خجل ابنتي في التجمعات العائلية فقط

التّمايز بين الأطفال في القدرات بشكلٍ عام، وخاصّة في المهارات الاجتماعيّة، وليس بالضّرورة أنْ تكون استجابات طفلتك الاجتماعيّة متوافقة تمامًا مع شخصيّات الأطفال الآخرين للأسرة.

  • التصنيفات: استشارات تربوية وأسرية -
السؤال:

لدي ابنتي تبلغ من العمر 8 سنوات خجولة، إذا ذهبنا لجمعات الأصدقاء أو العائلة تجلس بجانبي دائمًا ولا تتكلم، حتى إذا سألها أحد الموجودين تلطفًا عن اسمها أو مدرستها، لا ترد.

نحن نعيش في غربة، واختلاطنا بجمعات الصديقات في منازلهم قليل، ما يغيظني: أنها إذا لم تتجاوب وتتحدث مع الموجودين يبدؤون بسؤالي: لماذا ابنتك خجولة؟ أو يقولون مثلًا فلانة (ابنتي) خجولة مثل فلان وفلان، وأنا أكره أن أسمع هذا الكلام عنها، لأنه يعزز لديها فكرة عن نفسها أنها فعلاً خجولة.

لا أستطيع التحكم بما يقوله الناس من دون قصد الأذية طبعًا، فلذلك يضايقني، وبنفس الوقت لا أدري ماذا أفعل لأنقذها من الإحراج أو التضايق في داخلها، مع العلم أنها مع أصدقائها، وفي المدرسة شخصيتها جيدة، وتتفاعل معهم بشكل عادي، أشركتها في بعض الأنشطة، كالجمباز، والسباحة، حتى تكسر حاجز الخجل، وكان كما قلت: المشكلة فقط في التجمعات العائلية، ليست في المدرسة أو مع صديقاتها.

الإجابة:

الأم العزيزة: أسعدك الله وطفلتك وجعلها قرّة أعين.

من الطّبيعي أن يحدث التّمايز بين الأطفال في القدرات بشكلٍ عام، وخاصّة في المهارات الاجتماعيّة، وليس بالضّرورة أنْ تكون استجابات طفلتك الاجتماعيّة متوافقة تمامًا مع شخصيّات الأطفال الآخرين للأسرة، كما أنّ مهارات طفلتك الاجتماعيّة يمكن قياسها بشفافيّة والحكم عليها بشكلٍ أكثر مصداقيّة ضمن البيئة المدرسيّة، وذلك لوجود عنصر التّكافؤ في الفرص بين الأطفال من حيث العمر، فلا حاجة لإثارة القلق حول سلوك طفلتك وسط العلاقات الاجتماعيّة الأسريّة فليس في ذلك مقياس سويّ.

كما أنّ الخجل يُعد جزءً طبيعيًّا من شخصيّة الأطفال، كما أنّه يصنّف ضمن الانفعالات التي تنشأ كنتيجة طبيعيّة لضعف الشّعور بالأمان ضمن مجموعات البالغين والغرباء، وتحتاج للتّدريب وتعزيز الثّقة بالنّفس وتوفير فرص التّفاعل الإيجابي بصورة تدريجيّة.

وننصحك بأنْ تقومي بتوضيح تلك الأمور بشفافيّة لمجموعات الأهل والأصدقاء، وتوضيح الآثار السّلبيّة للتّوجيهات غير المدروسة والانتقادات من قبل الآخرين، وكذلك المقارنات غير العادلة، وتشجيع طفلتك بعيدًا عن النّقد بالمشاركة في بعض الأنشطة الجماعيّة التي تزيد من قدرتها على التّكيّف والتّفاعل الاجتماعي، ومن ضمن هذه الأنشطة النّوادي الرّياضيّة.

وللمزيد من الفائدة نضيف ما يلي:

أولًا: من الأسباب الرّئيسيّة للخجل عند الأطفال:

  • الدّلال المفرط، والحماية الزّائدة أو العكس: كالإهمال والقسوة البالغة.
  • نقص الثّقة بالنّفس أو الشّعور بالنّقص.

  • الخوف من الغرباء والبالغين لأسباب نفسيّة تربويّة كالتّعرّض لخبرات سلبيّة أو أساليب تحذير مبالغ فيها.

  • سمات شخصيّة وخصائص موروثة عن أحد الوالدين.

  • الانتقاد المتواصل، مما يؤثر على شخصيّة الطّفل ويؤدّي إلى هدمها.

  • التّذبذب في التّعامل مع الأطفال وعدم الثّبات في أساليب التّربيّة.

  • الحذر من السّخرية وتحرّي آراء البالغين بحذر وتخوّف.

  • نقص الخبرات والممارسات الاجتماعيّة.

  • الحساسيّة الشديدة لأسباب تابعة للهيئة العامّة للطّفل.

 

ثانيًا: من المظاهر المصاحبة لمشكلة الخجل وتؤكّده عند الأطفال:

  • التّردّد في اتخاذ القرارات، وضعف الثّقة بالنّفس والآخرين، وضعف القدرة على المبادرة.

  • ضعف المشاركات الاجتماعيّة على أكثر من صعيد، ولذلك فالعلاقات الاجتماعيّة السّويّة لطفلتك في بيئة المدرسة تُعد مؤشّر إيجابي لشخصيّة اجتماعيّة سويّة، بينما يعد الخجل ضمن العلاقات الأسريّة مرتبط بالمثيرات البيئيّة خلال حلقات التّواصل.

  • الخوف والحذر، والقلق من المشاركة في الحلات الجماعيّة.

 

ثالثًا: من أهم أساليب الدّعم والمساعدة:

  • بث الرّسائل الإيجابيّة وتحسين نظرة طفلتك لذاتها والثّناء عليها.

  • إتاحة الفرص لها للتّحدّث عن نفسها وخبراتها ضمن حلقات أسريّة وعلاقات تثق بها، ثمّ تعميم تلك المشاركات على بيئة واسعة.

  • تحفيزها للتّعبير عن نفسها وطرح آرائها ومشاركتها بالثّناء على تلك الآراء وأخذها بعين الاعتبار.

  • منحها فرصة اتخاذ القرار، ومشاركتها الحوار في بيئة الأسرة وأحاديث البالغين كالأبوين.

  • استثمار جانب ثقافة الأطفال لزيادة حصيلتها العلميّة الثّقافيّة من خلال قراءة قصّة يوميّة، واصطحابها لمكتبة الأطفال لاختيار بعض الكتب التي تزيد من شعورها بالثّقة.

  • الحرص على أنْ تجد أقرانًا من فئتها العمريّة للعب معهم خلال اجتماعات الأسرة، لأنّه من الطّبيعي أنْ تشعر بالخجل في حال عدم تكافؤ الأعمار، وعدم وجود اهتمامات مشتركة تجمع بينها وبين الأشخاص في جلسات العائلة.

    وأخيرًا: البعد عن الاستثمار السّلبي لوسائل التّكنولوجيا في حياة طفلتك، لأنّها من الأدوات التي تضعف قدرة الأطفال على التّفاعل السّوي مع الآخرين، وتشغل ذهنهم بالجانب الإلكتروني فحسب.

المستشار: أ.أميمة صوالحة