أشعر بالملل أثناء المذاكرة وأسرح لفترات طويلة

تأثير الحالة العاطفيّة والجانب الانفعالي على نجاح العمليّة التّعليميّة واكتساب المعرفة، ولا شك بأنّها علاقة ترابطيّة وثيقة، فالاحتفاظ بالبيانات واسترجاعها يمر عبر قنوات رئيسيّة في الدّماغ مسؤولة عن نجاح عمليّة التّعلّم.

  • التصنيفات: استشارات تربوية وأسرية -
السؤال:

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

كنت في السنوات الماضية أشعر بالسعادة أثناء المذاكرة، ولكن في الوقت الحالي لا أحبّ الدّراسة، وأشعر بالملل أثناء المذاكرة والسرحان لفترات طويلة، ولا أستطيع النّوم لأيام كثيرة، وأشعر دائمًا بالخوف من الامتحانات والمستقبل.

أرجوكم أفيدوني.

الإجابة:

الابنة الغالية: حفظك الله، وأسعد قلبك بالتّفوّق والنّجاح.

نقدّر حرصك في الوصول للفائدة من خلال الاستشارة لاستعادة نشاطك العلمي، والعودة للمذاكرة بجدٍ واجتهادٍ كسابق عهدك، وما أشرتِ إليه ضمن استشارتك هو تأثير الحالة العاطفيّة والجانب الانفعالي على نجاح العمليّة التّعليميّة واكتساب المعرفة، ولا شك بأنّها علاقة ترابطيّة وثيقة، فالاحتفاظ بالبيانات واسترجاعها يمر عبر قنوات رئيسيّة في الدّماغ مسؤولة عن نجاح عمليّة التّعلّم، تلك القنوات:

  • العقل التّحليلي: وهو الجزء من الدّماغ الذي تتم داخله عمليّة الإدراك وتحليل المعلومات وتخزينها، وتوجد عنده الذّاكرة قصيرة المدى وطويلة المدى والخبرات بكافّة أشكالها وأنواعها.
  • العقل العاطفي: وهو الجزء المسؤول عن الحالة المزاجيّة والمشاعر التي تعمل على تفعيل وتنشيط قدرة العقل التّحليلي على التّفاعل بإيجابيّة مع عمليّة الاكتساب.

 

لذلك فالحالة النّفسيّة تلعب دورًا هامًّا في تحسين الأداء العلمي والجانب الأكاديمي، والتّفكير بالمشاعر يضعف قدرة العقل التّحليلي على الإنجاز العلمي؛ مما يؤدّي إلى مما يجعلك بحاجة لتفريغ حالة التّوتر والقلق إزاء الدّراسة، ولتحسين الحالة النّفسيّة وتفعيل أداء العقل التحليلي وتغلبته على المشاعر ننصحك بما يلي:

1- المرونة في التّفكير، ونيل القسط الكافي من النّوم والاسترخاء والرّاحة، والتنفّس العميق للحصول على الكمّ الوفير من الأكسجين، والبدء بانتقاء المعلومات اليسيرة لتحفيز عمل العقل التّحليلي من خلال حالة الاستقرار النّفسي ومشاعر الطّمأنينة.

2- تناول الغذاء الصّحي والحرص على تناول الأغذيّة الغنيّة بهرمون السّعادة السيروتونين (Serotonin) الذي يُساعد على مقاومة المشاعر السّلبيّة كالاكتئاب والملل والقلق والشّعور بالنّقص، ومن تلك الأطعمة: السّبانخ، والأسماك، والمشروم، والشوكولاتة الدّاكنة، والأفوكادو، وبعض المكسرات والبقوليّات، والحرص على تناول كميّات كافية من الماء.

3- ممارسة الأنشطة المنوّعة وأهمّها الرياضة، وخاصّة الصّباحيّة منها، نتيجة للتّأثير الإيجابي على تحفيز عمل الدّماغ وتحسين الحالة النّفسيّة والمساعدة على الإبداع والتّفوّق ورفع نسبة هرمون السيروتونين (Serotonin).

4- استمداد القوّة والأمل والتّفاؤل وانشراح الصّدر من التّواصل مع الأهل وذوي الخبرات، والشّخصيّات الإيجابيّة من حولك، والاستعانة بآرائهم والاستفادة من خبرات النّاجحين، واستثمار علاقات الصّداقة في تحفيز الدّافعيّة، وإشعال الطّاقات والهمم.

5- الحرص على النّظام الذي يشمل مكان التعلم، والأوقات وجدول الأعمال الخاصّة بكلّ يوم، والأدوات والإضاءة الجيّدة.

6- توفير وسائل الدعم النّفسي؛ وأهمّها الثقة بالنّفس، والإيمان بالقدرات الذّاتيّة وعدم الاستسلام لليأس أو مشاعر الإحباط، واستحضار الذّكريات التي تبث في داخلك روح الأمل، وتذكّرك بالنّجاحات السّابقة، والبعد عن محاور القلق، كما يمكنك كتابة بعض العبارات التّشجيعيّة على ملصقات وتعليقها على جدران المكان.

7- كسر حاجز الرّوتين بالبعد عن مواطن الملل، والخروج قليلاً عن المألوف بالتّغيير على وسائل التّعلّم والأدوات، وأساليب ترتيب مكتبك وغرفتك الخاصّة أو ركن التّعلّم.

8- استحضري بين لحظةٍ وأخرى أهدافك، والغايات العظيمة التي تطمحين إلى تحقيقها، كالتّفكير بالنتائج الإيجابيّة لتحقيق التّفوّق، كالفخر بما أنجزت ونيل أعلى الدّرجات، ومرضاة الله من طلب العلم، والوصول إلى المهنة التي تطمحين إلى ممارستها، أو اكتساب الثقافة والمعرفة، ومشاركة أفراد المجتمع بالنّقاش والقدرة على الخطاب والتوّاصل والتّفاعل وتحقيق المزيد من التّميّز.

9- تفعيل دور الحواس الخمسة في اكتساب المعلومات وتثبيتها، وعليك تقدير طبيعة ذكاءك ونوعه، وتفعيل الحاسّة الأكثر قدرة على الاكتساب لديك لتنشيط القدرة على التّعلّم مما يزيد من دافعيّتك وقدرتك على الدّراسة، فإنْ كنتِ ذات ذكاء حركي فأنتِ ممن يميل إلى تغيير المكان والحركة والتّنقّل أثناء الحفظ والتّعلّم، وإنْ كنتِ ذات ذكاء بصري فأنتِ تميلين إلى التّعلّم من خلال صور ومقاطع مرئيّة، وإعداد الخرائط الذّهنيّة التي تعمل على إدخال المعلومات وتثبيتها على شكل صور ذهنيّة.

10- التّركيز على الحقائق الرّئيسيّة، وتلخيص المواد لتبسيط المعلومات وتحفيز الأداء، واستخدام أوراق الملاحظات الملوّنة، والإشارة بالعلامات التي توضّح الانتهاء من كلّ جزء لتوفير الدّافعيّة والشّعور بالطّمأنينة لحسن الأداء وسرعة الإنجاز.

 

أخيرًا: إنّ العقل والبدن ثوبّ الرّوح التي لا يمكن إشباعها طمأنينة واسترخاء إلا باللجوء إلى الله والتّوكّل عليه حقّ التّوكّل، والتّوجّه إليه –سبحانه– بالطّاعة والعبادة والدّعاء العريض والذّكر، عندها تطمئنّ نفسك، وتعود إليك طاقتك التي خفتت -بإذن الله-، ولا تنسي بأنّ الحياة مراحل تمرّين بها تاركةً خلفك بصمات النّجاح التي لا تُنسى فاحرصي على أنْ تكون هذه المرحلة أجمل بصمة تعبرين بعدها إلى عالم مستمرٍ من النّجاحات.

المستشار: أ.أميمة صوالحة