات الأسرية - مساوئ الأخلاق -
السؤال:

زوجتي تُريد الطلاق، ولا أريد أن أُطَلِّقَها؛ فهي تكرهني، ولا تجعلني أستمتع في العلاقة الجنسية معها!

لاحظتُ منذ فترة أنها تستخدم هاتفها بكثرة في (الشات) مع كثيرين؛ وأنا رجلٌ غَيور جدًّا، وعندما عرَفْتُ ذلك غضبتُ منها، وأخذتْ منها الهاتف، وأعطيتُها هاتفًا قديمًا ليس فيه إمكانيات المحادثات والمراسلات عبر الإنترنت.

طلَبَتْ مني بعد ذلك أن أُعيدها إلى بيت أهلِها، فنفَّذْتُ طلبها، وأعدتُها لبيت أهلها، وجلستْ هناك أسبوعين، وعندما عدتُ إليها لأعيدها للبيت رفضتْ، وبدأت تتهرَّب مني.

حدثتْ مشكلات بيننا، وطلبتْ مني ألا أفشي سرَّها لأحدٍ، وفي المقابل ستطيعني وتحترمني، ووعدتْني بأنها ستكون زوجةً صالحة!

لكن للأسف مرتْ أيام قليلة، ثم عادتْ لِمَا كانتْ عليه، ولا حياة لمن تُنادي!

فهي لا تُطيعني، ولا تسمع كلامي في شيءٍ، وعادتْ للحديث عبر (الشات) مرة أخرى، فحرمتُ عليها ذلك، وأخبرتُها: إنْ فعلتِ ذلك فأنت طالقٌ، وللأسف عادتْ للشات مرة أخرى!

عادتْ لبيت أهلها، وبقيت هناك أسبوعين، ثم عادتْ إلى البيت، وأخبرتْني بأنها لا تريديني، وتريد الطلاق، وقالت: هاتفي أفضل منك!

صبرتُ عليها كثيرًا، وسكتُّ وتحمَّلْتُ منها الكثير، ثم اضطررتُ إلى أن أخبرَ أهلها بما دار بيننا، فقام أهلها بتهدئة الأمر، وطلبتْ مني أن أسامحها، وأن تعود للبيت مرة أخرى!

بعد مدة طلبتْ مني زيارة أهلها، وسمحتُ لها بذلك، وعندما أردْتُ إرجاعها قالتْ: لن أعودَ للبيت!

كل مرة أذهب أنا لأُعيدها، لكن هذه المرة أقسمتُ بأني لن أذهبَ إليها، وإذا أرادت الرجوع فلا بد أن يرجعها أهلها بأنفسهم.

أخْبِروني ماذا أفعل معها؟ هل أُطلقها أو أصبر عليها؟ علمًا بأن زواجنا لم يَمُرّ عليه أكثر من سبعة أشهر.

الإجابة:

الحمدُ للهِ، والصلاةُ والسلامُ على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومَن والاه، أمَّا بعدُ:

فقبْلَ الخَوْضِ في الجواب عن استشارتك، أدْعُوك -أيها الابنُ الكريم- إلى أن تقرأَ رسالتك جيدًا، وأن تتأمَّلها؛ كي تُبْصِرَ وتُدْرِكَ هل ما ذكرتَه عن زوجتك حقًّا؟ وهل هي تُكَلِّم رجالًا غرباء حقًّا؛ ومِن ثَمَّ طلبتْ منك السترَ عليها وألا تُفْشِيَ سِرَّها؟ أو إن الأمر على خلاف هذا؟

أنت في البدايةِ ذَكَرْتَ أنها تريد الطلاق، وأنها تكرهك، ولا تجعلك تستمتع بها، ثم عُدْتَ مرةً ثانيةً وأكَّدْتَ هذا المعنى، وأنها تريد الطلاق، وأن هاتفها عندها أفضل منك! وأَشَرْتَ إلى استخدامها الخاطئ للهاتف، فإن كنتَ تقصد -كما هو ظاهر من كلامك- أنها تتحدث مع رجالٍ أجانب، وهذا ما أثار غيرتك، فإن كان كذلك فهي فتاةٌ مُستهترة، يجب الأخْذُ على يديها، ومنْعُها بكلِّ السبُل مِن ذلك، والعمل على تقويم أخلاقها، وغلْق أبواب الشر عنها؛ لأن الأمر يتعلَّق بشَرَفِك ورجولتك، وليس بها فقط.

وهذه مسألةٌ مفصلية، لا تنازُل ولا تساهل فيها، فإن استقامتْ وحَسُنَ حالها، ولمستَ منها رغبةً صادقةً للحياة الكريمة، والمشاركة في بناء أسرة مستقرةٍ؛ فأمْسِك عليها، ولكن مع منْعِها من الهاتف مُطْلقًا؛ حتى تتيَقَّنَ مِن توبتها، وفطْمِها عن الشر.

كنْ على بصيرةٍ بأن السعي في إصلاح زوجتك يتطلَّب منك جهدًا وصبرًا، وعدمَ استبطاء استجابتها، وألا يشق عليك تلكُّؤها، فإنما عليك بذْلُ الوسع لاستنقاذ فطرتها من الرُّكام الذي ران عليها، وعطَّل أجهزة الالتقاط والاستجابة فيها للحق والصلاح والخير.

وقد تتساءل -أيها الابنُ الكريم-: لماذا كل هذا الجُهد، وكلُّ هذا الصبر، وكل هذه المشقَّة، وكل هذه التضحيات النبيلة؟

فالجواب: إن هداية إنسانٍ واحدٍ تستحق كل هذا وأكثر؛ فقد شاء الحكيمُ الخبيرُ أنْ يخلُقَ هذا الإنسان بخصائصَ تجعل هدايته موكولة إلى الجهد البشري.

ولْتَكُن البداية بعودة زوجتك للبيت، وتوسيط بعض أهل الخير في هذا

وفَّقك الله لكل خيرٍ، وقدَّر لك الخيرَ حيث كان.