حكم إقامة صلاة الظهر بعد الجمعة
عبد العزيز بن باز
- التصنيفات: فقه الصلاة -
السؤال: بلدة فيها نحو من خمسة وثلاثين مسجداً، تؤدى فيها صلاة الجمعة، فإذا
فرغ المصلون من الجمعة صلوا بعدها الظهر، فهل هذا الفعل جائز أم لا؟
الإجابة: قد عُلم من الدين بالضرورة وبالأدلة الشرعية أن الله سبحانه لم يشرع
يوم الجمعة في وقت الظهر إلا فريضة واحدة في حق الرجال المقيمين
المستوطنين الأحرار المكلفين وهي صلاة الجمعة، فإذا فعل المسلمون ذلك
فليس عليهم فريضة أخرى لا الظهر ولا غيرها، بل صلاة الجمعة هي فرض
الوقت، وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه رضي الله عنهم
والسلف الصالح بعدهم لا يصلون بعد الجمعة فريضة أخرى، وإنما حدث هذا
الفعل الذي أشرتم إليه بعدهم بقرون كثيرة، ولا شك أنه من البدع
المحدثة التي قال فيها النبي عليه الصلاة والسلام: " "، وقال عليه الصلاة والسلام: " "
(رواه البخاري ومسلم)، ولا شك أن صلاة الظهر بعد الجمعة أمر محدث ليس
عليه أمره صلى الله عليه وسلم، فيكون مردوداً، ويدخل في البدع
والضلالات التي حذر منها المصطفي صلى الله عليه وسلم، وقد نبه أهل
العلم على ذلك وممن نبه عليه الشيخ جمال الدين القاسمي في كتابه:
"إصلاح المساجد من البدع والعوائد"، والشيخ العلامة محمد أحمد عبد
السلام في كتابه: "السنن والمبتدعات".
فإن قال قائل إنما نفعل ذلك احتياطاً وخوفاً من عدم صحة الجمعة.
فالجواب أن يقال لهذا القائل: إن الأصل هو صحة الجمعة وسلامتها وعدم وجوب الظهر، بل وعدم جوازها في وقت الجمعة لمن عليه فرض الجمعة، والاحتياط إنما يُشرع عند خفاء السنة ووجود الشك والريب، أما في مثل هذا فليس المقام مقام شك بل نعلم بالأدلة أن الواجب هو صلاة الجمعة فقط فلا يجوز غيرها بدلاً منها ولا مضموماً إليها على أنه عملٌ يُقصد منه الاحتياط لصحتها، وإيجاد شرعٍ جديدٍ لم يأذن به الله، وصلاة الظهر في هذا الوقت مخالف للأدلة الشرعية المعلومة من الدين بالضرورة فوجب أن يترك ويحذر، وليس لفعله وجه يعتمد عليه؛ بل ذلك من وساوس الشيطان التي يمليها على الناس حتى يصدهم بها عن الهدى، ويشرع لهم ديناً لم يأذن به الله، كما زين لبعضهم الاحتياط في الوضوء حتى عذبه في الطهارة وجعله لا يستطيع الفراغ منها كلما كاد أن يفرغ منها وسوس له أنها لم تصح وأنه لم يفعل كذا ولم يفعل كذا، وهكذا فعل ببعضهم في الصلاة إذا كبر للصلاة وسوس إليه أنه لم يكبر فلا يزال يوسوس له أنه لم يكبر ولا يزال الرجل يكبر التكبيرة بعد التكبيرة حتى تفوت الركعة الأولى أو القراءة فيها أو غالبها وهذا من كيد الشيطان ومكره وحرصه على إبطال عمل المسلم وتلبيس دينه عليه.
نسأل الله السلامة لنا ولسائر المسلمين والعافية من مكائده ووساوسه إنه سميع قريب.
والخلاصة: أن صلاة الظهر بعد الجمعة بدعة وضلالة وإيجاد شرع لم يأذن به الله، فالواجب تركه والحذر منه وتحذير الناس منه والاكتفاء بصلاة الجمعة، كما درج على ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه بعده والتابعون لهم بإحسان إلى يومنا هذا، وهو الحق الذي لا ريب فيه، وقد قال الإمام مالك بن أنس رحمة الله عليه: "لن يصلح آخر هذه الأمة إلا ما أصلح أولها"، وهكذا قال الأئمة بعده وقبله، والله الموفق.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
مجموع فتاوى ورسائل الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز - المجلد الثاني عشر.
فإن قال قائل إنما نفعل ذلك احتياطاً وخوفاً من عدم صحة الجمعة.
فالجواب أن يقال لهذا القائل: إن الأصل هو صحة الجمعة وسلامتها وعدم وجوب الظهر، بل وعدم جوازها في وقت الجمعة لمن عليه فرض الجمعة، والاحتياط إنما يُشرع عند خفاء السنة ووجود الشك والريب، أما في مثل هذا فليس المقام مقام شك بل نعلم بالأدلة أن الواجب هو صلاة الجمعة فقط فلا يجوز غيرها بدلاً منها ولا مضموماً إليها على أنه عملٌ يُقصد منه الاحتياط لصحتها، وإيجاد شرعٍ جديدٍ لم يأذن به الله، وصلاة الظهر في هذا الوقت مخالف للأدلة الشرعية المعلومة من الدين بالضرورة فوجب أن يترك ويحذر، وليس لفعله وجه يعتمد عليه؛ بل ذلك من وساوس الشيطان التي يمليها على الناس حتى يصدهم بها عن الهدى، ويشرع لهم ديناً لم يأذن به الله، كما زين لبعضهم الاحتياط في الوضوء حتى عذبه في الطهارة وجعله لا يستطيع الفراغ منها كلما كاد أن يفرغ منها وسوس له أنها لم تصح وأنه لم يفعل كذا ولم يفعل كذا، وهكذا فعل ببعضهم في الصلاة إذا كبر للصلاة وسوس إليه أنه لم يكبر فلا يزال يوسوس له أنه لم يكبر ولا يزال الرجل يكبر التكبيرة بعد التكبيرة حتى تفوت الركعة الأولى أو القراءة فيها أو غالبها وهذا من كيد الشيطان ومكره وحرصه على إبطال عمل المسلم وتلبيس دينه عليه.
نسأل الله السلامة لنا ولسائر المسلمين والعافية من مكائده ووساوسه إنه سميع قريب.
والخلاصة: أن صلاة الظهر بعد الجمعة بدعة وضلالة وإيجاد شرع لم يأذن به الله، فالواجب تركه والحذر منه وتحذير الناس منه والاكتفاء بصلاة الجمعة، كما درج على ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه بعده والتابعون لهم بإحسان إلى يومنا هذا، وهو الحق الذي لا ريب فيه، وقد قال الإمام مالك بن أنس رحمة الله عليه: "لن يصلح آخر هذه الأمة إلا ما أصلح أولها"، وهكذا قال الأئمة بعده وقبله، والله الموفق.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
مجموع فتاوى ورسائل الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز - المجلد الثاني عشر.