عقدة كره الرجال

خالد عبد المنعم الرفاعي

  • التصنيفات: قضايا المرأة المسلمة -
السؤال:

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أنا فتاة لم أتمّ العشرين من عمري، أكره الرجال كرهًا شديدًا، ومِن كثرة الحرقة التي داخلي أعبِّر عن هذا الكره كتابةً.

فما الحل؟

الإجابة:

الحمدُ لله، والصلاةُ والسلامُ على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومَن والاه، أما بعدُ:

فاعلمي - أيتها الابنةُ الكريمة - أنَّ الرجالَ كالنساء؛ فيهم البَرُّ والفاجرُ، والصالحُ والطالحُ، وكما لا يَحْسُن للرجل أن يكره جنسَ النساء ويزدريهنَّ، أو يعتقد نقصهنَّ كلهنَّ، فكذلك أنتِ لا يجوز لك أن تذهبي لهذا، فالإنسانُ أسيرٌ لتجاربه، وأنت لَم تُقابلي جميع الرجال، بلْ خبرتِ بضعة رجالٍ، فلا تسحبي الحكم على الجميع؛ {وَمَا شَهِدْنَا إِلَّا بِمَا عَلِمْنَا وَمَا كُنَّا لِلْغَيْبِ حَافِظِينَ} [يوسف: 81]؛ أي: إنا ما شهدنا بشيءٍ لَم نعلمه، وإنما شهِدنا بما علمنا.

فقد جاء الإسلامُ لِيَرْفَعَ عن المرأة إهانات الجاهلية الأولى، وسائرَ الجاهليات القديمة والمعاصرة، التي نزلتْ بالمرأة عن مَنْزلة الرجل نُزُولًا شنيعًا، حتى تركتْها أشبه بالسلعة منها بالإنسان، فلا تعرف لها حقوقًا، بل تتخذ منها مادةً للتسْلِية والمُتْعَة البهيميَّة، وتطلقها فتنةً للنفوس، وإغراءً للغرائز، وموضوعًا للتشهِّي والغزل العاري، فجاء الإسلامُ فرَدَّها لمكانها الطبيعيِّ في كيان الأسرة، فجعل دورَها الجدي بناء الأسرة والمجتمع، وقرر تعالى مَبْدَءًا عامًّا في مفتتح سورة النساء: {الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً} [النساء: 1].

ورفع الإسلامُ مستوى المرأة إلى مستوى الرفعة الإنساني في نظام الأسرة، وظلَّلها بظلال الاحترام، والمودَّة، والتعاطُف، والتجمُّل، فقد راعى الإسلام إنسانية واستقلال شخصية المرأة، وكلفها بما كلَّف به الرجل من التديُّن والعبادة، والمشارَكة في النشاطات الاجتماعية، وسَمَح لها بالأعمال التي تتَّفق مع طبيعتها، وتُناسب فطرتها وأنوثتها، وشرع لها نصيبَها في الميراث، وأشْرَكها في إدارة شؤون الأسرة وتربية الأولاد، وأَوْجَب معاملتها بالمعروف، واحترام آدميتها؛ كما أنه ساوى بينها وبين الرجال في الولاية على المال والعقود، وجعل لها ذِمَّةً ماليةً مُستقلَّةً، ومنع الآباء مِن إجبارها على الزواج.

والحاصلُ أن الإسلامَ رفَع من شأن المرأة، وسوَّى بينها وبين الرجل في أكثر الأحكام؛ مِن الإيمان والطاعة، وحق التعبير عن الرأي والنصح، والأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر، والدعوة إلى الله، كما أن لها حقَّ التملُّك، والبيع والشِّراء والميراث، ولها أن تتصدَّق من مالها ما شاءتْ، ولا يجوز لأحدٍ أن يأخذَ مالَها بغير رضًا منها، ولها حق الحياة الكريمة، لا يُعْتَدى عليها ولا تُظْلم، ولها حق التعليم.

وفَّقنا الله لما اختلف فيه مِن الحقِّ بإذنه.