تنمر أهلي علي

فتاة في سن المراهقة تعاني من تنمُّر المحيطين عليها من أهل وأقارب، والناس جميعًا، وتريد أن تخرج من هذا المحيط، وتسأل: ما الحل؟

  • التصنيفات: استشارات نفسية -
السؤال:

أنا فتاة في الثامنة عشرة من عمري، مشكلتي تكمن في المحيطين بي؛ فأمي تلومني وتُعنِّفني بسبب كلامي مع النساء المتزوجات والعجائز، فهي ترى أن ذلك من العيب؛ لأنني لا أزال صغيرة في السن.

 

أختي الصغرى غير مؤدبة وشاذة، وهي سعيدة بذلك، وصديقاتها مثلها، يتحدثنَ بكلام نابٍ فاحش، ويتنمرْنَ عليَّ؛ لذا فأنا أكرهها وصديقاتها، وأغار منهنَّ في جمالهن وشكلهنَّ وكلامهنَّ.

 

أبي يصب غضبه عليَّ لأنني أستخدم سلاسلي، وأختي الوسطى لا تعرف وظيفتها وليس لها همٌّ إلا ذلك.

 

أكره الناس جميعًا؛ لأنهم يجرحونني ويتنمرون عليَّ، وأكره الرجال الذين يتحرشون بي في جوَّالي، فهم يحبونني وأنا لا أريد أن أتحدث معهم.

 

أريد الفِرار من منزلي فأنا غاضبة من كلماتهم القاسية والعنصرية كـ(نسوية، مثلية، مشاهدة للإباحية، مدمنة للمخدرات، آكلة للحم الخنزير، شاربة للخمر والشيشة، شاذة، سكرانة، مسيحية، يهودية، ملحدة، مختلفة، من بلد أجنبي)، وغيرها من الأوصاف التي لا تمتُّ لي بصلة.

 

حياتي كلها قسوة وحزن وغضب، وأمراض نفسية واكتئاب، وعنصرية وتنمُّر، وقد كنت أريد الزواج وأنا في سنٍّ مبكرة، لكن ذلك غير مسموح لي؛ ومن ثَمَّ فأنا أريد الفرار من أهلي وأقاربي وكل الناس الذين يتنمرون عليَّ، لكني لا أريد أن أترك بلدي السعودية، لا أثق في نفسي، ولا في جمالي، كلما نظرت في المرآة أستشعر القبح في وجهي؛ ما جعلني أكره حتى نفسي التي بين جنبيَّ، ولا أثق في ذاتي مقدارَ ذرَّةٍ.

 

بمَ تنصحونني؟ وجزاكم الله خيرًا.

الإجابة:

بُنيتي، أنتِ تشعرين أنكِ في بيئة سيئة، يتنمرون عليكِ، ويسخرون منكِ، ويعظِّمون من أخطائكِ الصغيرة، وتقللين من شأن نفسكِ، دعينا نفصِّل ما تُعانين منه:

أولًا: والدتكِ؛ فهي تلفت نظركِ أو تُعنِّفكِ بسبب جلوسكِ وكلامكِ مع سيدة أكبر منكِ سنًّا.

 

ثانيًا: أختكِ الصغيرة التي تضحك وتمرح مع صديقاتها بطريقة وشكل لا يعجبكِ، وتشعرين منهم بالسخرية والتنكر.

 

ثالثًا: والدكِ الذي ينهركِ ويصيح عليكِ؛ بسبب أنه يعتقد أنكِ تؤذين نفسكِ.

 

رابعًا: تحرُّش الرجال بكِ على مواقع التواصل وكرهكِ لهم.

 

خامسًا: كرهكِ لنفسكِ، وعدم تقديركِ لها.

 

هذه أسباب تبدو عادية، وتوجد في حياة كل بنت وولد.

 

ما السبب الذي يجعلكِ تعانين كلَّ هذه المعاناة، وتكرهين نفسكِ والحياة من طريقة تعامل الأم والأب والأخت الصغيرة، وكل من يوجد في بيئتكِ المحيطة بكِ؟

 

بُنيتي، أنتِ شخصية حسَّاسة تُضخِّمين الأمور، وتعطينها أكثر ما تستحق بكثير، مثلًا أمكِ، وهي تنهركِ وتلومكِ، وتوجه لكِ النقد الشديد - لم يخطر ببالها أنها تُهينكِ، أو تقلل منكِ، هي فقط تريد أن تَحميَكِ من حوارات وكلام أكبر من سنِّك، تريد أن تحافظ على فِطرتكِ السليمة البريئة.

 

أختكِ الصغيرة تلهو وتمرَح لكن بشكل لا يُعجبك، ولكنها ما زالت صغيرة، ولا تفهم أنها تسيء إليكِ وتزعجكِ.

 

وكذلك الحال، والدكِ يخاف عليكِ، أنا معكِ أن طريقتهم ليست لطيفة ولا صحيحة، ولكنهم يحبونكِ ويخافون عليكِ.

 

كيف تغيِّرين من نفسكِ؛ كي تطردي الحزن الذي يُهلككِ، ويعذب روحكِ البريئة الصغيرة؟

 

عندما تفكرين بهذه الطريقة السلبية المؤذية، توضَّئي بسرعة، وصلِّي ركعتين لله، وأكْثِري من الاستغفار والدعاء.

 

اهتمي بنفسكِ، وغيِّرى نمط ملابسكِ بشكل جميل تحبين فيه نفسكِ، لا توجد فتاة قبيحة، أو شكلها ليس جميلًا، تأكدي أنكِ جميلة بتنسيق ملابسكِ وتجميلها؛ فإحساسكِ بنفسكِ وصورتكِ التي ترسمينها لنفسكِ، تنعكس على الآخرين.

 

استعيني بالله بقراءة القرآن، والمواظبة على الصلاة، وأعطي لنفسكِ مدة، ولتكن شهرين أو ثلاثة أشهر.

 

إذا استمرت هذه النظرة المتشائمة الحزينة بعد هذه المحاولات، ولم تتحسن حالتكِ النفسية، اذهبي إلى طبيب نفسي مع أحد من أسرتكِ.

 

شكواكِ بسيطة إذا أخذتِها بجدية وبسرعة، إن شاء الله تتحسن رؤيتكِ، وتعودين مشرقة وسعيدة، وتستمتعين بنِعَمِ الله عليكِ.

 

والسلام عليكم ورحمته وبركاته.