أنا طويلة القامة وخطيبي قصير القامة؛ هل أُتِمُّ الزواج؟!
عندي مشكله بسيطة؛ أنا عمري 23 سنة، تمت خطبتي قبل 7 أشهر وزواجي بعد عدة أشهر. مشكلتي إني طويلة القامة وخطيبي قصير القامة. أرقتني هذه المشكلة طيلة الشهور الماضية بالإضافة إلى تعليقات كل من حولي على عدم تناسق أحجامنا، والمشكلة الأخرى أن خطيبي شبه ساكت لا يتكلم إلا في النادر وكلامه قليل جداً، ولم أقدر تفسير سكوته! ويقول: هذه طبيعتي! أنا مليت من سكوته وخجله الشديد.
سؤالي: هل تنصحني بتركه؟ وهل هذه أسباب كافية للانفصال عنه؟ علماً بأنه صاحب دين وطالب دراسات عليا. أنا في حيره شديدة من أمري. أرجو مساعدتكِ ورأيكِ لأتخذ قراري. جعله الله في موازين حسناتكِ.
- التصنيفات: استشارات تربوية وأسرية -
عندي مشكله بسيطة؛ أنا عمري 23 سنة، تمت خطبتي قبل 7 أشهر وزواجي بعد عدة أشهر. مشكلتي إني طويلة القامة وخطيبي قصير القامة. أرقتني هذه المشكلة طيلة الشهور الماضية بالإضافة إلى تعليقات كل من حولي على عدم تناسق أحجامنا، والمشكلة الأخرى أن خطيبي شبه ساكت لا يتكلم إلا في النادر وكلامه قليل جداً، ولم أقدر تفسير سكوته! ويقول: هذه طبيعتي! أنا مليت من سكوته وخجله الشديد.
سؤالي: هل تنصحني بتركه؟ وهل هذه أسباب كافية للانفصال عنه؟ علماً بأنه صاحب دين وطالب دراسات عليا. أنا في حيره شديدة من أمري. أرجو مساعدتكِ ورأيكِ لأتخذ قراري. جعله الله في موازين حسناتكِ.
تلعب عملية الاختيار الموفق للزوجين دوراً كبيراً في تحقيق السعادة الزوجية واستقرار الأسرة. ومن أساسيات الزواج الناجح قبول الطرفين لبعضهما البعض. لذا أحل الإسلام النظرة الشرعية قبل الزواج لكي تنشأ المودة والرحمة والراحة النفسية بين الطرفين. فالألفة النفسية والعاطفية من أهم أسس الزواج الناجح، شرط أن يكون الزواج متكافئ قدر الإمكان من جميع المحاور. وهذا لا يعني أن نبحث عن الكمال في أي طرف من الأطراف فهذا أمر مستحيل، فالكمال لله وحده. ولكن هناك بعض الأسس التي يجب أن لا يتنازل عنها أي طرف من الأطراف عند اختياره لشريكه، من أهمها الدين والاستقامة وحسن الخلق. وما عدا ذلك يمكن التنازل عنه أو تغييره مع الأيام.
أختي الفاضلة: يمكننا تغيير الكثير من الأمور السلبية في حياتنا ببذل القليل أو الكثير من الجهد والمال والوقت، كالسلوك والتصرفات التي يمارسها أو يتطبع بها الإنسان. ولكن هناك للأسف الشديد أمور لا يمكن تغييرها أبداً لا مع الوقت ولا بأي طريقة كانت، كطول القامة وقصرها.
وكما يبدوا من رسالتكِ أن مشكلتكِ الأساسية هي قصر قامة خطيبكِ وليس صمته، لأنك ذكرتِ أولاً مشكلة طول القامة وقصرها الموجودة بينكما، قبل أن تذكري مشكلة صمته وسكوته، وهذا إن دل فإنما يدل على أن هذه هي المشكلة الأساسية لديك، وهي أهم بالنسبة لك من مشكلة الصمت والسكوت، فحل المشكلة يختلف في كلا الحالتين.
عليكِ أن تجلسي مع نفسكِ جلسة واقعية، صريحة دون مراوغة، اسألي نفسكِ سؤالاً مهماً هل فرْق الطول بينكما يمكنه أن يُشكِّل لديكِ مشكلة حقيقية لا يمكنكِ أن تتجاوزيها في المستقبل! لماذا قبلتِ بالزواج به وأنتِ تعلمين أنه أقصر منكِ طولاً! لماذا وافقتِ عليه منذ البداية، وقصر قامته أمر جلي وواضح أمامكِ ولا مجال له أن يخدعكم في هذه المسألة، ما هو السبب الحقيقي!
هل كنتِ تطمحين أن تطغى صفاته ومحاسنه وخلقه وصلاح دينه على هذه الصفة، ولكنكِ بعد أن ارتبطتِ به وعشتِ واقع الحياة لم تستطيعي أن تتناسي هذا العيب. هل صمته وهدوؤه فعلاً هو مشكلة أساسية تجعلكِ تفكرين بطلب الطلاق منه، أم أن هذه الصفة يمكنكِ أن تتجاوزي عنها وتحاولي أن تغييرها مع الأيام ولكنكِ اتخذتها ذريعة لتقنعي نفسكِ ومن حولكِ أنه شخص غير مناسب!
عزيزتي لابد أن تدركي أن الزواج علاقة عظيمة القدر والأهمية، واختيار الشريك المناسب من أهم أسس الزواج الناجح.
وكما ذكرنا أن هناك شرطين أساسيين يجب أن لا تتنازلي عنهما عند اختياركِ لزوج المستقبل وهما أن يكون المتقدِّم صاحب دين، واستقامة وخلق حسن، وهذان الشرطان متوفران لديه والحمد لله. ويجب أن يدعم هذين الشرطين القبول النفسي والتكافؤ الاجتماعي والفكري بين الطرفين، فالزواج علاقة تفاعلية بين الطرفين. تذكري أخيتي: أنكِ أنتِ أيضاً تحت الاختبار وأن له هو أيضاً حق الاختيار والقبول والرفض. وأنكِ مهما بلغت صفاتكِ الحميدة ومزاياكِ، إلا أنكِ غير كاملة، وأن بكِ خليط من الصفات الحميدة والذميمة التي قد تسوؤه هو أيضاً ولكنه راضٍ بكِ كما أنتِ. فالرجل لا يعيبه مظهره، بل يعيبه نقص رجولته، فرجولته تظهر في خصاله وطريقه معاملاته وتفاعله مع الأمور. وخطيبكِ كما ذكرتِ صاحب خلق ودين وهذه من أهم سمات الرجولة والحياة الأسرية المستقرة السعيدة فمن خاف الله أحسن معاملته مع أهله وزوجته.
ومن صفات الرجولة الصدق في القول والفعل والمعاملة والعفة والصبر والمروءة، فعليكِ أن تركزي على اختبار هذه الأساسيات الثلاث وتتأكدي من توفرها، فإذا توفرت هذه الخصال في خطيبكِ أنصحكِ أن لا تفرطي فيه والأمر يعود لكِ طبعاً فأنتِ صاحبة القرار الأخير. لا تستسلمي لمشاعر القلق والإحباط التي تسيطر عليكِ، ولا تنظري إلى قصر قامته بشكل سلبي ولا تجعليها عقدة حياتكِ، أو تسمحي لمن حولكِ أن يُعلِّق عليها بأي شكل كان، حتى لا يصبح شعوراً مقلقاً ينغص عليكِ حياتكِ. وتذكري أن أساسيات الزواج الناجح هو التوافق الفكري والعاطفي والاجتماعي. تأكدي أن الله لا يهب الشخص الواحد كل النعم.
فلا بد أن يكون في كل مِنَّا عيوبه التي تميزه عن غيره، فإن كان هذا هو العيب الأساسي في خطيبكِ فاحمدي الله على ذلك ولا تحاولي أن تكبري من هذا العيب وتضخميه في عينيكِ لكي لا يغطي محاسنه الأخرى. واقتنعي بما رزقكِ الله به، ولا تتكبري أو تمتهنين خلق الله أنتِ أيضاً.
تصوري لو كان العكس هو الصحيح كيف كنتِ تريدينه أن يتصرف! تخيلي لو أنكِ ارتبطتِ بشخصٍ كامل الأوصاف من وجهة نظركِ أنتِ ومن حولكِ ثم ابتلاه الله بمرض أو حريق أو حادث أو أي شيء لا سمح الله شوه شكله أو جعله عاجزاً عن الحركة، هل كنتِ ستتخلين عنه وتطلبي منه الطلاق!
لا تجعلي تعليقات من حولكِ تؤثر عليكِ وعلى قناعاتكِ، فأنتِ من ستعيش مع هذا الرجل لا هم. تصوري لو كان زوجكِ طويل القامة مفتول العضلات وسيم جداً يحسدكِ الجميع عليه وعلى جماله وكماله ووسامته من وجهة نظرهم هم، ولكنكِ وبعد أن ارتبطت به اكتشفت أنه عكس ذلك تماماً في الأخلاق والتعامل خاصة معكِ أنتِ، يُهِينكِ ويسيء معاملتكِ ويُحقِّر من شأنكِ عندما يخلو بكِ. هل ستستفيدين من كلمات المديح والإطراء التي تسمعينها منهم! بالطبع لا.
فأنتِ الوحيدة التي ستعاني معاناة لا قبل لها ولا بعدها. تذكري عزيزتي أن إرضاء الناس غاية لا تدرك، فلا تحاولي أن ترضي من حولكِ على حساب نفسكِ أو قناعاتكِ. إذا كانت تعليقات من حولكِ هي السبب في تضخم المشكلة لديكِ؛ فاسمحي لي أن أقسو عليكِ قليلاً وأخبركِ بأنكِ إنسانة غير ناضجة وغير واثقة من نفسها ومن قراراتها. وأنكِ لن ترتاحي أبداً في حياتكِ المستقبلية حتى لو ارتبطتِ بشخصٍ آخر، لأنكِ ستجعلين من حولكِ هم الذين يخططون لكِ حياتكِ ويوجهونكِ كيفما شاءوا ووقتما أرادوا، وستكونين مسلوبة الإرادة ومسلوبة الشخصية دوماً مهما أبديتِ العكس.
عزيزتي؛ فكري في الموضوع جيداً وبصراحة متناهية واحسبي الأمور بميزان العقل والمنطق، ولا تنساقي وراء تعليقات السفهاء، الذين لا يدركون معنى الحياة، ولا يعون ما هي الرجولة الحقة. ويبنون أحكامهم على المظاهر الخداعة. فإذا كان في خطيبكِ الصفات التي تتمناها أي امرأة، فلا ترفضي هذه النعمة بأيِّ شكلٍ كان. واشكري الله عليها، وتذكري أن طول القامة أو قصرها من الكماليات وليست من الأصول التي يجب أن نبحث عنها عند اختيار الزوج المناسب.
عليكِ أن تقفي أمام الجميع وتفتخري بخطيبكِ وتقنعي من حولكِ أنكِ محظوظة به. وأنكِ تحمدي الله ليل نهار أن عيبه الأساسي هو قصره ـوهذا ليس عيباً بحد ذاته ولكننا نحن من نهول الأمور ونعظم العيوب كيفما نريد- وأنكِ لستِ كغيركِ من النساء اللاتي ابتلاهن الله بزوج قاسٍ أو ضال أو عصبي أو ظالم أو فاسد أو مفسد.
ركزي دوماً على الجوانب الإيجابية من شخصيته، وابتعدي عن القشور أو المظاهر المزيفة، وحاولي أن تغيري نظرتكِ لخطيبكِ من الداخل لا من الخارج فقط، ولا تسترسلي في هذه النظرة وتجعليها تسيطر على تفكيركِ ومشاعركِ، لأنها ستكون الشعلة التي تنفركِ منه بل وقد يصل بكِ الحال إلى كرهه يوماً ما، والطامة الكبرى لو حدث ذلك بعد الزواج أو بعد إنجاب الأطفال، ولتكن نظرتكِ له نظرة ثقة وفخر واعتزاز. أختي الفاضلة.
لا تظني أنكِ الوحيدة التي تشتكي من صمت الأزواج، فهذه شكوى عامة، لأن طبيعة الرجل تختلف عن طبيعة المرأة، فمعظم الرجال يتسمون بالعقلانية، فهم يعبرون عن مشاعرهم وأحاسيسهم وواجباتهم بطريقة ملموسة أي بالعمل، عكس المرأة التي تتسم بالعاطفة والمشاعر والأحاسيس والتي تحب أن تعبر عن مشاعرها بالكلمات والعواطف والأحاسيس، وتحب أن يبادلها الطرف الآخر هذه المشاعر، وهذا للأسف ما لا تجده عادة في واقع الحياة. فالرجل يميل عادة للصمت خاصة عند أهل بيته أو عندما يواجه مشكلة ما. وقد تعتقد بعض الزوجات أن هذا الصمت ناتج عن تجاهل الزوج لها أو بسبب سلبيته أو عدم حبه واقتناعه بها، وهذا الاعتقاد غير صحيح. فعليك أن تنظري إلى صمته بنظرة إيجابية. فالرجل الصامت يتسم عادة بالعقل والرزانة والقدرة على تقييم الأمور، وهذا النوع من الرجال يتميز بالصبر وطول البال وتقدير المسئولية. وقد يعبر الصمت عن سلبية الرجل. فإذا كان خطيبكِ من هذا النوع فلا تفرطي فيه، أما إذا كان من النوع السلبي الذي لا يعرف ماذا يفعل ولا يفرق بين الأمور، فأعتقد أنه من الأفضل أن تنهي علاقتكِ به قبل أن تتورطي معه بإنجاب الأطفال.
سلوى البهكلي