قريبتي تسيء الظن بمعظم الناس، ما هو تفسيركم لهذا الأمر؟

  • التصنيفات: استشارات نفسية - استشارات طبية -
السؤال:

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

إحدى الأخوات من أقربائي عندها وسواس وسوء ظن بمعظم الناس، مما يسبب لها مشاكل في البيت والعمل وفي أي مكان، تتبع أخاها بشكل زائد عن الحد، حتى أنها تجيب بدلًا عنه، وتسعى للرد حتى على زوجته وأبنائه حتى (تبرئه) في نظرها. بالمقابل، ورغم مجاوزتها للثلاثين من عمرها فهي لا تهتم بنظافتها وصلاتها، وعاجزة عن تحضير الطعام الخاص بها بسبب الكسل ولعدم اهتمامها بهذا الأمر.

في نظرها الكل مخطئ، والحقيقة هي ما تظنه صحيحا، هذه الأعراض مصاحبة لها والله أعلم حتى قبل سن البلوغ، ما هو تفسيركم لهذه الأعراض؟ هل هي مرض نفسي محض؟ وما هي نصائحكم في مثل هذا الباب؟

وجزاكم الله خيرا.

الإجابة:

بسم الله الرحمن الرحيم.

من مُجمل ما ذكرته أستطيع أن أقول أن هذه الأخت لديها شيء من الشكوك الظنانية ذات الطابع الوسواسي، فهي تلجأ إلى سوء التأويل في بعض المواقف، وهذه علَّةٍ نفسيَّةٍ معروفةٍ لدينا، قد تكونُ جزءًا من البناء النفسي للشخصية، وإذا كانت شديدة ومُطبقة ويتصرَّفُ الإنسان على ضوئها قد تكون جزءًا من اضطرابٍ عقلي.

إذًا الأمرُ فيه تباين، وفيه اختلاف، لكن المحتوى في حدِّ ذاته يُشير إلى وجود شكوك ظنانية.

هذه الأخت – حفظها الله – أيضًا لا تهتمّ بنفسها ولا نظافتها، وهذا منذ وقتٍ طويل؛ هذا قد يقودُنا إلى أن نتعرَّف على مستوى ذكائها، مستوى نضوجها الاجتماعي، قوَّتِها المعرفية، هذه كلها – أخي الكريم – أمور مهمَّة، وهذه طبعًا قد لا نستطيع أن نصل إليها إلَّا من خلال الذِّهابُ بها إلى طبيب نفسيٍّ ليقوم بتقييمها وإجراء بعض اختبارات ومقاسات الذكاء واختبارات الشخصية، وعلى ضوئها يمكن أن نعرف مستوى إدراكها أصلاً.

إذًا هذا تفسير مهمٌّ جدًّا لأعراضها، فإن كان بالإمكان أن تُعرض على طبيب نفسي هذا يكونُ أفضل أيها الفاضل الكريم.

وطبعًا بالنسبة للأعراض الشكوكية الوسواسية تحتاج لعلاج دوائي حسب شدتها. أيضًا الطبيب النفسي سوف يقوم بتقييمها وإعطائها العلاج النفسي والدوائي، وهنالك أدوية فعّالة جدًّا لعلاج مثل هذا النوع من الشكوك الظنانية، مثلاً: هنالك دواء يُسمَّى (سيرترالين) هذا هو اسمه العلمي، واسمه التجاري (زولفت) وربما يُسمَّى أسماء تجارية أخرى في بلادكم، وهناك دواء آخر يُسمَّى (رزبريادون) يُعطى أيضًا بجرعة صغيرة مع الدواء الأول، وتوجد أدوية أخرى كثيرة جدًّا.

فإذًا هذه الأخت غالبًا سوف تستجيب للعلاج الدوائي بصورة ممتازة جدًّا، لكن لابد أن نعرف مستوى مقدراتها المعرفية، مستوى ذكائها، وبصفة عامة طبعًا مساندتها من الناحية الاجتماعية، أن تقوم الأخوات في المنزل بتوجيهها فيما يتعلَّقُ بالنظافة وترتيب نفسها دون أن نحرجها، أو نشعرها بالدونية أو بالنقص.

طبعًا لابد أيضًا أن تعرف كيفية الصلاة وأركانها وسننها وواجباتها وكيفية الوضوء، هذا كله لابد أن تُدرَّب عليه، ويكون هناك مَن يأخذ بيدها في هذا الموضوع. أيضًا في أعمال المطبخ وتجهيز الطعام، هذا أيضًا يُدرَّب عليها الإنسان.

أنا أتفق معك إذا كان مثلاً لا قدَّر الله لديها تخلُّف عقلي، ولا أحسب أن لديها تخلّف عقلي كامل، هنا قد تكون هناك صعوبة كبيرة بأن تقوم مثل هذه الأشياء الناقصة في حياتها، لكن إذا كان هناك انخفاض بسيط إلى متوسط في مستوى ذكائها يمكن أن تُدرَّب، ويمكن أن تُؤهَّل.

فهذه هي نصائحي لكم، وحقيقة أعجبني كثيرًا اهتمامك بها، فأرجو أن تُواصل مشوارك، ولا تتوقفي عن مساعدتها، وأنصحُ مَن حولها أن يذهبوا بها إلى الطبيب النفسي، وبعد أن تقابل الطبيب النفسي أرجو أن تفيدنني برأي الطبيب، وإن كان قد قام بإجراء أي فحوصاتٍ أو وصف لها أي نوع من الأدوية.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وبالله التوفيق والسداد.