الحج عن الغير: ميتًا أو حيًا عاجزًا

  • التصنيفات: فقه الحج والعمرة -
السؤال:

نوينا الحج السنة المقبلة أنا وزوجي وأداء لفريضة الحج، ولم نحج قبلاً بسبب عوائق أعاقتنا خلال سنين هجرتنا؛ أهمها مساعدة أهالينا لأنهم في ظروف صعبة في بلدنا الأصلي فلم نستطع تركهم بهذا الحال ونحن نحج؛ ولذا أردت استشارتكم: هل يحج زوجي الفريضة أولاً وبعدها إذا أراد الحج عن والديه في السنين القادمة يحج عنهم أم لا؟

علماً أنهم لم يقوموا بأداء فريضة الحج، وجزاكم الله خيراً.

الإجابة:

أولاً: فالواجب على زوجك أن يحج عن نفسه أولاً حج الفريضة، وله أن يحج ‏عن والديه في السنين القادمة ‏‎-‎‏إن شاء الله- ‎‏ وقد اشترط بعض العلماء كالشافعي ‏وأحمد، أن يكون قد حج عن نفسه حتى يحج عن غيره، ولو حج عن غيره قبل ‏ذلك انقلب إلى نفسه، لحديث ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم سمع ‏رجلاً يقول: لبيك عن شبرمة "، قال: «ومن شبرمة؟» فقال أخ لي، أو قريب لي. ‏قال: «أفحججت عن نفسك ؟» قال لا. قال: «فحج عن نفسك، ثم حج عن شبرمة» (‏رواه أبو داود، وابن ماجه، وصححه ابن حبان، والبيهقي). 

ثانياً: مسألة الحج ‏عن الغير لها حالات منها: ‏ 
1- الشيخ الفاني، والمرأة المسنة، أو المريض مرضاً لا يُرجَى برؤه وزواله. هل ‏يحج عنهم أو لا؟ ذهب كثير من أهل العلم إلى أنه من استطاع السبيل إلى الحج ثم ‏عجز عنه لمرض لا يرجى برؤه، أو شيخوخة، أنه يلزمه أن يستنيب من يحج عنه، وبهذا ‏قال الأئمة أبو حنفية، والشافعي، وأحمد.‏ وقال الإمام مالك: "لا حج عليه مادام لا يستطيع الحج بنفسه".‏ 

2- أما المريض مرضاً يُرجَى زواله، ونحو ذلك فإنه لا يحج عنه قال الإمام ابن ‏قدامة: "من يرجى زوال مرضه، والمحبوس، ونحوه، ليس له أن يستنيب، فإن فعل ‏لم يجزئه وإن لم يبرأ"، وبهذا قال الشافعي. وقال أبو حنيفة: له ذلك، لكن إن قدر ‏على الحج بنفسه لزمه، وإن لم يقدر أجزأ الحج عنه لأنه عاجز عن الحج بنفسه ‏فأشبه الميؤس من برئه. ‏ 

3- من مات وقد وجب عليه الحج ولم يحج، أو نذر حجة ولم يحج، فالراجح ‏من أقوال أهل العلم أنه يجب على ولّيِه أن يخرج عنه من ماله ما يحج به عنه سواء فاته ‏الحج بتفريط، أو بغير تفريط، أوصى بذلك أو لم يوص، لحديث ابن عباس رضي ‏الله عنهما أن امرأة جاءت إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقالت: "إن ‏أمي نذرت أن تحج فلم تحج حتى ماتت، أفأحج عنها؟ قال «نعم حجي عنها، ‏أرأيت لو كان على أمك دين أكنت قاضيته؟» قالت: نعم، فقال: «فاقْضوا الله الذي له، فالله أحق بالوفاء»  (صحيح البخاري رقم 7315)

وإنما فصلنا في ‏مسألة الحج عن الغير لأن السائل لم يبين حالة والديه. وهل هما حيان أم ميتان، ‏وعلى أنهما حيان فهل هما ممن تُرجى منه القدرة أم لا؟

 

والله أعلم.