فقدت مباهج الحياة بسبب خوفي من المرض والموت

  • التصنيفات: استشارات تربوية وأسرية -
السؤال:

أنا فتاة، أبلغ 18عامًا من سوريا، سأبدأ شرح حالتي، منذ شهرين ونصف أتتني حالة خوف ليلًا، استمرت تقريبًا ربع ساعة وهدأت، وأيقظت أهلي حينها وبعدها استيقظت صباحًا مرتاحة، وبعدها بأسبوع وأكثر بدأ معي القلق الشديد والخوف والاكتئاب وأعراض لا أعرفها، ذهبت للمستشفى أكثر من مرة، وأجريت التحاليل، ولم يتبين شيء، وبقيت الحالة تستمر وتتطور معي، كنت أوسوس من الأمراض، والآن من الموت أخاف بشدة، ولا أستطيع فعل أي شيء، فقدت مباهج الحياة، يائسة، لا أستطيع أن أهدأ أبدًا، آكل بسرعة كبيرة وأصلي بسرعة، ولا أستطيع أن أهدأ وأشد على أعصابي، تعبت منها!
 

الإجابة:

لا يمكننا الفصل بين ما تمرّين به من مشاعر وأفكار وبين ما يجري في بلدك سورية العزيزة والجريحة، أعان الله السوريين على الخروج من هذه الأزمة. وكما تعلمين أن ما يجري معك، ليست وحدك في هذا، فهذا يحدث مع كثيرين من السوريين وممن أصيب بحادث أو صدمة نفسية نتيجة أحداث سورية الدامية. 

ولكن يمكنك هنا أن تخرجي من كل ما جرى، وكما يفعل هذا غيرك من الشباب والشابات، تخرجي من هذه المرحلة وأنت أقوى عودًا، وأكثر نضجًا، وأكثر واقعية.

إن الأعراض الذي وردت في سؤالك من الخوف من المرض، والموت، والوسوسة، وفقدان بهجة الحياة ومتعتها... كل هذا إنما هي أعراض ما نسميه "الإجهاد النفسي عقب الصدمات" وهي حالة نفسية يتعرض لها الكثيرون ممن يتعرضون للصدمات النفسية العنيفة، سواء تعرضوا لها بصورة مباشرة أو غير مباشرة، كحوادث السيارات أو الكوارث الطبيعية أو الحروب والنزاعات... حيث يمكن أن تظهر عند هذا الإنسان مجموعة أعراض، يبدو أنها موجودة عندك، ومن أهمها:

أولًا: إعادة عيش الحدث الصادم مرات ومرات، وكأن الحدث المؤلم يحدث من جديد، وإن لم يحصل هذا من خلال أحلام اليقظة فإنه يمكن أن يحدث في الأحلام والكوابيس.

ثانيًا: تجنب كل ما له علاقة بالحدث أو ما يذكّر به من أماكن وأشخاص وأحاديث، وكأن الإنسان يريد أن ينسى كل ما حدث.

ثالثًا: فرط التنبه والإثارة والحركة، وكأن الإنسان يترقب حدوث ما يؤلم أو يزعج، وهو في حالة ترقب وتنبه مستمرّين، وعنده خوف مما يمكن أن يحدث كالمرض أو الموت، أو أنه يشعر ببعض الاكتئاب وضعف القدرة.

ومما يعين على تجاوز كل هذا، أولًا: الوعي بما يجري وبأنها أعراض كنتيجة إنسانية طبيعية نفسية لحدث غير طبيعي، وليس العكس، فالأحداث التي تجري في سورية غير طبيعية، بينما المشاعر والنتائج النفسية المختلفة التي تشعرين بها هي الطبيعية. 

وثانيًا: مما يمكن أن يعين، الرفق بالنفس وتقدير صعوبة ما جرى وعدم اعتباره ضعفا في الشخصية أو قلة إيمان... وإنما هي ردة فعل إنسانية طبيعة للمناظر والأخبار المؤلمة التي مررت بها، كالحوادث، أو الظروف الصعبة التي تعيشينها الآن من الغربة والبعد عن البلد والأسرة.

وثالثًا: العمل ببطء على مساعدة النفس على التكيّف مع كل هذه الأحداث، والقيام ببعض الأنشطة المريحة والتي تساعدك على الاسترخاء، ولا شك أن العبادات من صلاة وتلاوة القرآن على رأسها، ومن ثم بعض الأنشطة كالرياضة والرسم والقراءة، واللقاء مع الصاحبات والأخوات، والحديث معهن والفضفضة.

وإذا طالت المعاناة، ولم تشعري بالتحسن الطبيعي المطلوب، فلا بأس من زيارة أخصائية نفسية تعينك على التكيّف وليس بالضرورة من خلال الأدوية وإنما من خلال الحديث والإرشاد النفسي، وإذا كنت في اسطنبول فهناك "مركز إشراقات" والذي تقوم عليه مجموعة طيبة من الأخوات، بينما إذا كنت في غتزي عنتاب أو قريبة منها فهناك مركز بلسم للدعم النفسي، فعليك بأحد هذين المركزين.

حاولي من خلال التواصل مع أحد هذين المركزين أن تملئي وقتك ببعض الأعمال المفيدة سواء العمل التطوعي، أو العمل المدفوع الأجر ولو بشكل رمزي.