تحكم الخاطب بخطيبته قبل الزواج
خالد عبد المنعم الرفاعي
فتاة مخطوبة لشابٍّ يتحكَّم فيها وفي خروجها مِن بيت أهلها، وعندما خرَجَتْ بدون إذنه غضب منها، وطلَب فسخ الخطبة بحجة أنها بذلك أهانتْ رجولتَه وكرامته.
- التصنيفات: فقه الزواج والطلاق - العلاقة بين الجنسين -
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أنا فتاة مخطوبة وخطيبي يتحكَّم في خروجي ودُخولي وأنا في بيت أهلي، ويَطْلُب مني ألا أذهبَ مع أهلي إلى أماكن التنَزُّه، وكانتْ تَحْدُث مشكلات كثيرة بيني وبين أهلي بسبب رفضي للخروج معهم، ولم أكنْ أُخبرهم أنه مَن يَطْلُب مني ذلك.
بدأتُ أشعُر بالاحتكار، وأن حقي يَضيع مني بتصرُّفاته هذه، فبحثتُ عن حقوق الخاطب وقت الخطبة فلم أجدْ له أي حق في أن يأمرَني بالطاعة، واجهتُه بهذه الفتوى فلم يَلتفتْ إليها، وبعدها خرجتُ إلى مكانٍ بدون إذنه، وأخبرتُه فقط أني سأخرج فرَفَض، وغَضِب مني عندما علم أني خرجتُ مع رفْضِه، وقال: أنت أهنتِ كرامتي ورجولتي، وطلب أن نفسخَ الخطبة.
فأخبِروني هل أنا بذلك أهنتُه؟ وهل له الحق فيما يفعل؟
وجزاكم الله خيرًا.
الحمدُ لله، والصلاةُ والسلامُ على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومَن والاه، أما بعدُ:
فالخطبةُ مجردُ وعدٍ بالزواج، ولا يجب بها شيءٌ في حق الخاطبين، فإن كان الحال كما ذكرت أيتها الأخت الكريمة، أن العلاقة التي تربطك بهذا الشاب هي مجرد خطبة، فأنتِ ما زلتِ أجنبيةً عنه، وحُكمُه بالنسبة لك حُكْمُ الرجال الأجانب، فليس له أن ينظرَ إليك، ولا أن يخلوَ بك، وكلامُه معك لا يكون إلا بإذنِ الوليِّ وبضوابطَ وشروطٍ، فإن كان الأمرُ كذلك فلا يتصور شرعًا ولا عُرفًا أن له حقًّا عليك، وأن له أن يأمرك وينهاكِ، كما لا تجب عليك طاعتُه كما تطيع الزوجةُ زوجها؛ لعدم وجود موجب هذه الطاعة.
بل إن أهل العلم قد نصُّوا على أن المرأة المعقود عليها لا يلزمها طاعة زوجها ما دامتْ عند أهلها، وإنما طاعتُها لوليها، فالخاطبُ أحرى ألا تلزم طاعته، ولا يكون له سلطان عليك، لكن ذلك لا ينافي الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وبَذْل النُّصح، مع التنبيه على أن الخاطب قبل العقد أجنبي عن مخطوبته.
والذي يَظهر أن خطيبك يَجْهَل أحكام الشرع الحنيف في أبواب الأحوال الشخصية، فيُمكن لأحد أوليائك أو أقاربك أو بعض أهل العلم أن يتدخل للصلح بينكما، ويُبَيِّن له أنك فعلتِ ما يُباح لك، وأنك لم تهيني رجولتَه ولا كرامتَه، بل هو مَن أخطأ في نهيك عن الذهاب أو الخروج، وكذلك أخطأ لما لم يصغِ لسماع كلام أهل العلم في أحكام الخطبة الشرعية.
وفَّقك الله لكلِّ خير، وقدَّر لكما الخير حيث كان.