الفرق بين الإيمان والإسلام
ابن تيمية
- التصنيفات: العقيدة الإسلامية -
السؤال: الفرق بين الإيمان والإسلام
الإجابة: اعلم أن [الإيمان] و[الإسلام] يجتمع فيهما الدين كله، وقد كثر
كلام الناس في [حقيقة الإيمان والإسلام]، ونزاعهم،واضطرابهم.وقد
صنفت في ذلك مجلدات، والنزاع في ذلك من حين خرجت الخوارج بين عامة
الطوائف.
ونحن نذكر ما يستفاد من كلام النبي صلى الله عليه وسلم، مع ما يستفاد من كلام اللّه تعالى فيصل المؤمن إلى ذلك من نفس كلام اللّه ورسوله، فإن هذا هو المقصود.
فلا نذكر اختلاف الناس ابتداء، بل نذكر من ذلك في ضمن بيان ما يستفاد من كلام اللّه ورسوله ما يبين أن رد موارد النزاع إلى اللّه وإلى الرسول خير وأحسن تأويلا، وأحسن عاقبة في الدنيا والآخرة.
فنقول: قد فرق النبي صلى الله عليه وسلم في حديث جبريل عليه السلام بين مسمى [الإسلام] ومسمى [الإيمان] ومسمى [الإحسان].
فقال .
وقال .
والفرق مذكور في حديث عمر الذي انفرد به مسلم، وفي حديث أبي هريرة الذي اتفق البخاري ومسلم عليه، وكلاهما فيه: أن جبرائيل جاءه في صورة إنسان أعرابي فسأله.
وفي حديث عمر: أنه جاءه في صورة أعرابي
. وكذلك فسر [الإسلام] في حديث ابن عمر المشهور، قال .
وحديث جبرائيل يبين أن الإسلام المبني على خمس هو الإسلام نفسه ليس المبني غير المبني عليه، بل جعل النبي صلى الله عليه وسلم الدين ثلاث درجات أعلاها:الإحسان، وأوسطها: الإيمان، ويليه:الإسلام، فكل محسن مؤمن، وكل مؤمن مسلم، وليس كل مؤمن محسناً، ولا كل مسلم مؤمنا، كما سيأتي بيانه إن شاء اللّه في سائر الأحاديث، كالحديث الذي رواه حماد بن زيد، عن أيوب، عن أبي قلابة، عن رجل من أهل الشام، عن أبيه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال له" رواه أحمد، ومحمد بن نصر المروزي.
ولهذا يذكر هذه (المراتب الأربعة) فيقول .
وهذا مروي عن النبي صلى الله عليه وسلم من حديث عبد اللّه بن عمرو، وفَضَالة بن عبيد وغيرهما بإسناد جيد، وهو في السنن، وبعضه في الصحيحين.
وقد ثبت عنه من غير وجه أنه قال .
ومعلوم أن من كان مأموناً على الدماء والأموال؛ كان المسلمون يسلمون من لسانه ويد، ولولاا سلامتهم منه لما ائتمنوه.
وكذلك في حديث عبيد بن عمير، عن عمرو بن عَبَسة.
وفي حديث عبد اللّه بن عبيد بن عمير أيضاً عن أبيه، عن جده؛ .
ومعلوم أن هذا كله مراتب، بعضها فوق بعض، وإلا فالمهاجر لابد أن يكون مؤمناً، وكذلك المجاهد؛ ولهذا قال ، وقال في الإسلام: .
والأول مستلزم للثاني؛ فإن من كان خلقه السماحة، فعل هذا بخلاف الأول؛ فإن الإنسان قد يفعل ذلك تَخَلُّقاً، ولا يكون في خلقه سماحة وصبر.
وكذلك قال: .
وقال: ، ومعلوم أن هذا يتضمن الأول؛ فمن كان حسن الخلق فعل ذلك.
قيل للحسن البصري: ما حُسْن الخلق؟ قال: بَذْل النَّدَى، وكَفُّ الأذى، وطلاقة الوجه. فكف الأذى جزء من حسن الخلق.
وستأتي الأحاديث الصحيحة بأنه جعل الأعمال الظاهرة من الإيمان كقوله .
وقوله لوَفْد عبد القَيْس .
ومعلوم أنه لم يرد أن هذه الأعمال تكون إيماناً باللّه بدون إيمان القلب؛ لما قد أخبر في غير موضع، أنه لابد من إيمان القلب، فعلم أن هذه مع إيمان القلب هو الإيمان، وفي المسند عن أنس، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال .
وقال صلى الله عليه وسلم .
فمن صلح قلبه صلح جسده قطعاً، بخلاف العكس.
وقال سفيان بن عُيَيْنَة: كان العلماء فيما مَضى يكتب بعضهم إلى بعض بهؤلاء الكلمات: من أصلح سَرِيرَته، أصلح اللّه علانيته، ومن أصلح ما بينه وبين اللّه، أصلح اللّه ما بينه وبين الناس، ومن عمل لآخرته، كَفَاه اللّه أمر دنياه.
رواه ابن أبي الدنيا في كتاب [الإخلاص].
فعلم أن القلب إذا صلح بالإيمان، صلح الجسد بالإسلام، وهو من الإيمان؛ يدل على ذلك أنه قال في حديث جبرائيل .
فجعل الدين هو الإسلام، والإيمان، والإحسان.
فتبين أن ديننا يجمع الثلاثة، لكن هو درجات ث، لكن: مسلم ثم مؤمن ثم محسن، كما قال تعالى:{ ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِّنَفْسِهِ وَمِنْهُم مُّقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيْرَاتِ بِإِذْنِ اللَّهِ} [فاطر:32]، والمقتصد والسابق كلاهما يدخل الجنة بلا عقوبة، بخلاف الظالم لنفسه.وهكذا من أتى بالإسلام الظاهر مع تصديق القل، لكنن لم ، والمحسنونب عليه من الإيمان الباطن، فإنه معرض للوعيد، كما سيأتي بيانه إن شاء اللّه.
وأما [الإحسان] فهو أعم من جهة نفسه، وأخص من جهة أصحابه من الإيمان.
و[الإيمان]أعم من جهة نفسه،وأخص من جهة أصحابه من الإسلام.فالإحسان يدخل فيه الإيمان، والإيمان يدخل فيه الإسلام،والمحسنون أخص من المؤمنين،والمؤمنون أخص من المسلمين.
وهذا كما يقال: في [الرسالة والنبوة]، فالنبوة داخلة في الرسالة، والرسالة أعم من جهة نفسها، وأخص من جهة أهلها؛ فكل رسول نبي، وليس كل نبي رسولاً، فالأنبياء أعم، والنبوة نفسها جزء من الرسالة، فالرسالة تتناول النبوة وغيرها بخلاف النبوة؛ فإنها لا تتناول الرسالة.
والنبي صلى الله عليه وسلم فسر [الإسلام والإيمان] بما أجاب به، كما يجاب عن المحدود بالحد، إذا قيل: ما كذا؟ قيل: كذا، وكذا.
كما في الحديث الصحيح، لما قيل .
وفي الحديث الآخر .
وبَطَر الحق: جحده ودفعه.
وغَمْط الناس: احتقارهم وازدراؤهم.
وسنذكر إن شاء اللّه تعالى سبب تنوع أجوبته، وإنها كلها حق.
ولكن المقصود أن قوله ، كقوله كما ذكر في حديث جبرائيل؛ فإن الأمر مركب من أجزاء، تكون الهيئة الاجتماعية فيه مبنية على تلك الأجزاء ومركبة منها؛ فالإسلام مبني على هذه الأركان وسنبين إن شاء اللّه اختصاص هذه الخمس بكونها هي الإسلام، وعليها بني الإسلام، ولم خصت بذلك دون غيرها من الواجبات؟
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
مجموع فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى - المجلد السابع.
ونحن نذكر ما يستفاد من كلام النبي صلى الله عليه وسلم، مع ما يستفاد من كلام اللّه تعالى فيصل المؤمن إلى ذلك من نفس كلام اللّه ورسوله، فإن هذا هو المقصود.
فلا نذكر اختلاف الناس ابتداء، بل نذكر من ذلك في ضمن بيان ما يستفاد من كلام اللّه ورسوله ما يبين أن رد موارد النزاع إلى اللّه وإلى الرسول خير وأحسن تأويلا، وأحسن عاقبة في الدنيا والآخرة.
فنقول: قد فرق النبي صلى الله عليه وسلم في حديث جبريل عليه السلام بين مسمى [الإسلام] ومسمى [الإيمان] ومسمى [الإحسان].
فقال .
وقال .
والفرق مذكور في حديث عمر الذي انفرد به مسلم، وفي حديث أبي هريرة الذي اتفق البخاري ومسلم عليه، وكلاهما فيه: أن جبرائيل جاءه في صورة إنسان أعرابي فسأله.
وفي حديث عمر: أنه جاءه في صورة أعرابي
. وكذلك فسر [الإسلام] في حديث ابن عمر المشهور، قال .
وحديث جبرائيل يبين أن الإسلام المبني على خمس هو الإسلام نفسه ليس المبني غير المبني عليه، بل جعل النبي صلى الله عليه وسلم الدين ثلاث درجات أعلاها:الإحسان، وأوسطها: الإيمان، ويليه:الإسلام، فكل محسن مؤمن، وكل مؤمن مسلم، وليس كل مؤمن محسناً، ولا كل مسلم مؤمنا، كما سيأتي بيانه إن شاء اللّه في سائر الأحاديث، كالحديث الذي رواه حماد بن زيد، عن أيوب، عن أبي قلابة، عن رجل من أهل الشام، عن أبيه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال له" رواه أحمد، ومحمد بن نصر المروزي.
ولهذا يذكر هذه (المراتب الأربعة) فيقول .
وهذا مروي عن النبي صلى الله عليه وسلم من حديث عبد اللّه بن عمرو، وفَضَالة بن عبيد وغيرهما بإسناد جيد، وهو في السنن، وبعضه في الصحيحين.
وقد ثبت عنه من غير وجه أنه قال .
ومعلوم أن من كان مأموناً على الدماء والأموال؛ كان المسلمون يسلمون من لسانه ويد، ولولاا سلامتهم منه لما ائتمنوه.
وكذلك في حديث عبيد بن عمير، عن عمرو بن عَبَسة.
وفي حديث عبد اللّه بن عبيد بن عمير أيضاً عن أبيه، عن جده؛ .
ومعلوم أن هذا كله مراتب، بعضها فوق بعض، وإلا فالمهاجر لابد أن يكون مؤمناً، وكذلك المجاهد؛ ولهذا قال ، وقال في الإسلام: .
والأول مستلزم للثاني؛ فإن من كان خلقه السماحة، فعل هذا بخلاف الأول؛ فإن الإنسان قد يفعل ذلك تَخَلُّقاً، ولا يكون في خلقه سماحة وصبر.
وكذلك قال: .
وقال: ، ومعلوم أن هذا يتضمن الأول؛ فمن كان حسن الخلق فعل ذلك.
قيل للحسن البصري: ما حُسْن الخلق؟ قال: بَذْل النَّدَى، وكَفُّ الأذى، وطلاقة الوجه. فكف الأذى جزء من حسن الخلق.
وستأتي الأحاديث الصحيحة بأنه جعل الأعمال الظاهرة من الإيمان كقوله .
وقوله لوَفْد عبد القَيْس .
ومعلوم أنه لم يرد أن هذه الأعمال تكون إيماناً باللّه بدون إيمان القلب؛ لما قد أخبر في غير موضع، أنه لابد من إيمان القلب، فعلم أن هذه مع إيمان القلب هو الإيمان، وفي المسند عن أنس، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال .
وقال صلى الله عليه وسلم .
فمن صلح قلبه صلح جسده قطعاً، بخلاف العكس.
وقال سفيان بن عُيَيْنَة: كان العلماء فيما مَضى يكتب بعضهم إلى بعض بهؤلاء الكلمات: من أصلح سَرِيرَته، أصلح اللّه علانيته، ومن أصلح ما بينه وبين اللّه، أصلح اللّه ما بينه وبين الناس، ومن عمل لآخرته، كَفَاه اللّه أمر دنياه.
رواه ابن أبي الدنيا في كتاب [الإخلاص].
فعلم أن القلب إذا صلح بالإيمان، صلح الجسد بالإسلام، وهو من الإيمان؛ يدل على ذلك أنه قال في حديث جبرائيل .
فجعل الدين هو الإسلام، والإيمان، والإحسان.
فتبين أن ديننا يجمع الثلاثة، لكن هو درجات ث، لكن: مسلم ثم مؤمن ثم محسن، كما قال تعالى:{ ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِّنَفْسِهِ وَمِنْهُم مُّقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيْرَاتِ بِإِذْنِ اللَّهِ} [فاطر:32]، والمقتصد والسابق كلاهما يدخل الجنة بلا عقوبة، بخلاف الظالم لنفسه.وهكذا من أتى بالإسلام الظاهر مع تصديق القل، لكنن لم ، والمحسنونب عليه من الإيمان الباطن، فإنه معرض للوعيد، كما سيأتي بيانه إن شاء اللّه.
وأما [الإحسان] فهو أعم من جهة نفسه، وأخص من جهة أصحابه من الإيمان.
و[الإيمان]أعم من جهة نفسه،وأخص من جهة أصحابه من الإسلام.فالإحسان يدخل فيه الإيمان، والإيمان يدخل فيه الإسلام،والمحسنون أخص من المؤمنين،والمؤمنون أخص من المسلمين.
وهذا كما يقال: في [الرسالة والنبوة]، فالنبوة داخلة في الرسالة، والرسالة أعم من جهة نفسها، وأخص من جهة أهلها؛ فكل رسول نبي، وليس كل نبي رسولاً، فالأنبياء أعم، والنبوة نفسها جزء من الرسالة، فالرسالة تتناول النبوة وغيرها بخلاف النبوة؛ فإنها لا تتناول الرسالة.
والنبي صلى الله عليه وسلم فسر [الإسلام والإيمان] بما أجاب به، كما يجاب عن المحدود بالحد، إذا قيل: ما كذا؟ قيل: كذا، وكذا.
كما في الحديث الصحيح، لما قيل .
وفي الحديث الآخر .
وبَطَر الحق: جحده ودفعه.
وغَمْط الناس: احتقارهم وازدراؤهم.
وسنذكر إن شاء اللّه تعالى سبب تنوع أجوبته، وإنها كلها حق.
ولكن المقصود أن قوله ، كقوله كما ذكر في حديث جبرائيل؛ فإن الأمر مركب من أجزاء، تكون الهيئة الاجتماعية فيه مبنية على تلك الأجزاء ومركبة منها؛ فالإسلام مبني على هذه الأركان وسنبين إن شاء اللّه اختصاص هذه الخمس بكونها هي الإسلام، وعليها بني الإسلام، ولم خصت بذلك دون غيرها من الواجبات؟
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
مجموع فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى - المجلد السابع.