ابنتي لديها تخوف من بعض الأطمعة .. فهل من إرشاد؟

بعض المشكلات الغذائيّة أثناء مراحل الطّفولة قد تلعب دورًا في تشكيل حالة نفسيّة سيئة حول أنماط التّغذية وقد تمتد لفترات طويلة من العمر، كما أنّ بعض القيم والمفاهيم حول أنماط التّغذية قد تدوم إلى الأبد من حيث التّأثير النّفسي ما لم يتم علاجها بكفاءة.

  • التصنيفات: استشارات تربوية وأسرية -
السؤال:

ابنتي الكبرى عندما كان عمرها 9 شهور أصيبت بأعراض تشبه أعراض أنيميا الفول، وتم التشخيص خطأ على أنها أنيميا الفول، وكتب الطبيب لستة بالممنوع من الأطعمة، ونظرًا لصغر سن ابنتي ووجودها معي في حضانة للأطفال بانتظام، فقد شددت عليها في عدم تناول أي أكل من أحد مهما كان، لأن الأكل سيتعبها، وأظن أني يمكن أن استخدمت لفظ (هيموتك).

 ونظرًا لأن البنت تتمتع بذكاء وسرعة بديهة، فقد استوعبت الرسالة وطبقتها حرفيًا لمدة سنتين أو أكثر قليلًا، اكتشفنا أنها سليمة تمامًا، وبدأنا وقتها؛ وخاصة والدها بأسلوب ترغيب وتحبيب في تشجيعها على الأكل من أصناف الطعام المختلفة، واستجابت، ولكن ببطء، وبدأت تقبل على الأكلات التي يعجبها شكلها فقط، ولا تعطي فرصة للتذوق طالما لا يعجبها شكلها مهما كانت المحفزات من قبلنا.

 والآن هي تبلغ 18عامًا، وتفهم حقيقة المشكلة، وتريد التغير بإصرار، وتطلب مشورتكم، وللعلم في حالة إقبالها على طعام لأول مرة تشعر بآلام بالبطن، ورغبة في القيء، واحتقان بالوجه، وتمتنع عن الاستمرار في المحاولة، وهي الآن بجواري عند كتابة الرسالة، وننتظر ردكم.

الإجابة:

العزيزة الأم الغالية: حفظك الله وابنتك، وسائر أحبّتك، كما نشكر لك ثناءك وثقتك بنا، نسأل الله أنْ نكون عند حسن ظنك.

لا خلاف على أنّ بعض المشكلات الغذائيّة أثناء مراحل الطّفولة قد تلعب دورًا في تشكيل حالة نفسيّة سيئة حول أنماط التّغذية وقد تمتد لفترات طويلة من العمر، كما أنّ بعض القيم والمفاهيم حول أنماط التّغذية قد تدوم إلى الأبد من حيث التّأثير النّفسي ما لم يتم علاجها بكفاءة، إلا أنّه من غير الممكن تجاهل الجانب الطّبي في مجال الحساسيّة العضويّة تجاه بعض أنواع الأطعمة خاصّة مع إشارتك بأنّ بعض المشكلات الصّحيّة واجهتها منذ مراحل الطّفولة الأولى وإنْ كانت غير مؤكدة.

فربّما تكون رهبة ابنتك من بعض أنواع الأطعمة متعلّقة بكلا الجانبين العضوي والنّفسي، ولا نخفيكِ بأّن الحساسيّة ضد بعض الأطعمة من الجانب العضوي تحتاج لكفاءة علميّة طبيّة متخصّصة، وكثيرًا ما يفشل الكثير من الأطبّاء في تشخيص طبيعة الحساسيّة ليس لنقصٍ في كفاءتهم وقدراتهم التّخصّصيّة المهنيّة، وإنّما للحاجة الماسّة للكثير من التّحاليل المخبريّة باهظة التّكلفة التي يتطلبها الأمر.

 

ونفيدك ببعض المسارات التي نسأل الله أنْ يكتب من خلالها الشّفاء:

أولًا: الجانب العلاجي العضوي:

  • الأعراض الصّحيّة التي تظهر على ابنتك تنطبق على الحالات المصابة بنقص أنزيم اللاكتيز والذي يؤدي إلى سوء هضم الأمعاء لسكر الحليب، مما يؤدّي إلى تلك الحساسيّة لفترات طويلة من بعض أنواع الأطعمة والتي يدخل الحليب أو أحد مشتقاته في صناعته.
  • يُعد هذا النّوع من الحساسيّة ضد الحليب ومشتقاته من المشكلات الشّائعة والتي تظهر خلال فترات عمريّة مبكّرة، وأحيانًا بعد البلوغ.

  • لذلك ننصحك بمراقبة طبيعة الأطعمة التي تسبب لابنتك تلك الأعراض، فإنْ كانت غالبيتها من مشتقات الحليب، فالأفضل مراجعة الطّبيب الذي بدوره ربّما يصف لها علاجًا أو بعض العقاقير التي تزيد من إفراز هرمون اللاكتيز في الأمعاء وتساعد على تحسين قدرة الأمعاء على هضم سكر الحليب ومن هذه العلاجات " LACTASE 3500 ".

 

ثانيًا: وفي حال عدم ارتباط الأعراض بالمشكلات الصّحيّة العضوية فالأمر متعلّق بالحالة النّفسيّة وأنماط التّربية الغذائيّة السّلبيّة خلال فترات الطّفولة نتيجة الخطأ في تشخيص الحالة الصّحيّة، وننصحك بما يلي:
 

  • غالبًا ما يتضاعف حجم المشكلات الغذائيّة عند التّركيز عليها، لذلك جانب كبير من العلاج يكمن في تجاهل المشكلة تمامًا، وانتقاء ما يطيب لها من الأطعمة وترك ما تعافه نفسها، كما أنّ أصناف الطّعام بكافّة أشكالها تحتوي على البدائل الكثيرة من كلّ قائمة، إضافة إلى إمكانيّة الاستعانة بالفيتامينات المكمّلات الغذائيّة للحصول على حاجة الجسم من العناصر الغذائيّة.

  • كونها تفضّل أصناف الطّعام حسب الشّكل الذي يروق لها، يمكن إتاحة الفرصة لها لتزيين الأطعمة والأطباق وأصناف الطّعام المختلفة تحت إشرافها، وتعزيز ذلك في داخلها بصورة تدريجيّة لترغيبها في تناول عدد أصناف أكثر تنوّعًا.

  • مساعدتها على التّحرّر التّدريجي من الخبرات السّلبيّة السّابقة حول أصناف الطّعام، من خلال غرس القناعات الإيجابيّة حول مذاق الأطعمة وتزينه بما ترغب من أنواع الخضروات أو الفاكهة، ومزج الأطباق بالمنكّهات التي تطيب لها.

  • إحلال خبرات إيجابيّة بصورة تدريجيّة، فمن الطّبيعي أنْ تشعر بالغثيان اتجاه أصناف الطّعام التي طالت فترة رفضها لها ما لم تجرّبها لمرّة أو أكثر، ويمكن الاستعانة بمشاركتها الأطعمة مع بعض الصّديقات المقرّبات لها، فالشّراكة مع من تحب في تناول الأطعمة يُساعد على فتح الشّهيّة وتقبّل بعض الأطباق غير المرغوبة.

  • تناول الأطعمة على شكل متقطّع، والبدء بكميّة قليلة جدًا لأوّل مرّة، لتهيئة النّفس والأمعاء على قبول تلك العناصر الغذائيّة واستقبال نكهاتها غير المعتادة.

وأخيرًا: في حال عدم التّحسن لا بأس من متابعة أخصائيّة التّغذية، إضافة إلى الأخصائيّ النّفسي المباشر لتوفير جلسات العلاج السّلوكي المعرفي لعلاج الأسباب النّفسيّة والتّخلّص من الخبرات السّلبيّة.

 

المستشار: أ.أميمة صوالحة