الأفكار الجنسية وكثرة نزول المذي والمني

فتاة تأتيها أفكار جنسية دائمًا، ولا تستطيع أن تردها عن نفسها، وينزل منها المذي والمني دائمًا، حتى أصبح المذي كالسلس، وهذا الأمر يتعبها؛ لأن المني يوجب الاغتسال، وهي مذَّاءة، وذلك يوجب غسل الفرج؛ فأصبحت لا تستطيع أن تصلي، وساءت حالتها النفسية، وتسأل: ما الحل؟

  • التصنيفات: استشارات تربوية وأسرية - استشارات طبية -
السؤال:

السلام عليكم، أنا فتاة ملتزمة والحمد لله أحافظ على صلاتي، وربي وفَّقني لأعمال الخير، ووضع لي قبولًا ومحبة بقلوب الناس، منذ فترة بدأت أعاني مشكلة؛ ألا وهي: الأفكار الجنسية، لا أعلم كيف حدث ذلك، لكنها جاءتني فجأة، مع أنني لم أكن أشاهد أفلامًا إباحية، بل كنت أشاهد بعض المسلسلات، وأحاول ألَّا أشاهد المقاطع المخلَّة، لكن أحيانًا أسمع للشيطان وأنظر إليها، المهم أنني منذ فترة طويلة دائمًا تأتيني أفكارٌ جنسية، وينزل المذي مني الذي أصبح كأنه سلس؛ لأنه ينزل باستمرار، وأحاول ألَّا أسترسلَ بأفكاري، لكنَّ الأمرَ خارجٌ عن السيطرة، ومن ثَمَّ أصبحت أواجه صعوبة في صلاتي؛ لأني أكون في الجامعة، فاضطر لأن أطهِّرَ الموضع وأبدل ملابسي قبل الصلاة، فصرتُ لا أصلي إلا في البيت للمشقة الحاصلة وأنا خارج البيت، وفي الفترة الأخيرة أصبح ينزل مني المنيُّ بصورة دائمة، وأصبحت لا أسيطر على نفسي، فدائمًا تأتيني أفكار بمجرد أن أشاهد صورة في مواقع التواصل، فينزل مني المنيُّ، أدعو الله بالستر والزواج، وحتى في المنام تأتيني أحلام فأستيقظ وأنا مبتلة، فالمني أصبح كابوسًا لي، فهو يلزمني الاغتسال، وأنا أغتسل بصعوبة؛ لأني أتطهر من المذي، ثم أغتسل من المني، وأنا كذلك دائمة خروج الأصوات التي تشبه الغازات، وتزيد المشكلة إذا كان الجو باردًا، أصبح الأمر يرهقني كثيرًا؛ لأنني أغتسل كثيرًا، وأصبحت أتجاهل ما ينزل مني إذا ما راودتني أفكار؛ لأنه أصبح كالسلس، وأصبح شيئًا فوق طاقتي، حتى إنني أستنفد وقتًا طويلًا في دورة المياه، وأستخدم الكثير من الماء حتى أتممَ طهارة فرجي واغتسالي، وحتى إني أصبحت أؤخر الصلوات، أرجوكم ما الحل؟

ففي الفترة الأخيرة أصبحت لا أصلي مع رغبتي الشديدة وحزني على ضياعها، كما أنني أدرس ولدي الكثير من الأعمال أقوم بها، واغتسالي في اليوم عدة مرات شيءٌ يتعبني، ويأخذ من وقتي الكثير، حتى إذا كنت طاهرة فوضوئي وصلاتي يأخذان وقتًا كثيرًا مني؛ لأنني دائمًا أسمع أصوات غازات فأُعيد الوضوء كثيرًا، وليس ذلك وسواسًا بل حقيقة، وأصبحت أيضًا إذا كنت طاهرة وعلى وشك أن أصلي، إذا نزل مني مذيٌ، فإني أتجاهله وأصلي.

 

أرجو مساعدتكم؛ فأنا لا أصلي هذه الأيام، وساءت حالتي النفسية، وقد اشتقت إلى ربي وصلاتي، لكن المني والاغتسال يتعبانني ويأخذان يومي بأكمله، وأنا لدي أعمال أقوم بها.

الإجابة:

بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ أما بعد:

أولًا: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.

مرحبًا بكِ أيتها الأخت الفاضلة، وأسأل الله لنا ولكِ الهداية والتوفيق، والسداد والتيسير.

 

ثانيًا: فقد اشتملت رسالتكِ على عدة أمور:

1- الخواطر والأفكار الجنسية، وهذه سببها التساهل والتهاون في إطلاق البصر للمحرمات، وقد فتحتِ على نفسكِ بابًا من الشر مفسدًا للقلب ألا وهو النظر للمحرمات؛ قال تعالى: {قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ} [النور: 30].

 

والواجب عليكِ التوبة، والبعد بعدًا تامًّا عن مشاهدة هذه المسلسلات، فلا يأمن من حرِّ النار مَن جلس أمامها متكشفًا، فلا بد من الصبر على الطاعة؛ من محافظة على الصلاة في أوقاتها وإحسانها، ومن صيام وقراءة قرآن، ثم الصبر على مجاهدة نفسكِ وطرد هذه الأفكار، حتى يرزقكِ الله بزوج صالح يعفُّكِ عن الحرام، والبعد عن كل ما يثير الشهوة؛ من اختلاط حسيٍّ أو معنويٍّ؛ حسي بالأبدان، ومعنوي عن طريق مشاهدة صور ومقاطع على وسائل التواصل، والبعد عن الأطعمة التي تزيد من الشهوة، والملابس المثيرة، وصرف طاقتكِ في أعمال البيت أو الرياضة المباحة، وصرف إحساسكِ في التأمل في الأشياء المباحة في الطبيعة، الرسم المباح، والكتابة والقراءة، ومما يُذكر في علاج سلس البول تناولُ بعض الأعشاب الطبيعية كالقَرَنْفُل والكمون.

 

2- الوساوس الشيطانية التي تلاحقكِ ليلَ نهارَ: سببُها التساهل والاستطراد في خطوات الشيطان؛ قال تعالى: {وَلَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ} [الأنعام: 142].

 

قال قتادة والسُدِّي: "كل معصية لله فهي من خطوات الشيطان"؛ [تفسير القرطبي: (2/ 208)، وتفسير ابن كثير: (1/ 479)].

 

والعلاج عدم الاسترسال والإقبال على العلم الشرعي، والمحافظة على سورة البقرة، وأذكار الصباح والمساء، وأذكار النوم والوضوء له، والرقية الشرعية.

 

3- سلس المَذْي: وسببه الاسترسال في الأفكار والخواطر الجنسية، فإذا تم علاجها فسوف تقلُّ بإذن الله، وعلى كل حال المذيُ نجسٌ يجب غسل الفرج منه، وما أصاب البدن والثوب، فإذا زاد وأصبح مرضيًّا بحيث يصعب التحكم فيه، فاغسليه وضعي شيئًا كالمنديل بين الفرج والثياب، وتوضئي عند كل صلاة، ولا يضركِ ما ينزل أثناء الصلاة؛ قال ابن قدامة: "وجملته أن المستحاضة ومن به سلس البول، أو المذي، أو الجريح الذي لا يرقأ دمه وأشباههم ممن يستمر منه الحدث ولا يمكنه حفظ طهارته - عليه الوضوء لكل صلاة بعد غَسْلِ المحل، وشدِّهِ، والتحرز من خروج الحدث بما يُمكنه"؛ [المغني: (1/ 278)].

 

4- ترككِ للصلاة: وهذا جُرمٌ عظيم، فترك الصلاة شرٌّ من الزنا وشرب الخمر، فواجب عليكِ قضاء هذه الصلوات بترتيبها، والتوبة من تركها، والندم، والعزم على عدم العودة لمثلها.

 

وأخيرًا: لا بد لكِ من صحبة صالحة تعينكِ على نفسكِ وعلى الشيطان، ولا بد أن تتعلمي ما ينفعكِ في دينك، وتصح به عبادتكِ من عقيدة، وطهارة، وصلاة، وصيام.

 

وأنصحكِ إذا زاد الأمر ولم ينقطع أن تذهبي لطبيبة مسلمة أمينة ترشدكِ لعلاج نافع لمنع كثرة الإفرازات، والله أعلم، هذا، وصلى الله على محمد وعلى آله وصحبه وسلم.