والدي يسيء معاملة أمي

ابن يشكو تعامُلَ أبيه معهم بلطفٍ وحنانٍ، في حين أنه يسيء لأمه، ويريد النصيحة.

  • التصنيفات: قضايا الزواج والعلاقات الأسرية - استشارات تربوية وأسرية -
السؤال:

السلام عليكم.

والدي يعاملنا بطيبة ولطفٍ، لكنه يعامل أمي بالتهديد والسبِّ، ويقول لها: إن فعلتِ كذا، فسأطلقك، وقد ضربها عن طريق الخطأ، أمي تتألم كثيرًا، ولا ذنب لها، وتفعل لأجله كل جميل، لكنه لا يهتم، أرجو نصيحتكم، وجزاكم الله خيرًا.

الإجابة:

 

بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله؛ أما بعد:

عَنْ جَابِرٍ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: {إِنَّ إِبْلِيسَ يَضَعُ عَرْشَهُ عَلَى الْمَاءِ، ثُمَّ يَبْعَثُ سَرَايَاهُ، فَأَدْنَاهُمْ مِنْهُ مَنْزِلَةً أَعْظَمُهُمْ فِتْنَةً، يَجِيءُ أَحَدُهُمْ فَيَقُولُ: فَعَلْتُ كَذَا وَكَذَا، فَيَقُولُ: مَا صَنَعْتَ شَيْئًا، قَالَ: ثُمَّ يَجِيءُ أَحَدُهُمْ، فَيَقُولُ: مَا تَرَكْتُهُ حَتَّى فَرَّقْتُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ امْرَأَتِهِ، قَالَ فَيُدْنِيهِ مِنْهُ - وَيَلْتَزِمُهُ - وَيَقُولُ: نِعْمَ أَنْتَ}؛ [رواه مسلم].

 

فالتفريق بين الزوجين من أعظم إنجازات الشيطان، فهدم البيوت القائمة وزرع العداء والبغضاء بين الوالدين، وربما تخطى الأمر إلى العائلات، وأضرَّ بأُسَرٍ أخرى، وأفسد العلاقة بين الناس.

 

والأبناء عليهم واجبات تجاه الوالدين، فإن أحسنوا التصرف، فسيكون هذا عاملًا مهمًّا للقضاء على كثير من المشاكل التي تحدث بين الوالدين.

 

وإن أعظم الواجبات هو بر الوالدين، وبر الوالدين يكون بطاعتهما واحترامهما وتوقيرهما، والدعاء لهما، وخفض الصوت عندهما، والبشاشة في وجوههما، وخفض الجناح لهما، وترك التأفف والتضجر عندهما، والسعي في خدمتهما، وتحقيق رغباتهما، ومشاورتهما، والإصغاء إلى حديثهما، وترك المعاندة لهما، وإكرام صديقهما في حياتهما وبعد موتهما.

 

ومما لا شك فيه أن حقَّ الأم أعظم من حق الأب؛ كما جاء في الحديث عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: ((جَاءَ رَجُلٌ إِلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَنْ أَحَقُّ بِحُسْنِ صَحَابَتِي؟ قَالَ: «أُمُّكَ»، قَالَ: ثُمَّ مَنْ؟ قَالَ: «أُمُّكَ»، قَالَ: ثُمَّ مَنْ؟ قَالَ: «أُمُّكَ»، قَالَ: ثُمَّ مَنْ؟ قَالَ: «ثُمَّ أَبُوكَ».

 

ولكن هذا لا يعني أن ننحاز للأم أو الأب في الخلافات التي تقع بينهما، بل نتجنب ما لا شأن لنا فيه، فإن كان الأبناء بالغين وناضجين، وفي استطاعتهم المساعدة؛ فالوقوف إلى جانب الحق واجبٌ، ونصح المخطئ بالرفق واللين والتزام الأدب.

 

والمشكلات التي تقع بين الزوجين لها أسباب كثيرة، ولا بد من معرفة أسبابها وعلاجها، دور الأبناء ليس التحكيم بين الوالدين، ولكن دورهم هو علاج المشكلات التي يتسببون هم فيها، فمن كان يحب أمه، وبارًّا بها كما يقول، فليحرص على ألَّا يكون سببًا في أي مشكلة تقع بينها وبين أبيه.

 

ثم بعد ذلك ينظرون إلى المشكلات الأخرى التي لا علاقة لهم بها، هل يمكن أن يساعدوا في حلها؟ وكيف هذا؟ دون أن يتدخلوا فيما لا يعنيهم، ودون أن يتجسسوا على والديهم.

 

أنت ترى جزءًا يسيرًا من الحقيقة، فترى أباك قاسيًا في معاملة أمك، لكنك لا تعرف تفاصيل الأمور، ولا تعرف دوافع أبيك، وخاصة وأنك تقول: إنه طيب ولطيف معكم، وهو لا يتصنع هذا اللطف؛ لأنه غير مضطر إليه.

 

المطلوب منك ومن إخوتك أن تؤدوا دوركم نحو والديكما، وأن تتقوا الله فيهما برًّا وإحسانًا وكفَّ أذًى.

 

ثم ادعوا الله أن يُصلح بين والديكما، عسى الله أن يتقبَّل ويُصلح ذات البين.