أشعر أنه لا يوجد لدي شيء للحديث عنه
بناء الإنسان لنفسه من خلال القراءات المتعددة؛ والمعلومات التي يكتسبها سواء أكان ذلك من خلال دراسة أكاديمية؛ أو من خلال قراءات حرة، فإذا كان ذهن الإنسان هو المطحنة؛ فإن المعلومات التي يضعها فيه هي القمح والحب.. ولا غنى لأحدهما عن الآخر من أجل إخراج الطحين..
- التصنيفات: استشارات تربوية وأسرية -
عندما أجلس مع الآخرين؛ في أي اجتماع عائلي أو مناسبة عامة؛ أشعر أنه لا يوجد لدي شيء للحديث عنه؛ وأشعر أني لا أملك أي أفكار عميقة أو جديدة؛ ولذلك فإني أفضل السكوت.. بينما أرى آخرين يتحدثون بطلاقة ويستمع الناس لهم باهتمام.. أثر هذا على نفسيتي ونظرتي لنفسي وثقتي بها؛ أرجو المساعدة؟
الأخ الكريم.. نشكر لك تواصلك..
عقل الإنسان وفكره هو نتيجة لثلاث عوامل رئيسة:
الأول: القدرات الوراثية التي يهبها الله له في أصل خلقته، وهذا يشمل الصفات العقلية كالذكاء، والصفات الخلقية كالحلم، والصفات الخلقية (بفتح الخاء) كلون البشرة... وهي أمور لا اختيار للإنسان فيها.
الثاني: البيئة والنشأة؛ فالخبرات الحياتية المتعددة، والمتمثلة في تجارب الحياة، ودائرة العلاقات الخاصة والعامة من أصدقاء وقرابة، هي عوامل مؤثرة للغاية؛ فالإنسان يتعلم من حياته الكثير؛ خاصة إذا كان ممن يحرص على التفكير فيها؛ والاستفادة منها؛ ويبقى أن الزمن هو خير معلم؛ وصغر سن الإنسان عامل مؤثر قطعاً في كمال عقله حتى وإن تمتع بقدر عال من الذكاء. فالذكاء شئ.. والعقل شئ آخر.. فليس كل ذكي عاقل!!
الثالث: بناء الإنسان لنفسه من خلال القراءات المتعددة؛ والمعلومات التي يكتسبها سواء أكان ذلك من خلال دراسة أكاديمية؛ أو من خلال قراءات حرة، فإذا كان ذهن الإنسان هو المطحنة؛ فإن المعلومات التي يضعها فيه هي القمح والحب.. ولا غنى لأحدهما عن الآخر من أجل إخراج الطحين..
والخلاصة: أن تفكيرك أخي السائل ينبغي أن يركز على الجانب الثاني والثالث..
ففي الجانب الثاني لا بد أن تكون صاحب تأمل فيما يحدث حولك، وأن تخوض تجارب متعددة وأن توسع دائرة علاقاتك، وخاصة بأولئك الذين يضيفون لك جديداً؛ ولا بأس بالسفر لتوسيع الآفاق ورؤية العالم بشكل أوسع..وإذا كان الإنسان لا يتحكم بشكل كبير في بيئته في سنين طفولته الأولى فإن قدرته بعد ذلك تكون أكبر ولا شك.
وفي الجانب الثالث؛ لا بد أن توجد لك قراءات ومتابعات لكتب أو مواقع أو قنوات جادة وليس بالضرورة أن تكون دينية؛ والمطابع تقذف يومياً آلالاف الكتب، والمعلومات في العالم تتضاعف بشكل دوري وفي مدد قصيرة وبشكل هائل؛ وهذا ما دعا البعض بتسمية عصرنا بعصر انفجار المعلومة.. فأين نصيب عقولنا من هذا الفيضان الهائل من المعلومات على كافة الأصعدة؟؟
وأخيراً.. ليس بالضرورة أن أولئك الذين يأخذون بدفة الحديث في المجالس العامة أنهم أصحاب عقل وفكر.. وإنما قد تكون جرأة وثقة بالنفس لا يملكها غيرهم؛ وقد يكون كلامهم فارغاً من أي مضمون عميق؛ وقد تجد من الجالسين الصامتين من هو أعمق فكراً وأكثر تجربة إلا أن خجله وضعف ثقته بنفسه قد يدعوه إلى الانزواء وتفضيل الصمت على الكلام.
المستشار: أ.وليد الرفاعي