القلق والتوتر يلازماني طوال الوقت، أريد علاجا.

  • التصنيفات: استشارات نفسية - استشارات طبية -
السؤال:

السلام عليكم ورحمة الله.

عمري 25 سنة، وأعمل مصمم جرافيكس من المنزل، نظرا لأنني أشتغل بدوام كامل من البيت قلت وتيرة خروجي من المنزل إلا للضروريات، فازداد مع ذلك الضغط العصبي علي والتوتر، قصتي مع التوتر بدأت مع الدراسة، تراودني أيام الامتحانات مع أنني طالب ممتاز، وتؤثر على جهازي الهضمي فأصاب بالغثيان، حتى أنني كنت أتخلى عن طعامي خوفا من القيء ومن شدة الضغط الذي كنت أشعر به في معدتي، ولا يذهب عني حتى أخرج من البيت إلى طريق المدرسة.

ازداد الحال سوءًا بعدما رأيت ابن اختي الرضيع يختنق، والهلع الذي أصاب أختي أفقدني الوعي لبضع ثوان، وازداد الحال سوءًا العام الماضي عندما مرضت أمي مرضا شديدا، فكنت أنا من يهتم بها، وصار نومي خفيفا، فأي صوت يوقظني وقلبي يخفق بشدة خوفا عليها، أمي الآن تعافت -والحمد لله-، لكن حالي ازداد سوءًا بعدما أصبت بتسمم غذائي، وذات الوقت كان مستوى الكالسيوم متدني جدا في دمي، فأصبت بنوبة تشنج حادة نقلت أثرها للمستشفى، عندها عرفت حالة الكالسيوم عندي.

الآن أنا تحت العلاج، بعد هذا الحادث ازدادت حدة التوتر لدي خوفا من الطعام، أي الطعام سيناسب معدتي، خوفا من أن يتكرر نفس الحادث مرة أخرى، صرت لا أقيل مرتاحا، وإذا أردت أن أخلد للنوم واستلقيت أسمع ضربات قلبي المتتالية فيصعب نومي، أخشى أن تزداد حالتي سوءًا فأصاب بأمراض عضوية أو نفسية معقدة جراء هذا التوتر وضغوطات الحياة، أريد أن يزول عني هذا التوتر وأخلد لنوم عميق يريح جسمي المنهك.

لكم جزيل الشكر مني على كل جهودكم.

الإجابة:

بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

بالفعل موضوع الكورونا والحجر المنزلي أثّر على كثير من الناس، لأن حياة الناس قد تغيّرت في نمطها وفي معناها، وفيما يتعلق بالتواصل الاجتماعي وخلافه، لكن الإنسان يمكن أن يُقيّم نفسه ويُحدد مساراته حسب ما هو مُتاح، يظهر لي أنك أيضًا سريع التأثُّر، ولديك ميول للقلق والمخاوف، ويمكن أن نقول أنه لديك حساسية نفسية.

مرَّت بك أحداث حياتية وكلها أثّرت عليك، نعم هي مهمة أنا لا أقلِّل من شأنها، (مرض ابن أختك، مرض الوالدة، موضوع التسمم الغذائي، ونقص الكالسيوم)، لا أقلل من شأن هذه الأحداث، لكن ليس من المفترض أن تتفاعل معها نفسيًّا بهذه الشدة والقوة، هذا يحدث من وجهة نظري لأن شخصيتك قد تكون حساسة للقلق.

أنا أنصحك أن تجعل الرياضة جزءًا أساسيًا في حياتك، الآن الناس يمكن أن تخرج، يمكن أن تتريض، رياضة المشي، رياضة الجري، أي نوع من الرياضة المتاحة يجب أن تكون جزءًا رئيسيًا في حياتك، على الأقل تقضي ساعة في الرياضة، الذي يريد أن يجعل لنفسه نمطًا حياتيا إيجابيا عليه أن يهتمّ بالرياضة، وعليه أن يهتمّ بالتواصل الاجتماعي، ربما يصعب الآن أن نقوم بكل واجبات التواصل الاجتماعي، لكن بالنسبة للرياضة لا أعتقد أن هنالك إشكالية أبدًا.

فإذًا هذه خطة العلاج الأولى، وأنت -الحمد لله- رجلٌ لديك إنجازات، لديك عمل، متشوق للدراسة، فأريدك أن تعيش وقت الحاضر، لأن الحاضر دائمًا أقوى من الماضي، فعش على قوة الحاضر، وانظر إلى المستقبل بأملٍ ورجاء، وأحسن إدارة وقتك، هذا أمرٌ مهمٌّ جدًّا، الصلاة في وقتها حقيقة تبعث طمأنينة كبيرة في النفس، ويمكن أن تقوم بمشروع، مثلاً: أن تحفظ أجزاء من القرآن، ثلاثة أجزاء مثلاً خلال الثلاثة أشهر القادمة، هذا أيضًا يمكن أن يكون مشروع حياة يرتكز عليه الإنسان كثيرًا، ويُساعدك في تطوير صحتك النفسية والاجتماعية.

تمارين الاسترخاء أيضًا تعتبر مهمَّة جدًّا في علاج مثل حالتك هذه، وأنا متأكد أنك قد اطلعت على استشارات سابقة، نحرص أن نُوصي الناس بالتمارين الاسترخائية، مهمّة جدًّا، خاصة إذا استصحبها الإنسان بالتأمُّل والتفكير الإيجابي والاستغراق الذهني الصحيح، هنا تكون التمارين الاسترخائية ليست تمارينا استرخائية للجسد فقط، إنما للنفس أيضًا، توجد برامج كثيرة على اليوتيوب توضح كيفية ممارسة هذه التمارين، يمكنك الإطلاع على أحد هذه البرامج الجيدة والمفيدة والاستفادة منه وتطبيق ما ورد فيه.

أنت تحتاج لعلاج دوائي بسيط جدًّا يُسمَّى (سبرالكس) مضاد لقلق المخاوف والتوترات والوسوسة ويُحسّن المزاج، وهو سليم، وغير إدماني، أرجو أن تحصل على الجرعة التي قوتها عشرة مليجرامات، تناول نصفها – أي خمسة مليجرامات – يوميًا لمدة عشرة أيام، بعد ذلك اجعل الجرعة حبة واحدة – أي عشرة مليجرامات – يوميًا لمدة ثلاثة أشهر، ثم خفضها إلى خمسة مليجرامات يوميًا لمدة أسبوعين، ثم خمسة مليجرامات يومًا بعد يومٍ لمدة أسبوعين آخرين، ثم توقف عن تناول الدواء.

هذه هي النصائح العامة الإرشادية التي وددت أن أوضحها لك، وحالتك بسيطة جدًّا؛ حيث إن قلق المخاوف موجود في زماننا هذا وبكثرة، و-إن شاء الله تعالى- تتجاوز هذه المرحلة وتعيش حياة طيبة وسعيدة.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وبالله التوفيق والسداد.