إمام يصلي بالناس وشكَّ هل توضأ أم لا

محمد بن صالح العثيمين

  • التصنيفات: فقه الطهارة -
السؤال: ما رأي فضيلتكم في إمام يصلي بالناس صلاة الجمعة وفي التشهد شك هل توضأ أم لا، فما الحكم؟
الإجابة: قبل الإجابة على هذا السؤال، أحب أن أبين قاعدة نافعة في باب الحدث وغيره، وهي أن الأصل بقاء ما كان على ما كان، وهذا الأصل مبني على ما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم ، في الرجل يخيل إليه أنه أحدث، فقال: "لا ينصرف حتى يسمع صوتاً أو يجد ريحاً"، ومن أمثلة هذا الأصل إذا كان الإنسان قد توضأ، فشك هل أحدث أم لا؟ فإنه يبقى على وضوئه وطهارته، لأن الأصل بقاء الطهارة وعدم الحدث ومنه -أي من هذا الأصل- إذا أحدث الإنسان ثم شك هل رفع حدثه أم لم يرفعه؟

فإن الأصل بقاء الحدث وعدم رفعه، فعليه أن يتوضأ إن كان الحدث أصغر، وأن يغتسل إن كان الحدث أكبر، وبناء على ذلك فإننا نقول في مثل هذه الحال التي ذكرها السائل: لو شك الإمام في أثناء الصلاة في التشهد الأخير، أو فيما قبله، هل تطهر من حدثه أم لا؟ فإن الأصل عدم الطهارة، وحينئذ يجب عليه أن ينصرف من صلاته، وأن يعهد إلى أحد المأمومين بإتمام صلاة الجماعة، فيقول مثلاً: تقدم يا فلان أكمل الصلاة بهم، ويبنون على ما مضى من صلاتهم، هذا هو القول الراجح في هذه المسألة، وبه يتبين أن صلاة المأمومين ليس فيها خلل، سواء ذكر الإمام في أثناء الصلاة أو بعد تمام صلاته أنه ليس على طهارة، فإن ذكر بعد تمام صلاته فقد انتهت صلاة المأمومين على أنها صحيحة وليس فيها إشكال، وإن ذكر في أثناء صلاته فإن المأمومين لم يفعلوا شيئاً يوجب بطلان صلاتهم لأنهم فعلوا ما أمروا به من متابعة هذا الإمام، والأمر الخفي الذي لا يعلمون به ليسوا مؤاخذين به، لقوله تعالى: {لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلَّا وُسْعَهَا}، وكوننا نلومهم بأمر خفي يتعلق بالإمام، هذا من الأمور التي لا تدخل تحت الوسع.

وعلى هذا فنقول: إذا تبين للإمام في أثناء صلاته أنه ليس على وضوء أو أحدث في أثناء الصلاة فإنه يعهد إلى واحد من المأمومين أن يتقدم فيكمل بهم الصلاة ولا حرج في ذلك، وعلى هذا فنقول لهذا السائل: إذا حصل منك مثل هذا في صلاة الجمعة فإنك تعهد إلى أحد المأمومين يتقدم يكمل بهم صلاة الجمعة، وأما أنت فتذهب تتطهر ثم ترجع فإن أدركت ركعة من الصلاة مع الجماعة في الجمعة، فأتِ بعدها بركعة واحدة تكون جمعة، وإن أدركت أقل من ركعة بأن جئت بعد أن رفع الإمام رأسه من الركوع في الركعة الثانية، فقد فاتتك الجمعة فتصليها ظهراً.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

مجموع فتاوى و رسائل الشيخ محمد صالح العثيمين المجلد الحادي عشر - باب نواقض الوضوء.