أريد أن أكتب مسلسلاً يعرض في رمضان

أريد أن أستشيركم في مسألة كتابة نص أو قصة، تُعرض مسلسلاً في رمضان..

  • التصنيفات: استشارات تربوية وأسرية -
السؤال:

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أنا طالبة مُقبلة على التخرج في الجامعة، وأريد أن أستشيركم في مسألة كتابة نص أو قصة، تُعرض مسلسلاً في رمضان،

ما رأيكم في هذا النص، الذي سيُباع؟

وما نصيحتكم لي، علمًا بأنه الهدف الرئيس لي، وحُلم أطمح إليه منذ زمن؟!

وهل المال الذي سوف أحصل علية حلال أم لا؟

شاكرة لكم حسن التعاون!

الإجابة:

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصَحْبه ومن والاه، أما بعدُ:

الأخت الفاضلة، وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فإن مِن نِعَم الله على المسلمة أن تحرص على تَحَرِّي طريق الحق، وتسأل عن أمور دِينِها ودنياها، وتطلب النصح، وتعملَ على معرفة سُبُل الكسب الحلال، وهذا ما لَمَسْتُه في رسالتك، التي يظهر في ثناياها حبُّكِ للخير والحرص عليه، فأسأل الله لكِ التوفيق والسداد.

 

أختي الكريمة: يطيب لي أن أقف مع رسالتك الوقفات التالية:

• الموهبة نِعمة مِن نِعَم الله، سواء أكانت كتابةَ القصةِ أم الروايةِ أم الشعرِ أم غيرها، والواجب على المسلم والمسلمة شكرُ الله - عز وجل - على تلك النعمة، قال -تعالى-:   {وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ} [إبراهيم: 7] ومِن شُكْر النِّعَم تسخيرُها في طاعة الله؛ حتى ينال المسلم والمسلمة رضا الله.

وحيث إن الله قد أنعم عليك بموهبة كتابة القصة أو الرواية؛ فاحرصي على أن تجعلي ذلك في خدمة دينه؛ حتى تنالي خيري الدنيا والآخرة.

فمن المعلوم لدى الجميع أن شهر رمضان شهرُ عبادة وصيام وقيام ورحمة ومغفرة، قال - تعالى  -: { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ } [البقرة: 183]

 

ولكن للأسف!! إن جُلَّ القنوات الفضائية عَمِلَتْ على قلب الموازين والمفاهيم، وحاولت أن تبيِّن للناس أنه شهر تُعرَض فيه المسلسلاتُ والمسرحيات والأفلام، التي تفسد على الصائمين والقائمين عبادتهم، وهذا من تلبيس إبليس وكيده.

 

فاحذري - أختي المسلمة - أن تكوني مثل أولئك، وإن كانت نيتكِ طيبةً، وقصدُكِ الإصلاحَ، فقد يُصبح النص الذي تكتبينه أساسًا لعَرْض المحظورات، وظهور النساء المتبرجات، وسماع المحرمات؛ فيكون عليك وِزْرُ ذلك وإثمه.

وكما قال القائل:

وَمَا  مِنْ  كَاتِبٍ  إِلاَّ  سَتَبْقَى    ***    كِتَابَتُهُ   وَإِنْ    فَنِيَتْ    يَدَاهُ

فَلاَ تَكْتُبْ بِخَطِّكَ غَيْرَ شَيْءٍ   ***     يَسُرُّكَ  فِي  الْقِيَامَةِ  أَنْ  تَرَاهُ

 

• لفت انتباهي قولُك: إن كتابة النص أو القصة هدفُك الرئيس، وحُلمُك الذي تحلمين به منذ زمن!

ولعلِّي أقول: أتمنى أن يكون هدفُك أعلى وأسمى من ذلك؛ بحيث تكون كتابة النصوص والقصص سبيلاً لخدمة دينكِ، والدعوة إلى الله، والدفاع عن الإسلام، وإصلاح المجتمع الإسلامي.

فانظري إلى حسَّان بن ثابت - رضي الله عنه - شاعر النبي -صلى الله عليه وسلم- الذي دافع عن النبي - صلى الله عليه وسلم – والإسلام؛ فنال لقب شاعر النبي، عليه الصلاة والسلام.

فعَن البَرَاءِ - رضي اللَّه عنه - أَنَّ النبي -صلى الله عليه وسلم-  قال لحَسَّانَ: « اهْجُهُمْ، أَوْ قَالَ هَاجِهِمْ وَجِبْرِيلُ مَعَكَ»؛ (متفق عليه).

 

وفي الواقع المعاصر نجد مَن سَخَّر موهبتَه في الكتابة أو الشعر في خدمة الإسلام مثل: عبدالرحمن رأفت الباشا، والدكتور عبدالرحمن العشماوي وغيرهم، فسَمَا ذكرُهم، وعلا شأنُهم، فنسأل الله أن يجزيهم عن الإسلام والمسلمين خير الجزاء.

 

بخلاف أولئك الذين كان همُّهم الشهرةَ، أو تحقيقَ رغباتهم الشخصية، أو كسْبَ المال بأية طريقة، أو الترويجَ لبعض الأفكار المخالفة لدين الله، فلمْ يوظِّفوا مواهبهم فيما يفيدهم في دنياهم وآخرتهم، وربما خسر بعضهم الدنيا والآخرة.

 

• إذا كان العمل طاعةً لله أو مباحًا؛ فإن المال يكون حلالاً، وأمّا إذا كان العمل أو الكتابة تحتوي على محرَّم، أو تؤدي إليه؛ فإن المال يكون تبعًا لها، فاحرصي أن تبتعدي عن ذلك؛ فإن أقل ما يمكن أن يقال عنها إنها من الشبهات، وقد ثبت في الصحيحين عن النعمان بن بَشير، قال: سمعتُ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: (( «إن الحلال بَيِّنٌ، وإن الحرام بَيِّنٌ، وبين ذلك أمور مُشْتَبِهات، فمَن اتقى الشبهات استبرأ لدينه وعِرْضه، ومَن وقع في الشبهات وقع في الحرام؛ كالراعي يرعى حول الحِمَى يوشك أن يَرْتَعَ فيه» (صحيح مسلم: 1599) .

وحاولي استثمار موهبتك في خدمة دينك وأمتك

وسيرزقك الله، ويرفع قدرك في الدنيا والآخرة. وفقك الله وأرشدك!

 

أ. محمد الحازمي