زوجي لا يعطيني حقي في الفراش

امرأة تزوَّج زوجها بثانية بِكْرٍ، ومال إليها، وأهمل حاجات زوجته الأولى الجنسية والعاطفية؛ فلا يأتي إليها إلا مرة شهريًّا، وهي تشعر بالغيرة الشديدة لِمَيله إليها، وتسأل: ما الحل؟

  • التصنيفات: قضايا الزواج والعلاقات الأسرية -
السؤال:

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته:

مشكلتي هي تزوُّجُ زوجي بامرأة أخرى، وهي تصغرني بعشر سنوات، كما أنها بِكْرٌ، وقد فاجأني زوجي بزواجه هذا، فشعرت بصدمة وتعب نفسي، وأنا إلى الآن أحاول التكيف مع الوضع الجديد، بيد أن ما يجعلني أعتصر ألَمًا ويزيدني همًّا وحزنًا هو انصراف زوجي عني، وإهماله لي ولحاجاتي عمومًا، ولحاجتي الجنسية والعاطفية خصوصًا، كل ذلك في مقابل اهتمامه الكبير بزوجته الثانية، ولَكم ذكَّرته بحرمة إهمال الزوجة الأولى وعدم العدل، ولكنه لا يرد! وأنا أشعر بأنه مُكتَفٍ بزوجته الجديدة عاطفيًّا وجنسيًّا؛ لذلك يهمل حاجتي بالفراش.

 

أشعر برغبة جنسية كبيرة بسبب تركه لي مدة طويلة، وانشغاله بزوجته الثانية، وبعد الإلحاح عليه لا يأتيني إلا مرة شهريًّا، ودون رغبة متبادلة، أشعر بحزن شديد لحاجتي الجنسية الدائمة التي يهملها، بالإضافة إلى حزني على زواجه، فما الحل؟

الإجابة:

بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيد المرسلين، سيدنا محمد سيد البشر أجمعين، وسنته هي أقوم السبل لصلاح النفس والدنيا والدين، نسأل المولى سبحانه أن يطفئ قَيْظَ أرواحنا ويجعل حُبَّهُ هو الأول في قلوبنا، ويرضيَنا بما يرضيه، كما أسأله سبحانه أن يُنزِلَ على قلبكِ شآبيبَ الرحمة والسكينة، وينزع من قلبكِ كل حزن وألم.

 

شعوركِ بالحاجة لزوجكِ شعورٌ طبيعي جدًّا جدًّا، خاصة أنكِ في بدايةِ وضعٍ جديد لم تعتادي عليه عمرًا طويلًا، ويشعل رغبتكِ في وجوده معكِ باستمرار الغَيْرةُ التي يلتهب بها قلبكِ؛ نتيجة لزواجه من امرأة بِكْرٍ تصغُركِ بعشر سنوات، فلا تستسلمي لهذه الأفكار التي تشعل الحقد والحسد في القلوب، ويتحول القلب معها من قلب سليم قانع راضٍ بما رزقه الله من مُتَعٍ، قَلَّتْ أو كثُرت - يتحول إلى قلب مريض يغزوه الغل والحسد.

 

أنا لا أنكر عليكِ شوقكِ لزوجكِ، ولا حاجتكِ لقربه باستمرار، فهذا أمر طبيعي، ولكن يجب علينا تحكيم عقلنا، وتوجيه أشواقنا وانفعالاتنا؛ حتى لا تهلكنا، وتضيق علينا الدنيا الواسعة من حولنا.

 

نعم، أنا أتهمه بالتقصير، وسوف يُحاسَبُ على أنه لا يزوركِ إلا كل شهر مرة، ولكن أنصحكِ بالصبر، فهو حديث الزواج، وما زال في مرحلة استكشاف طبيعة الزوجة الأولى وشخصيتها وتعاملها، اصبري مستعينة بالله حتى يخفُتَ بريقُ الجديد في عينه، وسيكون كما تحبين بإذن الله، فأنتِ عِشْرَةُ عمره وأمُّ أولاده، والرجال عمومًا يألفون الاستقرار، واستعيني بالدعاء دومًا أن يوفقه الله للعدل بينكم.

 

ولكن دعيني أهمس في أذنكِ كأخت لي، أنت تعيشين في مجتمع رائع يضِجُّ بالأنشطة الاجتماعية بكل لون، من أراد الناس والأنس بهم، فذلك متاح له، ومن أراد استكمال الدراسة، فكل السبل ميسرة، أكثر المجتمعات اهتمامًا بالقرآن والدراسات الشرعية، فلا تسجني نفسكِ في دائرة الحاجة إليه والحزن بسبب زواجه، اخلقي منافذَ تُسعِدُكِ، وتقضين فيها فراغكِ بما يعينكِ على طاعة الله.

 

كم من امراة أصغر منكِ وتوفي زوجها! وكم منهن تود أن تشغلَ نفسها ولا تجد الظروف مهيأة! فتدبري نظام حياتكِ، وابدئي في ممارسة عمل نافع يشغلكِ عن نفسكِ وعن أحزانكِ، وترقين به اجتماعيًّا ودينيًّا، وسوف تجدين منافذ سعادة أخرى غير الفراش والالتصاق بالزوج، واقنعي نفسكِ بالمتاح، ولا تتوهمي أن حالَهُ مختلفٌ مع زوجه الثانية، بل هذا حاله لا شك معكما؛ لأنه هو نفس الإنسان.

 

اطردي أيَّ وهمٍ يُحزِنكِ، أكثري من ذكر الله عز وجل واستعيني به، وتأكدي أن انشغاله عنكِ مؤقتٌ، فبمجرد أن يكتشف جوانب شخصية زوجته، سيخفت بريقُها في نفسه، وسيعدل بينكما بإذن الله، وراجعي نفسكِ إن كنتِ مقصرة معه في زينة أو تودُّد أو اهتمام؛ أي: إنه لن يبادل اهتمامكِ إلا اهتمامًا، وزينتكِ وحرصكِ على سعادته إلا حرصًا.

 

جددي حياتكِ بما يناسب، واهجري ما قد يضايقه بحسب علمكِ به وفهمكِ لشخصيته، ولن تندمي بإذن الله، وفقكِ الله للخير، وألهمكِ الصبر، ورزقكِ ما تُزكِّين به نفسكِ.

 

أهمس للزوج: لا تغُرَّنَّك الدنيا، فأنت مسؤول أمام ربك، والعدل أمر وواجب من ربك، في حين أن تعدد زوجاتك مجرد مباح من المباحات؛ يقول تعالى: {فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً } [النساء: 3].

 

فما دمتَ قررتَ ألَّا تكتفيَ بواحدة، فعليكِ العدل، وإلَّا فالرحمن الرحيم الذي خلق الأنثى، ويعلم ضعفها وحزنها وانكسار قلبها في حالة عدم عدْلك - قد أعدَّ لك عقابك إن لم تعدِل، فقد قال حبيبنا صلى الله عليه وسلم: «من كان له زوجتان، فمال إلى إحداهما، جاء يوم القيامة وشقُّهُ مائل»، والعدل هنا في تقسيم الأيام بينهما والحاجات وغيرها، أما ما وقر في قلبك، فلا لَوْمَ عليه، هذا أمر من الله، اعدل فيما تملِك.