ماذا أفعل مع تصرفات أخي الصغير؟

  • التصنيفات: استشارات تربوية وأسرية -
السؤال:

لدي أخ صغير يصغرني ب4 أعوام، حاليًا عمره 20 سنة، أخي حنون وطيب ويحب المزاح، لكن عندما يغضب يصبح سيئًا جدًا، ألفاظه وكلامه وتصرفاته وردود فعله، مرة أخبرني بأنه يحبنا، لكن أفعاله عكس ذلك تمامًا.

خرجنا نحن البنات مع أمي إلى الحديقة مع السائق، وعند عودتنا حدثت مشكلة بأن أخي الصغير غضب، لأننا ذهبنا مع السائق ولم نذهب معه هو، فهو يرى بأن السائق لا نستخدمه إلا للمدرسة والسوق فقط، أما الحديقة لا نذهب معه، ورفع صوته وبدأ بالصراخ على أمي وأختي الكبرى، واستخدم ألفاظًا سوقية، ولمح لأختي بأن لها قصد غير شريف بذهابها إلى الحديقة.

وبعد المشكلة خرج من البيت، أمي بكت، وأختي تفجرت براكين الغضب فيها، وأنا وإخوتي حزنَّا كثيرًا على أمي، وغضبنا منه كثيرًا، كنا سعيدين، ثم جاء هو وأفسد جو البيت بالكامل، وكان هذا بأول يوم في رمضان.

غضبت أنا وإخوتي منه كثيرًا، ولم نكلمه، وباليوم الثاني كلمني ولم أرد عليه، مزح معي ولم تصدر مني ردة فعل، وباليوم الثالث أحسست بأنه يجب أن أفعل شيئًا، يجب أن أخبره بأني غاضبة منه، وسبب غضبي، وأريده أن يعتذر ويعد بأن لا يكررها، جهزت له فطوره وكتبت له بورقه فيها: "أنا حزينة منك كثيرًا، وأعددت لك الفطور لسببين:

الأول: لأنك أخي (صلة الرحم) والثاني: لأنك صائم.. رأيت الدموع بعيني أمي، وأمي هي أهم إنسانة بحياتي، بل هي حياتي، أصلح المسألة، فنحن برمضان لنستغله بالعبادة والطاعة.
 

لم يرد على رسالتي، إنما تجاهلني، وفعلها لعدة أيام، ولم يعتذر لأمي، أُصلح له الفطور، فيأخذه بغرفته ويتناوله، ويدخل علي بالمطبخ فيأخذ حاجته التي يريدها ويخرج، يتجاهلني ولا يسلم حتى، دخلت أمي عليه الغرفة تخبره بأنها قد غسلت ملابسه ليأخذها معه عند سفره، فكان زعلانًا كأننا نحن المخطئين وليس هو!!

أخبرنا أخي الكبير بالأمر ليكلمه، فكلمه، ثم قال لنا: بأنه هو كما هو يرى بأنه لم يخطئ، وإنما الخطأ خطؤنا نحن!!

استمر على هذا الحال أسبوعًا، ثم سافر إلى عمله، ومر على المشكلة 10 أيام، لم يتصل بأمي ولا مرة، ولم يتحدث معنا عبر الواتس اب أبدًا، هو هكذا طبعه عندما يخطئ لا يعتذر، يرى أنه هو الصح، ولا يجب علينا أن نحزن، لأنه يعتقد بأنه هو الصواب، يريد أن يلعب دورًا ليس بدوره، ولم نطلب منه ذلك، يعتقد أن كونه ذكرًا يجب أن يكون مسؤولًا عنًا، وأن نخضع لكلامه.

والدي رحل عنا منذ 20 سنة، ونحن أم وبناتها الأربع، ولدينا أخوين، الأول تزوج قبل 5 أشهر، وهو يعتبر الأخ الصغير، أصغر فرد في العائلة.

رأيت مرة برنامجًا يقول فيه الدكتور النفسي: إن في كل علاقة يوجد شخص عاقل، هو من يجب عليه فعل الصواب حتى لو لم يلتزم الطرف الآخر بفعل الصواب، وأنا أشعر بعلاقتي مع أخي بأني أنا العاقلة فماذا أفعل؟ لا أريده أن يفكر بأننا تخلينا عنه أو لا نحبه، لا أعرف كيف أتحدث معه الآن!!

أنا غاضبة منه، أريده أن يعتذر، أشعر أنني إذا سألته عن حاله، فإنه سيعتبر ذلك وكأني راضية منه، لكني حزينة منه ومن أسلوبه معنا، فهي ليست المرة الأولى، دائمًا عندما يخطئ علينا لا يعتذر، إنما يتصرف كأن شيئًا لم يحدث، والمفترض منه هو أن يزعل لا نحن، لكني أريده أن يتوقف من معاملتنا هكذا واحترامنا، فجميعنا أكبر منه.

الإجابة:

أختي الكريمة، أهلًا ومرحبًا بك.

 

 حقيقة: لقد سعدت برسالتك؛ فأنت أخت كبرى حريصة على أواصر الأخوة وعلى الروابط العائلية، وحريصة على بر وسعادة أمك الحبيبة -حفظها الله-، فأنت بالفعل الشخص العاقل الذي يزن الأمور ويحاول البحث عن حلول للأزمات والمشكلات.

 أخيتي، إن سلوك أخيك هذا لم يأت من فراغ، فالظروف العائلية التي مرت الأسرة بها من فقد والدك، وكونكم أربعة إخوة وأخين، فالمجتمعات العربية غالبًا ما تعطي صلاحيات للذكر ومسؤوليات كونه رجل الأسرة، وخاصة بعد زواج أخيك الأكبر أصبح أخوك يشعر بشكل أكبر أنه المسؤول عنكن، وأنه ينبغي لكن الانصياع له.

 وعندما تفكرين في الدافع وراء سلوك وغضب أخيك لوجدته أنه بالطبع الحب والخوف والحرص عليكن، بالطبع لقد أساء التصرف والتعبير، ولكن لاحظي أنه شاب صغير، وربما تلقى بعض التدليل وبالتالي يتصرف بذلك الشكل.

 وحيث إنك عرفت أن أخاك يصعب عليه الاعتذار، وذلك بسبب تكوينه النفسي وأسلوب التربية والمرحلة العمرية، وكونه الذكر الوحيد في الأسرة، لذلك لا تحاولي إجباره على الاعتذار، فأعتقد أنه عرف خطأه بالفعل، وعرف مشاعركم وحزنكم نتيجة لسلوكه.

 ولكن كما فعلت الآن، يمكنك أن توجهيه بشكل غير مباشر، بداية امدحيه بأنه أخ حنون، وتعلمين أنه يحبكن ويخاف عليكن، ولكن أيضًا عليه أن يثق بكن، ولا يغضب أمه، أجل تحدثي إليه وتواصلي معه؛ فهو أخوك فصليه ولا تقطعيه، فخيركم من بدأ بالسلام، فعلاقة الإخوة علاقة دم لا تعوض، والهجر فيها غير مفيد، فإن قطع هو فأوصلي أنت ومدي جسور التفاهم بين أطراف الأسرة، فها هو ذا لا يتواصل مع أمك الحبيبة منذ فترة، وهذا الأمر قطعًا يحزنها، لذلك فلتسرعي بإنهاء تلك القطيعة وتواصلي معه.

 عليكم بالصبر عليه، وثقي أنه مع الوقت ستهدأ كثيرًا انفعالاته، ولا مانع أن تعطونه المسؤولية التي يرغب في تحملها، فهو في الإسلام محرمكن، وهو مع الوقت سيجد أن المسؤولية كبيرة عليه وسيوكلها أو يفوضها تدريجيا لغيره، ولكن لتجعلوه معكم ويشارككن في قراراتكن، وهذا سيسعده كثيرًا.

 تحدثي إليه برفق وبلين، عما تحملته أمكم من أجلكم حتى كبرتم جميعًا واعتمدتم على أنفسكم، وكيف أنها صبرت على تربيتكم بعد وفاة والدكم، وواجبكم الآن هو رد الجميل لها ببرها والإحسان إليها، فلقد وهبت حياتها لكم.

 وأعود وأكرر أنك بالفعل شخصية متزنة وعاقلة ولك دور كبير في إعادة التوازن للأسرة بحكمة وهدوء ولين ورفق ونصيحة حسنة راشدة صادقة.

 أهلًا وسهلًا بك -أختي الكريمة-، سعدت برسالتك، وأدعو الله أن يوفقكن ويسعدكم، ويريح قلب أمك وبالها، ويقر عينها بكم جميعًا، وبانتظار المزيد من استشاراتك.

 

المستشار: د. رباب محيي عمار