مراهقة ابني تجاوزت كل الحدود

أخاف أن يتطوَّر الأمرُ؛ لأنه يستفزُّنا بطريقةٍ غير طبيعيةٍ، حتى إننا صِرْنا نحسُّ بأنه غير طبيعي، علمًا بأن لديه كلَّ شيء، وهو غيرُ محرومٍ مِن شيء؛ فعنده سيارةٌ، ويأخذ مَصْروفًا كبيرًا، وقد دخل الجامعة الآن.

  • التصنيفات: قضايا الشباب -
السؤال:

ابني عمره (18) عامًا، منذ صِغَره وهو شديدُ العصبية، وكلُّ ما يُرِيده نجعله يحصل عليه؛ حتى نتخلَّص مِن مشاكله! حتى إنه أصبح الآن يشتم ويسبُّ، حتى الذات الإلهية؛ لمعرفته أنَّ ذلك يُؤذِيني ويجعلُني عصبية لأصرخ في وجهِه!
 
أشعر أنه يحبُّ إثارتي أنا ووالده بالمشاكل، وكل يوم لديه مشكلة جديدة، حتى إنَّ والده أصبح يَضرِبه، وهو لا يتردَّد في أن يُجابِهَ أباه ويردَّ عليه.
 
أخاف أن يتطوَّر الأمرُ؛ لأنه يستفزُّنا بطريقةٍ غير طبيعيةٍ، حتى إننا صِرْنا نحسُّ بأنه غير طبيعي، علمًا بأن لديه كلَّ شيء، وهو غيرُ محرومٍ مِن شيء؛ فعنده سيارةٌ، ويأخذ مَصْروفًا كبيرًا، وقد دخل الجامعة الآن.
 
المشكلة أن أباه ذو مَنْصبٍ رفيع، ونخشى أن يؤثِّر بتصرفاته على أبيه، أصبح عندنا شكٌّ أن لديه جنونَ العَظَمة.

الإجابة:

لا بدَّ أن تكوني على يقينٍ بأن كلَّ طفلٍ يُولَد على الفطرة السليمةِ، وكل ما ينتابُه مِن مشكلاتٍ سلوكية أو أخلاقية هو نتاجُ التربية، والاختلاط بالأسرة والمجتمع.
 
وللأسرة الدَّور الأكبر في تعامُلهم مع الطفل، وفي ردودِ أفعالهم تُجَاه ما يصدر منه، فأوَّل علاجٍ لمشاكل الأبناء أن يَعتَرِف الوالدانِ بأنهما قد أخْطَئا معه في الصِّغَر، ويجب عليهم أن يَعذِرُوه، وأن يُعَوِّضوه بالفَهْم وبحُسن المعامَلة والأسلوب المناسب معه.
 
لكلِّ ابنٍ احتياجاتٌ ورغبات تتطلَّب مِن الوالدين فهمَ احتياجاته التي تدفعُه لتلك التصرُّفات الخاطئة، وفي حالةِ ابنِك بما أنه قد تجاوَز الطفولة وفي سن المراهقة، فأنصحُك بالآتي:
1- أولًا لا بدَّ أن تُثقِّفي نفسَك باحتياجاتِ ابنِك النفسية في تلك المرحلة العُمرية، وتُشفِقي عليه، فتغيُّر هرمونات جسمِه تَجعلُه دائمَ العصبيَّة والتوتُّر.
 
2- مِن احتياجات ابنِك في تلك المرحلة مثلًا:
• أن يشعرَ بالحبِّ والعطْفِ والأمان، يشعر بحبِّ الأبوَيْن له، ويشعر بأنه مَقبولٌ بشخصه، وأن تصرُّفاته هي التي تُزعِجُكم.
 
• يحتاج أن يشعرَ بالاستقلالية والرجولة.
 
• ويحتاج أن يشعرَ بثقتِكم فيه، وأنه أهل لتلك الثقة.
 
• يحتاج أن يشعرَ بجوِّ الأسرة والتضامُن، حتى وإن كان بعيدًا عنه، ويقضى جلَّ وقته في الخارج.
 
• يحتاج أن يشعرَ بالاهتمام، وأن هناك مَن بات ليطمئنَّ عليه، ويعرف أحواله، حتى وإن لم يحبَّ أن يتحدَّث، لكنه بحاجة إلى الشعور بالقبول والاهتمام.
 
3- حينما يبدأُ ابنُك في تصرفاته الخاطئة؛ ابحثي عن الرغبة الخفيَّة خلفَ ما يفعلُه؛ مثلًا: قد يصرخُ ليطلبَ أشياء مُعينة، أو ليعترض على أشياء مُعينة، لا تُرَكِّزي على صراخِه وطلباته، بقدْر تركيزك على حاجته النفسية الداخلية، هل يحتاج وقتها الشعورَ بأنه رجل؟ أو قد يحتاج اهتمامًا؟ أو ما هي حاجته النفسية؟ ومن ثَمَّ يُعالج السلوك وحدَه.
 
4- في وقتِ صفاءِ ابنِك لا بدَّ أن تمنحيه الحبَّ والمودَّة - وكذلك والدُه - وتشعريه بأنه رجل البيت، وأنكم تثقون به، وأنه أهل لتلك الثِّقة.
 
5- لا بدَّ مِن تحميلِه مَسؤولية معيَّنة؛ مثلًا: إن كان يحبُّ الكرة تشكِّلون له فريق أطفالٍ ليدرِّبهم، أو حلقة ليحفظهم القرآن، ابحثوا عما يحبُّ، وشجِّعوه على أن يساعدَ هؤلاء الأطفال، وأشعروه أنهم بحاجة له.
 
6- لا بدَّ مِن الصبر على سُلوكياته، والتحمُّل، وعدم استخدام أي أسلوب مِن أساليب العنف التي قد تُحدِث فجوةً بينكم طول العمر، اعذروه فالتغيُّرات التي بداخله ليستْ سهلةً، وعوِّضوه بالحاجات النفسية التي هو بحاجة لها، وسوف تجدون السلوك الخاطئ يختفي وحْدَه.
 
7- تجاهَلي بعضَ الأفعال، كأنك لم تريها؛ فالتجاهُل أسلوبٌ فعَّال أحيانًا.
 
8- ابدئي ببرمجتِه، والحديث معه على أنه قد تغيَّر، وأنه أصبح كما تتمنَّين طوال عمرك أن تَرَيه؛ فالإنسانُ يتطبَّع كما يراه الآخرون، فنظرتُكم السلبيةُ له تزيد مِن سلبيته، فابدؤوا بالنظَر له بالصفات التي تحبُّونها، وتحدَّثوا معه فيها، وستجدون كل التغيير - بإذن الله تعالى - فلا بد أن تغيِّروا قناعاتكم له.
 
9- اقرئي كثيرًا عن احتياجات المراهِق ومَشاكله، وكيفية التعامُل معه؛ فهذا يُفِيدكم كثيرًا.
 
10- حاولوا ألَّا يضغطَكم ويزيد مِن عبئكم نظرةُ المجتمع ومكانةُ والده فقط، فكِّروا مِن باب الأخْذِ بيدِه ومساعدتِه، وأنكم لا ترضون له ذلك؛ لأنه ابنكم لا غير، وتذكَّروا نبيَّ الله نوحًا وابنَه العاصي؛ فالهدايةُ بيدِ الله عز وجل وكلُّ إنسانٍ مُعرَّض لذلك، فلا تُشعِروه بضيقِكم نحوَه لنظرةِ الناس، وإنما لشخصه ولأنكم تحبونه.
 
11- لا تنسَي أن تدعي الله عز وجل له دائمًا بالصلاح والهداية؛ فدعاءُ الأم مُستجابٌ.
 
أقرَّ الله أعينَكم به، وهداه لصراطه المستقيم
 

 

أ. زينب مصطفى