ترك العمل مخافة الرياء

سائلة تسأل عن معنى مقولة: "ترك العمل مخافة الرياء رياء"، فهي تقع في الحيرة، فلا تدري متى تُخفي العمل مخافةَ الرياء، ومتى تُظهره.

  • التصنيفات: فقه العبادات -
السؤال:

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته:

لدي سؤال بحثت عنه كثيرًا، ولم أجد له إجابة واضحة، فقد قرأتُ أن "تركَ العمل مخافةَ الرياء رياءُ"، فهل تأجيل عمل من الأعمال حتى وقت آخر، هل يكون ذلك رياءً؟ بمعنى آخر: هل إذا دخل عليَّ أحدهم، فتوقفت عن العمل حتى يخرج، هل يكون ذلك رياءً؟

وفي الرسائل الدعوية التي تصلني على مواقع التواصل الاجتماعي، ومن المفترض أن أرسلها للآخرين، أتردد بين الإرسال مباشرة أو إخفاء التفاصيل، ثم الإرسال؛ إذ تأتيني أفكار بأنني إذا تركت الإرسال مخافة الرياء، فهذا رياء، وفي غير ذلك من الأعمال؛ مثلًا: إذا أردت القيام بعمل خير، فأنا أريد أن أخفيَه، وفي نفس الوقت أريد أن أخبر صديقتي؛ كي أشركها معي، فهي تحثُّني على أشياءَ خيِّرَةٍ، فأقع في الحيرة بين إخفاء العمل، وترك النشر أو التذكير مخافة الرياء، أرجو منكم إجابة تُريح تفكيري، وجزاكم الله خيرًا.

الإجابة:

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته:

اعلمي أختنا الكريمة أن المقصود بقول الفضيل بن عياض رحمه الله: "ترك العمل من أجل الناس رياء" أن يترك الشخص عمل الطاعة؛ ليتظاهر أمام الناس بالإخلاص في أعماله، فهذا رياء أيضًا؛ لأنه نظر إلى الناس في التَّرْكِ، وأراد منهم أن يقولوا عنه: إنه مخلص.

 

ثم إن ترك الأعمال الصالحة خوف الرياء - وإن لم ينتظر الشخص من الناس أن يصفوه بالإخلاص - من تلبيس إبليس؛ إذ يريد إبعاد المسلم عن الطاعات بشتى الطرق.

 

فعلى المسلم المداومة على الأعمال الصالحة، مع إخفاء ما يمكن إخفاؤه منها، ويجاهد نفسه في إخلاص نيته؛ فمجاهدة الشيطان في إخلاص النية يدل على قوة المؤمن، وأما ترك الطاعة، فهذا ضعف واستسلام للشيطان، و «المؤمن القوي خيرٌ وأحبُّ إلى الله من المؤمن الضعيف» كما قال النبي صلى الله عليه وسلم.

 

وعلى ذلك، فإنْ تَرَكَ الشخص الواجباتِ، فإنه يأثم على ذلك، وإن تَرَكَ المستحبات؛ كإرسال الرسائل الدعوية ونحو ذلك، فلا إثمَ عليه، إن كان تركها خوفَ الرياء فقط، ولم يتركها كي يصفَهُ الناس بالإخلاص، فإن تركها ونيته أن يصفه الناس بالإخلاص، فهو آثم أيضًا بهذه النية، والله أعلم.