علاج العناد عند الأطفال
شدّة الغضب والانفعالات قد تعود لتأثير المرحلة العمريّة الحاسمة، وهي فترة المراهقة الانتقاليّة التي توّلد بعض الاضطرابات السّلوكيّة النّاتجة عن التّوتّر والحالة النّفسيّة المصاحبة للتّغيّرات في الإفرازات الهرمونيّة، والصّراع النّفسي الدّاخلي، والرّغبة الجامحة في فرض الذّات والإقرار بالكيان المستمر.
- التصنيفات: استشارات تربوية وأسرية -
لدي أخت وسطى عمرها 11 سنة، عنيدة جدًا، ودائمًا غاضبة، ولا تحب أن تتكلم مع أحد إلا قليلاً، وعندما تغلط لا يهمها شيء حتى مع العقاب سواءً بالضرب أو الحرمان؛ فهي عنيدة جدًا، ولا تحب أن تكون بموضع ضعف، حتى وإن كان ضد رغباتها.
لا نعرف كيف نتعامل معها! حيث إنها عندما تكون غاضبة لا تتكلم، تتجنب الكلام معنا، ولا تتحدث بما في داخلها حتى لو سألناها، وتحدث الفوضى إذا ضايقها أحد ما، مثل الصراخ والتعدي على إخوانها الصغار!
ولديها أخت بعمر 7 سنوات تكرهها كرهًا شديدًا، ولا أعلم لماذا لا تحب أن تلعب معها، ودائمًا تضايقها!
أرجو حل مشكلتنا. ولكم جزيل الشكر.
الابنة الغالية: حفظك الله وأسعد قلبك.
يتوجّب علينا البدء بالثناء على حرصك وتحمّلك للمسؤولية باحثةً عن خيارات لوضع حلول تربويّة فاعلة للتعاطي مع مشكلات أختك السّلوكيّة كونها تصغرك بالعمر، وإنّ ذلك لمن دواعي الفخر والسّرور بنشأة جيلٍ رائد في تحمّل المسؤوليّات.
ولا شك بأنّ نصف حلّ مشكلات أختك ذات 11 ربيعاً تكمن في توفير بيئة حاضنة ووعاءٍ تربويٍ آمن لاحتوائها وتقويم سلوكها وأساليب تفاعلها، ونفيدك بأنّ أشد أسباب تفاقم العناد والسّخط والغضب نحو أفراد الأسرة يُعد ناتجاً عن مشاعر الإحباط، وضعف الانتماء أو الإحساس بالأمان ضمن تلك المنظومة التي تُعد البيئة الحاضنة الأولى والأهم.
كما أنّ شدّة الغضب والانفعالات قد تعود لتأثير المرحلة العمريّة الحاسمة، وهي فترة المراهقة الانتقاليّة التي توّلد بعض الاضطرابات السّلوكيّة النّاتجة عن التّوتّر والحالة النّفسيّة المصاحبة للتّغيّرات في الإفرازات الهرمونيّة، والصّراع النّفسي الدّاخلي، والرّغبة الجامحة في فرض الذّات والإقرار بالكيان المستمر.
وعلى ذلك فلا بدّ من أخذ بعض الأسس التّربويّة في عين الاعتبار للحد من تأثير الدّوافع والأسباب السّابقة، ومن تلك الأساليب العلاجيّة:
- التّعاطف مع أختك وتفهّم أسبابها، وأخذ المبرّرات السّابقة على محمل الجد.
- إثراء علاقة صداقة ورابط إيجابي بينها وبين كافّة أفراد الأسرة.
- التّعبير لها عن الحب بأساليب مباشرة منطوقة وغير ذلك، وما أكثر أساليب التّعبير عن الحب والشّراكة في المشاعر والعواطف بين الإخوة والآباء!
- فتح مجالات الحوار بكافّة أشكالها وأساليبها، وإن استدعى الأمر لترك رسائل خطيّة مباشرة أو إلكترونيّة لكسر الحواجز والفجوة بينها وبين أفراد الأسرة.
- التّحدّث إليها بصراحة ووضوح؛ سعياً وراء الكشف عن أسبابٍ نفسيّة خاصّة قد لا تبوح بها لأحد إلا أنْ تشعر بالقرب الشّديد منه، وقد تكوني أحق النّاس كأختٍ لها بالوصول إلى تلك الأسباب والمشاعر الخاصّة.
- التّعامل مع المشكلات على أنّها مثيرات دخيلة وليست أساساً في النّمط السّلوكي، أي أنّ تغييرها والتّعديل عليها ممكن ويسير من خلال الإيمان بذلك، ومن المؤكّد بأنّ بث الرّوح الإيجابيّة في داخلها وتمكينها من الشّعور بالقبول والاحترام سيكون حافزاً لها على تقديم كلّ ما من شأنه تحسين علاقاتها بمن يحبّها من أفراد الأسرة.
- خلق أجواء أسريّة مليئة بالمرح والتّعاون، والعدل والمساواة في الحوافز والمشاعر؛ سوف يخلّص أختك من مشاعر الغيرة التي قد تكون سبباً رئيساً وراء شعورها بالغضب وعدم القبول لأختها الصّغرى، مع تحسين العلاقة بينهما بالتّودّد والتّشجيع والكلمة الطّيبة، وتوفير أنشطة منوعة تجمع بينهما وتتقاسمان من خلالها الأدوار.
- تكليف أختك بأدوار رائدة تجعلها تدرك وتلمس أهميّة وجودها وانتمائها للأسرة، فلا شيء ينعش القلب بالحب والسّعادة كما أنْ تشعر أختك بأنّها تقدّم عملاً وأداءً تفخر به الأسرة من حولها وتثني عليها من خلاله؛ فالشّعور بالقيمة ينبع من خلال الأدوار التي تؤدّيها، وبذلك تتخلّص من الإحباط الذي يؤدّي إلى تلك الانفعالات والهجمات النّفسيّة ضد أفراد الأسرة وكيانها بشكلٍ عام.
- استعيني بدور الوالدين، والصدّيقات والأشخاص المقرّبين من أختك في غرس الثّقة بنفسها، ومساعدتها على الاقتداء بالنّماذج الإيجابيّة للسلوك، مع الثّناء، والنّقد الإيجابي الذي يوفّر البدائل دون قمعٍ أو اضطهاد.
وأخيراً: لا بدّ من تفهّم الاختلاف الطّبيعي بين الأشخاص؛ فقد تكون القدرات العامّة، ومهارات التّكيّف والتّفاعل الاجتماعي عند أختك أقل من سائر الأقران لذات المرحلة العمريّة، وفي هذه الحال لا بدّ من تدريبها على تفهّم قدراتها، باللين والدّعم وبث الثّقة بالنّفس، وحثّها المتواصل من خلال توضيح الأساليب السويّة في التّفاعل مع الأشخاص من حولها.
أ. أميمة صوالحة.