حكم التخيلات الجنسية أثناء الجماع

رجل يتخيَّل محارمَه (أمَّه وأختَه) في أثناء الجماع، ويسأل عن حكم ذلك.

  • التصنيفات: استشارات نفسية -
السؤال:

السلام عليكم.

لدي وسواس؛ إذ تأتيني فكرة وقت الجماع أن زوجتي هي أمي أو أختي، ولا أقدر أن أصرِفه عني، فهل إذا أتممت عملية الجماع أكون مذنبًا؟ فأنا لا أقدر أن أصرف هذه الصورة ولا أحبها.

الإجابة:

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.

حكم التخيلات الجنسية:

التخيلات الجنسية تطرأ على ذهن الإنسان؛ بسبب ما يدور في عقله الباطن من صور وأفكار لِما يراه في بيئته المحيطة به، وهذه التخيلات إذا كانت عابرة، ويجاهد المرء نفسه لطردها، فلا شيء عليه، فهي حديث نفس يدخل تحت المعفو عنه؛ كما في قوله تعالى: {لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا} [البقرة: 286]، وفي حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:«إن الله تجاوز لأمتي ما حدثت به أنفسها ما لم يتكلَّموا أو يعملوا به»؛ [البخاري (2528)، ومسلم (127)].

 

قال النووي في شرح هذا الحديث: "وحديث النفس إذا لم يستقر ويستمر عليه صاحبه، فمعفوٌّ عنه باتفاق العلماء؛ لأنه لا اختيار له في وقوعه، ولا طريق له إلى الانفكاك عنه"؛ [الأذكار (ص: 345)].

 

أما إذا تخيَّل في أثناء الوطء غير زوجته ولم يمنع نفسه من هذه الأفكار والتخيلات، ففيها خلاف بين العلماء، والراجح التحريم، وأنه يأثم بهذا، قال ابن مفلح الحنبلي: "ذكر ابن عقيل وجزم به في الرعاية الكبرى: أنه لو استحضر عند جماع زوجته صورة أجنبية محرمة أنه يأثم ... أما الفكرة الغالبة، فلا إثم فيها"؛ [الآداب الشرعية: (1/ 98)].

 

وهذا ما يرجِّحه طائفة من أهل العلم من أن خواطر النفس إذا أصبحت عزيمة وإرادة، دخلت في دائرة التكليف، والتخيلات المحرمة التي يجلبها الذهن بإرادته انتقلت من دائرة العفو؛ لأنها أصبحت همًّا وعزيمة يحاسب عليها المرء.

 

وعليه: إذا كانت هذا التخيلات التي تأتيك في الجماع خاطرًا وتطرُده، فلا شيء عليك، وإذا تابعت الفكر فيها وأصبحت تتلذذ بها، فتأثَم على ذلك، والأمر يزداد قبحًا؛ حيث يتعلق بمحارمك.

 

والنصيحة لك أيها الأخ الفاضل: أن تتعلق بطاعة الله وتزداد قربًا إليه، فالشهوات علاجها التقوى، والتقوى تزداد بفعل الأوامر واجتناب النواهي، وألَّا تغفل عن الدعاء قبل الجماع لطرد الشيطان؛ فتقول: «اللهم جنِّبنا الشيطان، وجنب الشيطان ما رزقتنا»  [البخاري (141)، ومسلم (1434).

 

وأن تبتعد عن كل ما يثير الشهوة؛ قال الغزالي: "وعلاج دفع الخواطر الشاغلة قطعُ موادِّها؛ أعني: النزوع عن تلك الأسباب التي تنجذب الخواطر إليها، وما لم تنقطع تلك المواد لا تنصرف عنها الخواطر"؛ [إحياء علوم الدين: (1/ 162)].

 

والله أعلم، هذا، وصلى الله على محمد وعلى آله وصحبه وسلم.