أمانة أمومة

على الأم مواكبة المستجدات ومعرفتها ودراستها، -وإن أثقل عليها ذلك- حتى لا يفصل بينها وبين أبنائها حاجز حضاري يفقدهم الثقة بآرائها، ومن تعذر عليها ذلك فلتجتهد ولو بالتحصيل المعرفي فقط، ولا تظهر جهلها لهم.

  • التصنيفات: قضايا المرأة المسلمة - استشارات تربوية وأسرية -
السؤال:

كيف أؤدي أمانة أمومتي لأطفالي؟

الإجابة:

الأمومة: كلمة جميلة وضاءة، توهج سناها في أرجاء الأسرة، فما تركت زاوية في البيت إلا وقد تسلل إليها نورها. وما تعدت ابناً أو بنتاً إلا وقد فاضت ينابيع الحنان والعطاء إليهم بدون قياس ولا انتظار ثمن، حتى الجدران الجوفاء والأرضيات الصماء تحولت بفضل الله تعالى إلى عش ينبع بالدفء والأمن والاطمئنان، وما هذا وذاك إلا من هذا الفيض الإلاهي العظيم الذي وهبه الله لهذه الأنثى: إنها الأم.

إنها مادة الأمن لأبنائها، ومصدرالصفاء والنقاء لقلوبهم، وذخيرة العلم لعقولهم، وبلسم الآداب لأخلاقهم وقيمهم.
إنها الخادمة التي لا تفتر والعاملة التي لا تمل، فما أعظم أجرها وما أجزل جزاءها، إن هي حملت الأمانة وبلغت الرسالة، وأي رسالة أعظم من رسالة الأمومة والرعاية الأسرية.

قال تعالى معظماً أمر الأمانة العظمى التي اندرجت تحتها الأمانة التربوية: {إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنْسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُوماً جَهُولاً} [الأحزاب:72]، قال الشيخ عبد الرحمن السعدي في تفسير هذه الآية: "يعظم الله تعالى شأن الأمانة التي ائتمن الله عليها المكلفين، التي هي امتثال الأوامر واجتناب المحارم في حال السر والخفية كحال العلانية، وأنه تعالى عرضها على السماوات والأرض والجبال، عرض تخيير لا عرض تحتيم، فأبين أن يحملنها خوفاً أن لا يقمن بما حُمّلن، وعرضها على الإنسان فقبلها وحملها مع ظلمه وجهله"، وجاء في الحديث: «كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته والمرأة راعية في بيت زوجها ومسؤولة عن رعيتها...» (صحيح البخاري:893).

أختي الأم:
هل من الأمانة أن تكلي تربية أبنائك إلى خادمة أجنبية لا تعرف أصول ديننا، فضلاً عن فروعه مع قدرتك على القيام بذلك؟ وهل من الأمانة أن يبحث الأبناء عن صدر حنون يفيضون إليه بمشاعرهم، ويشكون إليه معاناتهم فلا يجدونه، فإما أمٌّ خارجة منشغلة وإما موجودة متشاغلة؟ وهل من الأمانة أن ترين المجتهد المصيب فلا تكافئينه على إحسانه ولا تمجدينه بين أقرانه؟ أو ترين المخطئ المريب فلا تأخذين على يده ولا ترشدينه إلى صوابه؟

قد نعتذر نحن الأمهات بكثرة المشاغل وازدحام المسؤوليات، ولكنها والله المسؤولية الكبرى والأمانة العظمى، ونجاحها مرتبط بتوفيق الله عز وجل ومعونته، فذلك فضل الله يؤتيه من يشاء والله ذو الفضل العظيم.

أختي المربية:
إليك هذه الإشراقات لعلها تكون عوناً لك في المسيرة التربوية:
1- تقوى الله عز وجل في أداء هذه الأمانة والاستعانة به في أدائها ولزوم الدعاء والتسلح بالطاعات، لما لها من الأثر العظيم في تقوية الإيمان الذي من ثمراته الاحتساب والصبر على هذه المسؤولية.

2- قرار الأم في بيتها قرارٌ لنفوس أبنائها.
4- التقسيم المنظم للوقت حل جذري لإعطاء كل ذي حق حقه.
4- الاحتضان والاحتواء وكسر الحواجز بين الأم والأبناء، باستماعها لهم وتقديرها لاهتماماتهم، وإشعارهم بالأمان والثقة بهم خير حاجز لهم عن المحرمات، ومفتاح لقبول التوجيهات.

5- على الأم مواكبة المستجدات ومعرفتها ودراستها، -وإن أثقل عليها ذلك- حتى لا يفصل بينها وبين أبنائها حاجز حضاري يفقدهم الثقة بآرائها، ومن تعذر عليها ذلك فلتجتهد ولو بالتحصيل المعرفي فقط، ولا تظهر جهلها لهم.

6- القدوة الحسنة بأن تربي الأم نفسها على التحرر من التبعية والتقليد لأهل الباطل، وأن تسعى لتحقيق الانتماء لهذا الدين والسير وفق عقيدة الولاء والبراء، مستنيرة بالعلم الشرعي مما قاله الله في كتابه ومحمد صلى الله عليه وسلم في سنته.
والحمد لله الموفق والهادي إلى سواء السبيل.


أم عبد الله