أحلم بإتيان أشخاص من الدبر
خالد عبد المنعم الرفاعي
- التصنيفات: موضوعات متنوعة -
السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته.
أنا شابٌّ أرى دائمًا في منامي أشخاصًا أجامعهم من الدبُر، سواء ذكورًا أو إناثًا، وقد تكرر هذا الأمر معي كثيرًا!
قرأتُ في تفاسير الأحلام عن ذلك فرأيت من يقول: إن مَن ترى أنك تنكحه في دبره ينال منك، ورأيت آخر يقول: إن ما حولك وما تراه في حياتك قد يؤثر عليك فيما ترى أثناء نومك!
لكني لا أفكِّر في ذلك، وأعوذ بالله مِن أن أفكر في ذلك، فأنا ولله الحمدُ إنسانٌ أعرف حدود الله جيدًا، وأصلي - ولله الحمد - ولا أفكِّر فيما يغضب الله، وأعوذ بالله مِن أنْ أُفَكِّر في شيء من هذا!
فأرجو أن تخبروني بذلك، فقد بدأ يؤثر عليَّ نفسيًّا!
الحمدُ لله، والصلاةُ والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومَن والاه، أما بعدُ:
فالحمدُ لله الذي مَنَّ عليك - أخي الكريم - بالوقوف عند حُدوده سبحانه وتعالى، وأسأل الله أن يثبتنا وإياك على الحق.
فبدايةً نَوَدُّ أن نزيدك اطمئنانًا، ونُعْلِمك بأنَّ ما تراه من رؤية نفسك في المنام بهذه الصورة - أمرٌ لا يَضرُّك بفضل الله تعالى في شيءٍ، ولا يدُلُّ على أنك جانبتَ طريق الصواب، أو الطريق الصحيح في الحياة، لكن الشيطان - لعنه الله - يريك تلك الأحلام؛ رغبة في أن يُحزنك، أو يفسدَ عليك معاشك، أو يغرس الشكوك في نفسك؛ ولذلك يجب عليك ألا تستجيبَ لتلك الوساوس، وقد نبَّهنا النبي - صلى الله عليه وسلم - على أن تلك الأحلام مِن الشيطان؛ فقال: «الحلم من الشيطان»؛ متفقٌ عليه.
ومن المعلوم - حسًّا ومشاهدةً - أنَّ الإنسان قد يرى أشياء شديدةَ الغرابة في الحلم، وربما حصل احتلامٌ بسبب ذلك كما هو واقعٌ لك، فلا حرَج عليك في هذا، ولا ضرر، بل ما يشغلك حقًّا هو وُجُوب الاغتسال من الجنابة إذا وقع لك احتلامٌ مع الإنزال.
أما رُؤية تلك الصورة فلا تلتفتْ إليها؛ فإنها أمورٌ تحدُث مِنْ تخييل الشيطان وأُلْقياته ووسوسته، وتذكَّرْ أنَّ الاحتلام مِن الشيطان؛ كما في الصحيحين، عن أبي قتادة، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «الرؤيا مِن الله، والحلم مِن الشيطان»، ولذلك ذهَب جمهورُ أهل العلم إلى عدم جواز احتلام النبي - صلى الله عليه وسلم - وغيره من الأنبياء؛ لأنَّ فيه تلاعُبًا مِن الشيطان، وفرحًا لما يجري للمحتَلِم، والأنبياءُ مَعصومون من ذلك، وقد ورَد في هذا المعنى حديثٌ ضعيفٌ موقوفًا ومرفوعًا، عند الطبراني في معجميه الكبير والأوسط، عن ابن عباس رضي الله عنهما: «ما احتلم نبي قط، إنما الاحتلامُ مِن الشيطان».
ونصَّ الفقهاءُ على أنَّ النبيَّ لم يحتلمْ، وكذلك أمهات المؤمنين، وهذا ما جعَل أم سلَمة تتعجَّب من سؤال أم سُليمٍ عن احتلام المرأة؛ كما رواه البخاري ومسلمٌ عن أم سلَمة، قالت: جاءتْ أم سُلَيْمٍ إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقالتْ: يا رسول الله، إنَّ الله لا يستحيي مِن الحق، فهل على المرأة مِن غُسلٍ إذا احْتَلَمَتْ؟ قال النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -: «إذا رأت الماء»، فغَطَّتْ أم سلَمة - تعني: وجهها - وقالتْ: يا رسول الله، أَوَتَحْتَلِمُ المرأة؟ قال: «نعم، تربتْ يمينُك، فبِمَ يُشْبِهها ولَدُها؟».
وروى مسلمٌ عن أبي هريرة، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «والرؤيا ثلاثةٌ: فرؤيا الصالحة بشرى مِن الله، ورؤيا تحزينٌ مِن الشيطان، ورؤيا مما يحدث المرء نفسه، فإن رأى أحدكم ما يكره فلْيَقُمْ، فلْيُصَلِّ، ولا يُحدِّث بها الناس»، قال: "وأحب القيد، وأكره الغُلَّ؛ والقيد ثباتٌ في الدين"، فلا أدري هو في الحديث، أم قاله ابن سيرين؟
وعن أبي سلَمة، قال: كنتُ أرى الرؤيا أُعْرَى منها، غير أني لا أُزَمَّل، حتى لقيتُ أبا قتادة فذكرتُ ذلك له، فقال: سمعتُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «الرؤيا من الله، والحلم مِن الشيطان، فإذا حلم أحدكم حلمًا يكرهه، فلينفثْ عن يساره ثلاثًا، وليتعوَّذْ بالله مِن شرها، فإنها لن تضره»؛ رواه مسلمٌ.
وعن أبي هريرة، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «إذا رأى أحدكم رؤيا يكرهها، فليتحوَّل، ولْيَتْفُلْ عن يساره ثلاثًا، وليسأل الله مِن خيرها، وليتعوذْ بالله مِن شرِّها»؛ رواه ابن ماجه، وصححه الألباني.
وعن جابرٍ، عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: «إذا رأى أحدكم الرؤيا يكرهها، فليبصقْ عن يساره ثلاثًا، وليستعذْ بالله من الشيطان ثلاثًا، وليتحولْ عن جنبه الذي كان عليه»؛ رواه مسلمٌ.
فتعاملْ - أخي الكريم - مع هذه الأحلام حسب ما وَرَدَ في السنة المطهَّرة، فإذا رأيتَ مثل هذا ونحوه من الأمور المُسْتَكْرَهَة، فاستعذْ بالله من الشيطان الرجيم، ومِن شر هذا الحلم، ثم انفثْ عن يسارك ثلاث مراتٍ، وإن كنتَ تريد مُواصَلة النوم، فتحوَّل عن جنبك الذي أنت عليه إلى الجنب الآخر وتجاهَلْها، فلا تحكِها لأحدٍ، ولا تتحدث عنها، وكل هذا ثابتٌ عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في الصحيح.
وكذلك احرصْ على آداب النوم الواردة في السُّنَّة المُشرَّفة، فتوضَّأ قبل أن تنامَ، وحافظْ على الأذكار الواردة في السُّنَّة المشَرَّفة عند النوم؛ فإنَّ ذلك يُفيدك فائدةً عظيمةً في التخلُّص مِن مثْل هذه الأحلام.
ونسأل الله لك التوفيقَ والعافيةَ في الدين والدنيا والآخرة.