الخوف

شاب يشعر بالرعشة عند أي مشكلة

  • التصنيفات: استشارات نفسية -
السؤال:

أنا شابٌّ، كلَّما تحدث لي مشكلة أو موقف مؤثر أشعر برعشة شديدة جدًّا، لا أقدر فيها أن أسيطر على الموقف، أرجو الإجابة، وجزاكم الله خيرًا!!
 

الإجابة:

الأخ الكريم:

عندما يمر أي شخص منَّا بموقف مزعج أو مثير فإنه يستخدم وسيلة ما للتفاعل مع هذا الموقف؛ للتخفيف من حِدَّته واحتوائه والسيطرة عليه؛ وهناك العديد من الوسائل: فمنها الصِّحيُّ والمفيد كالانسحاب والتفكير بعقلانية وتهدئة النفس، ومنها غير الصِّحيِّ كالوقوع على الأرض في إغماءَة بسيطة أو الرَّعشة الشديدة أو غير ذلك كثير.


وما أريده منك هو العمل على تطوير وسائل أخرى للتعامل مع أيِّ موقف، ومنها الآتي:

أولاً: تهدئة النفس عن طريق الحديث الواعي مع النفس: (أوه! إن شاء الله خير.. لم يحدث إلا الخير.. توكل على الله.. لا أدري ربما في ذلك خير..) وهكذا يحاول المرء أن ينظر إلى الجانب الإيجابي أو المقبول من الحدث، ومن ثم تعتمد عليه للتعامل مع الحدث.


ثانيًا: القدرة على انتزاع النفس من مواجهة المشكلة والحكم عليها من بعيد؛ لأننا - ونحن داخل الحدث - لا نستطيع رؤية كامل الصورة؛ لذلك انتزعْ نفسك بالخيال من الحدث، وفكِّر فيه بهدوء، واسأل: ماذا لو كنت مكان الشخص المقابل؟ انظر العالم بمنظوره هو، فربَّما لو كنت في سِنِّه أو في مكانه لتصرفت بنفس الأسلوب، وهكذا ستجد أنك تعاملت مع الموقف بحكمة وتخلصت من هذه الرعشة...


ثالثًا: خفِّف من حدَّة المشكلة بالنظر إلى أهميتها على المدى البعيد، وتذكر أننا نرى بعض الحوادث الصغيرة على أنها كوارث إذا نظرنا لها من منظور قصير الأمَد، تمامًا كما نرى التلال الصغيرة وكأنها جبال ضخمة عندما نقترب منها، ولكن مع اعتبار عامل الزمن فسوف نكتشف أن هذا الأمر لا يستحق الاهتمام والانشغال؛ ولذا اقترح أحد الكُتَّاب أن تُوجِّه سؤالاً لنفسك: هل سيعني هذا الأمر شيئًا بعد عشر أو عشرين سَنَة؟


لقد رَوَى لي صديق كيف تعرَّض لضغط نفسي كبير عندما أجبرته الظروف على التوقُّف عن دراسته الجامعية لمدة سنة، كان يفكر بمقدار الخسارة التي خسرها، وفي ذلك الحين شَكَا لأحَدِ أساتذته قَلَقَه هذا، فقال له كلمة ظلَّتْ محفورة في ذِهنه إلى هذه اللحظة: لقد حصلتُ على الدكتوراه سنة 1977م ولكن فكر معي ماذا يعني لي الآن لو أني حصلت عليها سنة 1978م؟!! الفرق طفيف.. أو لا فرق أصلاً؛ لذا لا تحزنْ على تأخير هذه السَّنَة! عندما تَتَحدث بمثل هذا الحديث عند وقوع المشكلة فستخفف عنك الكثير، إنَّ هذه تقنية جرَّبها العديد من الناس وأعطت نتائج رائعة.

 


خـتامًا: رأيت خلال عملي كطبيب نفسي من الناس من يبدع في تكبير المشاكل والأحداث ويهوِّل منها.. مثل هؤلاء يتفننون في أذيَّة أنفسهم والآخرين حتى في المواقف التافهة أو قليلة الأهمية (تأخر ابنه عن البيت.. حصول ابنه على درجات متدنية..) ومثل هؤلاء يعيشون حياة تعيسة مليئة بالتوتر والأمراض الجسدية، ويموتون بسرعة دون سبب مقنع..!!