أريد الزواج من مطلقة

رجل متزوج من امرأة تُحبه كثيرًا، وهو لا يبادلها الشعور ذاته إلا المعاشرة بالمعروف، أحبَّ امرأة مطلقة تَكبُره بسبع سنوات، ويريد الزواج بها، لكنه يخشى على زوجته وأولاده، وكذلك اعتراض أهله وأهلها، ويسأل: ما الحل؟

  • التصنيفات: قضايا الزواج والعلاقات الأسرية - استشارات تربوية وأسرية -
السؤال:

أنا متزوج منذ خمس سنوات، وحياتي الزوجية تسير بمنحًى طبيعي؛ أي: هناك فترات تكون العلاقة بيني وبين زوجتي طيبة، وفترات أخرى تكون هناك بعض المشاكل الأسرية كأي أسرة، زوجتي تحبني إلا أنني لا أبادلها الشعور ذاته، اللهم إلا المعاشرة بالمعروف طاعةً لله، ثم عرفت امرأة مطلقة زميلتي في العمل، تكبرني بسبع سنوات، ولديها أولاد، وهي على خُلُقٍ ودينٍ وحَسَبٍ، وميسورة الحال، وأُعجِبتُ بها إعجابًا بالغًا، وتعلقت بها، وهي كذلك بادلتني نفس الشعور من الإعجاب والتعلق، ثم تحوَّل ذلك إلى حبٍّ، ولم أتعلق بها إلا وأنا راغب في الزواج منها، لكن هناك الكثير من العقبات في زواجنا: أولًا: قد لا توافق زوجتي الأولى ولا أهلي - وربما أهلها كذلك - على هذا الزواج،

ثانيًا: قد يتفاقم الأمر بيني وبين زوجتي بإصراري على الزواج، وأتوقع منها أن تطلب الطلاق، لكني لا أريد أن أُطلقها وأهدم أسرتي، فهل يجوز لي أن أتقدم لخِطبتها، فإذا وافق أهلها أعلَمْتُ أهلي بذلك، وإذا لم أستطع إقناعهم بأي شكل، وتَمَّ رفض الزواج منها - سأكون بذلك قد تجنبتُ المشاكل بيني وبين زوجتي وأهلي؟

الإجابة:

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسوله الأمين؛ أما بعد:

فملخص المشكلة: أنك متزوج، ولديك أطفال، وزوجتك تحبك، لكنك لا تبادلها نفس الشعور، وأن تعاملك معها مجرد تأدية حق وواجب، وتعرفت على زميلة في العمل مطلقة ولديها أطفال، وتكبُرك بسبع سنوات، وتطورت المعرفة إلى الحب والتعلق، وتريد الزواج بها زوجةً ثانية، ولكن هناك عدة عقبات؛ منها: عدم رضا زوجتك الأولى، وربما لو تزوجتها تطلب الطلاق، وأنت لا تريده، وربما أيضًا عدم رضا أهلك وأهلها، وتستشير في خِطبتها، وإن لم يوافق أحد الطرفين من أهلك أو أهلها، وعدلتَ عن ذلك: هل يكون هذا الإجراء مشكلة مع زوجتك أمِّ أولادك وأهلك؟

 

الجواب:

أقول وبالله التوفيق:

يتلخص التوجيه حول هذه المشكلة وأمثالها فيما يلي:

١- احمد الله يا أخي على نعمة الزوجة والأبناء، خاصة أن الله قد شرح صدرها بحبك وتقديرك واحترامك، وتربية أبنائك؛ فالزوجة الصالحة المحبة المؤدبة المطيعة سكنٌ للزوج؛ قال تعالى: {وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً} [الروم: 21]، فزوجتك متحببة إليك ومتوددة، فلماذا لا تبادلها نفس الشعور؟ قد تقول: ما أحببتها، فنقول: الغالب ما اخترتها إلا بعد دراسة وسؤال، ونظرة شرعية، وحب وقناعة، وقد بينتَ في سؤالك أنه تارة تكون العلاقة جيدة، وتارة أخرى يكون العكس.

 

أخي الكريم، ليس بيتٌ إلا وتعتريه الإشكالات والاختلافات في وجهات النظر، وخاصة بعد حصول الذرية، أَمَا سألت نفسك: لماذا أنت منصرفٌ عن حلال رزقك الله إياه، بالحب والود والكلام الجميل (الزوجة) إلى (زميلة بالعمل) لا تحل لك شرعًا حتى تنكحها؟ أما فكرتَ فيمن يُزين لك تلك التي لم تحل لك بعدُ، وهي مطلقة وصاحبة أولاد، وتكبرك سنًّا، وتراها في عينك جميلة وصاحبة خُلُقٍ وأدب؟ أما علمتَ أن هذا كله من وساوس الشيطان الذي يصرفك عن الحلال؛ ليحاول أن يوقعك في الحرام إن استطاع؟

 

٢- كل إنسان إذا أراد الإقدام على مشروع يحتاج إلى دراسة جدوى تتضمن: الإيجابيات، والسلبيات، والعقبات، وآليات التنفيذ، والنتائج، وغيرها.

 

ومشروعك للزواج من هذه المرأة مؤشراته واضحة: توقع عدم رضا الزوجة الأولى، وربما لو حصل تطلب الطلاق، وأنت لا تستطيع التضحية بفكاك الأسرة وشتات الأولاد، ويتضح من ذلك عدم استطاعتك لتلك الإدارة أو حل تلك المشكلات، أيضًا توقع عدم رضا أهلك وأهلها، إذًا أين الدعم الذاتي ممن هم أقرب الناس إليك؟ وأين تضع ذلك في دراسة الجدوى؟

 

٣- طالما أن المؤشرات الأولية لنجاح المشروع غير مرضية، ونسبتها ضعيفة، فلماذا تفتح على نفسك جبهات جديدة؟ ربما لو علمتْ زوجتُك مجرد أنك عازم للزواج، وأنت في الحقيقة متردد من مواجهة المشاكل - يظل هذا الشك والظن ملازمًا لها، وتتوقعه في أي وقت.

 

٤- كل إنسان يتمنى ويرجو ويتطلع، لكن أحيانًا يجتهد ويضيع وقته، ويشغل نفسه، ويحرق قلبه في مشروع مؤشراته فاشلة، في المقابل يترك الاهتمام والتطوير للمشروع الذي تحت يده وهو نفس المشروع، فقط الفرق: حلال متروك ومهمل رغم حاجته للحنان والتودد، مقابل أمنية ارتباط بشخصية اكتنفتها العواطف رغم الفارق العمري، لكنه عَمَى الحب كما يقال، والتعلق غير المشروع إن لم يكن بالحلال وكتب الكتاب، وللشيطان في ذلك مرتعٌ خصبٌ إذا تم الاسترسال والتواصل في هذه العلاقة مع زميلة العمل غير الشرعية.

 

٥- لا تتعلق وتستسلم للعواطف والأمنيات؛ فإما أن يكون مشروعك ناجحًا بنسبة كبيرة لتحقق راحتك وسعادتك، وتُقدِم عليه بشجاعة، وتتحمل كل التبعات، وتستعد لكل الإشكالات، وإما أن تصرف عنه النظر تمامًا، وتقطع العلاقة غير الشرعية مع هذه الزميلة في العمل توبةً إلى الله تعالى؛ حتى تغلق مداخل الشيطان، فلا يجرك إلى الحرام فتقع في كبيرة من كبائر الذنوب (الزنا) لا قدر لله، فانتبه لنفسك؛ فإن النساء غير الحلال لك فتنة، وخاصة عندما تخضع بالقول معهنَّ، وكذلك هنَّ يخضعنَ بالقول؛ فتقع المصيبة.

 

٦- تضرع إلى الله تعالى أن ييسِّر لك الخير أينما كان، وأن يصرف عنك الشر أينما كان، وأن يقنعك بما رزقك من حلال زوجةً صالحة محبة.

 

٧- جدِّد حياتك مع زوجتك وأم أولادك، واستغلَّ حبها لصالحك، وبادلها نفس الشعور، وسترى منها معيارًا عاليًا من زيادة التعلق والتبعل، وكل ذلك في صالح راحتك وسعادتك.

 

٨- أكْثِرْ من فعل العبادات وخاصة محافظتك على صلاتك، والبعد عن كل الشركيات، متوجًا ذلك بكثرة الدعاء والاستغفار.

 

٩- كونا أنت وزوجتك قدوةً حسنة لأولادكما، وربُّوهم على طاعة الله ورسوله صلى الله عليه وسلم - تفوزا ببرهم في حياتكما، ودعائهم بعد موتكما.

 

أسأل الله أن يكتب لك الخير، وأن يُلهمك الصواب، وييسر أمرك، ويسدد رأيك، اللهم آمين.