تحايلت على فتاة فكيف أكفر عن ذنبي؟
خالد عبد المنعم الرفاعي
- التصنيفات: التوبة -
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
سرقتُ مالًا مِن فتاة بالتحايل عليها، وأعطيتُها شهادة مُزَوَّرةً، ولم تكن تعلم شيئًا عن هذا.
وحينما تقدمتْ للعمل اكتُشِفَ التزوير، وجاءتْ تُطالبني بحقِّها، فحاولتُ تعويضها بتعيينها في شركة صديق لي، وأعدتُ لها المال في شكل راتبٍ، وعند انتهاء حقها تسببتُ في فصلِها.
بكتْ كثيرًا بسبب ضَياع السنوات الماضية، وحاولتُ أن أساعدها في البحث عن عملٍ مِن خلال علاقاتي، حتى لا أشعرَ بأني آذيتها، ولأعوِّضها عما فقدتْه.
أخبروني ماذا أفعل تجاهها؛ حتى لا أتذكرَ ما فعلته معها؟
الحمدُ لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعدُ:
فما دمتَ تستطيع أن تساعدَ تلك الفتاة في الحصول على عملٍ شريفٍ حلالٍ، فافعلْ؛ عسى الله أن يجعلَ ذلك كفَّارة لك لما فعلتَه معها مِن أمورٍ محرمةٍ، ولا تجعلْ رغبتك في عدم تذكُّر أفعالك معها عائقًا عن تلك المساعدة، وقد قال الله تعالى: {إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ} [هود: 114]، وقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «مَنِ استطاع منكم أن ينفعَ أخاه فليفعلْ»؛ رواه مسلم.
واحمد الله - أيها الأخ الكريم - أنَّ ضميرك قد استيقظ، وندمتَ على خداع تلك الفتاة واستغلالك السيئ لها؛ فالواجبُ عليك الآن أن تبذلَ وُسعك في التكفير عن ذنبك، ولا يتأتى ذلك إلا أن تطلبَ منها العفو والمسامحة، أو أن تؤدِّيَ إليها مَظْلمتها، كما ثبت في الصحيح، عن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «مَن كانتْ له مَظْلمة لأخيه مِنْ عِرْضِه أو شيءٍ، فلْيَتَحَلَّله منه اليوم، قبل ألا يكونَ دينارٌ ولا درهمٌ، إن كان له عملٌ صالحٌ أُخِذ منه بقدْر مَظلمته، وإن لم تكن له حسناتٌ أُخِذَ مِن سيئات صاحبه فحُمِلَ عليه».
وظاهر الحديث أنه يجب على الإنسان أن يَتَحَلَّل مِن ظُلم أخيه حتى في العرض، فالمظالمُ إما أن تكون بالنفس، أو بالمال، أو بالعرض؛ لقول النبيِّ صلى الله عليه وسلم: «إن دماءكم وأموالكم وأعراضكم حرامٌ عليكم»؛ رواه مسلم.
وقد ذكرت أن حاجة الفتاة مَحْصُورة في الحصول على عملٍ؛ فساعِدْها في ذلك، فهو أطيبُ وأصلحُ في التحلُّل؛ لتتمكَّنَ نفسيًّا مِنْ أن تعفوَ عنك، ولْتكُنْ حذرًا لئلاَّ تدعو عليك وهي مَظلومة؛ فدعوةُ المظلوم لا يَحُول دون وُصُولها واستجابتها شيءٌ، كما في صحيح البخاري؛ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «واتق دعوة المظلوم، فإنه ليس بينها وبين الله حجابٌ»، وفيه عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه: "استعْمَلَ مولًى له يُدْعَى هُنيًّا على الحِمَى، فقال: "يا هُنَيُّ، اضممْ جناحك عن المسلمين، واتق دعوة المظلوم، فإن دعوة المظلوم مستجابة".
وفقنا الله وإياك ورزقنا جميعًا توبة نصوحًا.