أنا متشائمة

فتاة تعاني مِن تشاؤُم شديدٍ ونظرة سوداوية مؤثرة على حياتها، بسبب ظروف اقتصادية صعبة منذ طفولتها، مما جَعَلَها يائسةً مِن الحياة.

  • التصنيفات: استشارات تربوية وأسرية -
السؤال:

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أنا فتاةٌ عمري 29 عامًا، أستطيع أن أقولَ: إن اسمي: (حلم)، لكنه حلم على الورق! 

أعاني مِن تشاؤُم شديدٍ ونظرة سوداوية مُؤثرة على كل حياتي، فقد واجهتُ ظروفًا اقتصاديةً صعبة منذ الطفولة، مع ذلك استطعتُ إكمال دراستي، لكن تشاؤمي أثَّرَ عليَّ في العمل؛ حيث تنقلتُ بين الشركات ولم أكملْ في أي شركة أكثر مِن سنتين.

 

دائمًا أسمع نفس الملاحظات والتعليقات مثل: أنتِ تنشرين طاقة سلبية، أنتِ متوترةٌ أكثر من اللازم!

 

علاقتي بأهلي سيئة جدًّا، حتى إنني في كثيرٍ مِن الأحيان أُعبِّر عن كُرهي لهم؛ وذلك لشعوري بأنهم السبب في الظروف المادية السيئة التي أثَّرَتْ على حياتي.

 

تأخَّرَ زواجي وزواج شقيقتي، وحاليًّا أمُرُّ بحالةٍ كرهٍ للحياة.

الإجابة:

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.

في البداية أختي الكريمة أُهنئك على نجاحك واستمرارك في إكمال دراستك، رغم الظُّروف التي واجهتك، وذلك ينم عن أنك إنسانة طموح صابرة، قادرة على تحمُّل ظروف الحياة لتحقيق أهدافها ورغباتها التي تسعى إليها، ولعلك تنطلقين في جميع شؤون حياتك مِن هذا المبدأ الذي اعتمدتِه في حياتك العلمية، فقومي بتطبيقه على حياتك الأسرية والعملية، وبإذن الله ستحققين نجاحات متتالية وإنجازات رائعة.

 

دعينا نبدأ مِن الآن بالنظَر إلى الحياة بشكلٍ مختلفٍ، ورُؤية واقعيةٍ:

بدايةً كل ما يَمُرُّ بنا في هذه الحياة قد كَتَبَهُ الله علينا بخيره وشره، ونحن مؤمنون بأنها أمور قدَرية لا يد لنا فيها، ولكن الله سبحانه وتعالى يختبر صبرنا عن طريقِها، فكوني على ثقةٍ بالله عز وجل أنَّ بعد العسر يسرًا كما قال تعالى: { سَيَجْعَلُ اللَّهُ بَعْدَ عُسْرٍ يُسْرًا}  [الطلاق: 7]، مع التركيز على الجانب الإيماني؛ كالمحافظة على الصلاة، وكثرة الدعاء في أوقات الاستجابة، وكذلك الحرص على الأذكار اليومية، ولا نغفل عن عبادة عظيمة جدًّا ولها أكبرُ الأثر في حياتنا وهي حُسن الظن بالله.

 

كذلك تَذَكَّري أختي الكريمة أنَّ جميع الناجحين في هذه الحياة لم ينجحوا مِن أول وهلة، بل هم أناس مثلنا تمامًا فشلوا فأعادوا المحاولة مرات ومرات إلى أن حققوا النجاح، وما الفشل إلا بداية انطلاقة قوية نحو النجاح؛ لأنه أصبح بيتَ خبرة لا يستفيد منه إلا أشخاصٌ أمثالك قرَّروا أن يركزوا على تلك التجارب والاستفادة منها، والدليل أنك لقبتِ نفسك بـ(الحلم)، وأنا على يقينٍ أنك قادرة على تحقيق هذا الحلم.

 

نأتي الآن لتغيير نظرتك التشاؤمية، فمن المهم جدًّا أن تُعيدي التفكير في نظرتك للحياة، فالحياةُ جميلة، وجمالُها نابعٌ مِن قناعتنا بذلك إذا أردنا أن نراها جميلةً، وإنَّ الشخص الذي ينظر إلى الحياة بتفاؤل ليس أعمى ولا واهمًا، لكنه شخص واقعي يُدرك أن الحياة بقدر ما فيها مِن المشكلات يوجد إلى جوارها الحلول؛ لذلك تجدينه متفائلًا دائمًا.

 

أختي الكريمة، انظري إلى نِعَم الله التي منحك إياها، وأهَمُّها نعمة الحياة، فالله منحك عمرًا تستطيعين من خلاله الوصول إلى رضاه سبحانه وتعالى ثم تحققين ما تريدين.

 

كذلك منحك الدين والأسرة التي تعيشين في وسطها، بينما غيرك حُرِم من كل ذلك، وهم السبب بعد الله في وجودك في هذه الحياة، وأنا متأكدة أنهم لو كانوا يستطيعون تقديم أكثر مما قدَّموا فلن يبخلوا عليك بذلك.

 

أقبلي على الحياة بوجه آخر، وامنحي الحب لمن حولك، وخُذي الحب منهم، قومي بواجباتك وطالبي بحقوقك قدر المستطاع، وجاهدي لتحقيق أحلامك، واكتشفي مهاراتك وقدراتك الكامنة وقومي باستغلالها.

 

اكتبي النقاط السلبية في شخصيتك، واسعي جاهدةً في تغييرها عن طريق القراءة وحضور الدورات، ومنها ما يقام بالمجان عن طريق الإنترنت (أون لاين)، ولا تحتاج حضورًا مباشرًا، ففيها فائدة كبيرة، مع الحرص على انتقاء مدربين متميزين.

 

احرصي كل الحرص على مصاحبة الأشخاص الإيجابيين الذين يبثُّون روح التفاؤل وجمال الحياة لمن حولهم، وفي النهاية أمرُ زواجك أنت وأختك لم يكتبه اللهُ إلى الآن، ولا تعلمين لعل هذا التأخير فيه خير لك ولها، وأن الله سبحانه وتعالى يريد لكم الأحسن.

 

وختامًا، تمنياتي لك بحياة سعيدة، وحياة إيجابية مع تحقيق أمنياتك